عبد العزيز الخليفة
أثار وضع الولايات المتحدة حظراً على المنظمات الدولية التي تقدم لها الدعم، عن تمويل مشاريع منظمة “شفق” كبرى المنظمات السورية العاملة في القطاع الإنساني شمال غرب سوريا، مخاوف عشرات المنظمات السورية من وقف التمويل، ما يهدد آلاف الأسر المهجرة في المنطقة الأضعف في سوريا، خاصة أن قرار وقف الدعم جاء بلا مقدمات ولا أسباب معلنة، بحسب مصادر تحدثت لتلفزيون سوريا.
ما قصة وقف تمويل “شفق”؟
أوقفت ثلاث منظمات دولية هي “كير وغلوبل وغول” شراكتها المتعلقة بالمنحة المقدمة من “وكالة التنمية الأميركية” في 27 تشرين الأول الماضي التمويل عن منظمة (شفق) العاملة في قطاعات مختلفة في شمال غرب سوريا، منها الصحة والتغذية والأمن الغذائي والتعافي المبكر والحماية والمياه والتعليم والمأوى، بقرار من “وكالة التنمية الأميركية” التي تقدم الدعم لمنظمات دولية وأخرى أممية تمول مشاريع في سوريا، بدون توضيح، ما دفع بعض المنظمات الدولية إلى البدء بمراجعة تمويل “شفق”، وفقا لمصادر من المنظمة تحدثت لتلفزيون سوريا بشرط عدم الكشف عن اسمها.
وبحسب المصادر، فإن وقف التمويل سوف يوقف عدة مشاريع منها خدمات مياه الشرب والصرف الصحي ونقل القمامة عن نحو 60 مخيما في شمال غرب سوريا، كما سيؤدي إلى وقف السلل الغذائية والخبز المدعوم الذي تقدمه المنظمة عن نحو 7500 أسرة، إضافة إلى وقف دعم مشاريع زراعية لنحو 2000 عائلة، مؤكدة أن مجموع المستفيدين من المشاريع التي توقف الدعم عنها يتجاوز نصف مليون شخص.
مخاوف من وقف الدعم
عبّر ناشطون وعاملون في القطاع الإنساني والمدني في شمال غرب سوريا، يقيمون في مدينة غازي عنتاب جنوب تركيا لتلفزيون سوريا، عن مخاوفهم من وقف الدعم الأميركي للمنظمات العاملين فيها، وتوجيهه إلى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، خاصة مع قرب انتهاء التفويض الدولي بإدخال المساعدات عبر الحدود من معبر باب الهوى، وزيادة دخول قوافل المساعدات من مناطق النظام خلال الفترة الماضية مقارنة بالنصف الأول من العام.
وكانت الولايات المتحدة أعلنت عن تخصيص 756 مليون دولار للمساعدات الإنسانية في سوريا، وذلك خلال جلسة مجلس الأمن الدولي بتاريخ 14 أيلول الماضي، إلا منظمة منسقو الاستجابة التي تغطي الشأن الإنساني في شمال غرب سوريا، قالت في بيان في 15 أيلول، إنه خلال السنوات السابقة لم تستطع الدول المانحة توضيح آلية صرف التعهدات المقدمة من قبلها والتي يذهب أكثر من 60 بالمئة منها كرواتب للموظفين الأمميين (مع العلم بوجود فروقات هائلة بين الموظفين الدوليين والموظفين السوريين العاملين في المنظمات الدولية)، والمشاريع التي أثبتت فشلها من خلال الوقائع الموجودة سواء في سوريا عامة، أو في مناطق شمال غرب سوريا.
حلول إسعافية
وفي انتظار توفر منظمة بديلة تعوض الخدمات التي كانت تقدمها “شفق”، قال إدريس ساطو مسؤول الإغاثة بمجلس جرابلس المحلي، إن مشروع “الوش” (المياه والصرف الصحي) المدعوم من “شفق” توقف عن مخيمات الحلوانية والخلاوي والحجلية والبنان 1 في منطقة جرابلس، موضحا أن المقيمين في المخيمات يقدر عددهم بنحو ألف عائلة.
وقال “ساطو” لتلفزيون سوريا إنهم خاطبوا عددا من المنظمات المحلية والدولية لتعويض التوقف المفاجئ لمنظمة “شفق” وبدأت منظمة “كير” بالعمل في مخيمات منطقة جرابلس التي توقفت فيها “شفق” عبر تقديم خدمات المياه والصرف الصحي ولكن لمدة مؤقتة هي عشرة أيام، وأعرب عن أمله في الحصول على بديل بأسرع وقت، لافتا إلى أن التوقف المفاجئ قد يكون سببا في الحصول على بديل بشكل سريع.
أوضاع إنسانية صعبة
وقالت منظمة “منسقو استجابة سوريا”، في تقرير لها يوم الجمعة 4 تشرين الثاني/نوفمبر، إن ظاهرة الصرف الصحي المكشوف ضمن مخيمات النازحين، تزيد من معاناة النازحين، مؤكدة أن نسبة المخيمات المخدمة بالصرف الصحي تبلغ 37% فقط من إجمالي المخيمات، في حين أن المخيمات العشوائية بالكامل لا تحوي هذا النوع من المشاريع.
وتابعت المنظمة في تقرير سلطت الضوء فيه على وضع المخيمات مع قدوم فصل الشتاء، أن المياه النظيفة والصالحة للشرب غائبة عن 47% من مخيمات النازحين، حيث وصلت أعداد المخيمات غير المخدمة بالمياه أكثر من 658 مخيماً، ويتوقع زيادة أعدادها نتيجة توقف المشاريع الخاصة بها.
ولفتت المنظمة، إلى أن المخيمات تشهد زيادة في الأمراض الجلدية، نتيجة عوامل مختلفة أبرزها انتشار الحشرات واستخدامات المياه، إضافة إلى تزايد الإصابات المسجلة بفيروس كورونا ومرض الكوليرا، نتيجة ضعف توريد المياه النظيفة، وارتفاع أسعار صهاريج المياه.
وقالت إن أكثر من 67% من المخيمات لا تحوي أي نقاط تعليمية أو مدارس، وأن أكثر من 988 مخيماً لا يحوي أي نقاط للتعليم. كما 81% المخيمات تواجه أزمة في تأمين الغذاء، نتيجة ضعف الاستجابة الإنسانية ضمن هذا القطاع، في حين تواجه نسبة 93% من المخيمات أزمة الخبز.
“تحرير الشام” هي السبب
رأى الصحفي السوري أيمن عبد النور المقيم في الولايات المتحدة، أن توقف الدعم يتعلق بشكل أساسي بتقدم “هيئة تحرير الشام” في شمال غرب سوريا وسيطرتها على مناطق كانت خاضعة لسيطرة الجيش الوطني السوري في حلب، لافتا إلى أن مثل هذه القرارات يحدث بشكل مباشر من المسؤولين على الأرض ولا يتخذ من قبل مسؤولين كبار في الإدارة الأميركية ، لكن إعادته هي من اختصاص المسؤولين الكبار وهم ذاتهم مسؤولون عن تغيير أماكن الدعم أو استحداث دعم قطاعات جديدة.
وقال “عبد النور” لتلفزيون سوريا، إن الإدارة الأميركية ولأول مرة منذ 2017 بدأت تتحدث عن إمكانية تمويل منظمات تعمل على دعم الانتقال السياسي في سوريا وخصصت الأسبوع الماضي دعم بقدر 9 مليون لدعم منظمات تعمل بهذه الخصوص، وهو اتجاه جديد مختلف عن طريقة الدعم السابق.
وفي هذه الصدد، اتفق منسق منظمات المجتمع المدني في الائتلاف الوطني السوري، زهير إبراهيم محمد مع رؤية “عبد النور” حول سبب وقف التمويل، مشيرا إلى أن “الائتلاف” لم يبلغ بوقف الدعم لا من قبل “منظمة شفق” ولا “وكالة التنمية الأميركية”.
وأضاف “محمد” في تصريح لتلفزيون سوريا، أن “الائتلاف” سوف يتواصل مع المنظمة المعنية والجانب الأميركي لمعرفة تفاصيل وقف التمويل.
المصدر: موقع تلفزيون سوريا