لقد اتخذ بوتين من الهجمات الصاروخية أحد التكتيكات الأساسية لممراسة الإرهاب بينما أصبح تدمير البنية التحتية المدنية والحيوية هدفاً رئيسياً لشن الحرب في فصل الشتاء. يهدف الكرملين إلى حرمان الشعب الأوكراني من المرافق العصرية، وفي المقام الأول، الكهرباء والتدفئة في محاولة لإجبارهم على الجلوس إلى طاولة المفاوضات. لكن بوتين ليس أول ديكتاتور يمارس الإرهاب ضد الشعب الأوكراني ويستخدم الغذاء كأسلحة ضده. سبق أن قتل الزعيم السوفييتي جوزيف ملايين الأوكرانيين خلال المجاعة الكبرى المصطنعة، وخلفه بوتين الذي يستخدم التكتيك المماثل إلى جانب الإبادة الجماعية بالبرد. ستظل عواقب الحرب الروسية محسوسة لسنوات عديدة قادمة حيث يقوم الروس بقصف البنية التحتية الزراعية وتلويث الأراضي الأوكرانية بعرقلة الصادرات الغذائية الأوكرانية. قبل الحرب الجارية زادت حصة أوكرانيا في زيت عباد الشمس العالمي عن 55% بينما اتجه أكثر من 55% من القمح الأوكراني إلى آسيا و40% إلى البلدان الإفريقية. يشبه الدكتاتور الروسي فلاديمير بوتين الطاغية السوفيتي جوزيف ستالين في أنه يخاف من أوكرانيا والأوكرانيين ومن ديمقراطيتهم ورغبتهم في كونهم جزءاً من أوروبا. ولذلك الحرب التي تشنها روسيا جزء من خطتها لعرقلة هذه العملية ومحاولة لتخويف الأوكرانيين وارتكاب الإبادة الجماعية بحقهم لإعادتهم إلى أحضان الدولة الإرهابية الروسية.
تواصل القوات الروسية شن ضربات هائلة على أوكرانيا تستهدف مرافق الكهرباء والتدفئة. تستغل روسيا فصل الشتاء في أوكرانيا حالياً، وتحاول تعطيل نظام إمدادات الطاقة بحيث يمكن أن يلحق أضراراً كبيرة للبنية التحتية للطاقة ويسبب معاناة للسكان المدنيين. ومن البديهي أن أساليب الكرملين تظل ثابتة ليس خلال هذا الغزو الروسي الشامل فحسب بل خلال قرون عديدة. وفي هذا السياق، يمكن تذكر الأوقات الرهيبة للمجاعة المصطنعة التي حدثت في القرن الماضي قبل 90 عاماً حين أودت سياسة ستالين بحياة الملايين من الأوكرانيين في محاولة لمحو هويتهم. والآن، يرتكب بوتين جرائم مماثلة لكن بالبرد والصقيع مع استمرار تكبد الجيش الروسي خسائر في ساحة المعركة.
لقد ألحق الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا أضراراً جسيمة لا يمكن تعويضها بالاقتصاد الأوكراني والعالمي على حد سواء، واختطف عشرات الآلاف من الأرواح بينما أجبر الملايين على مغادرة منازلهم ووطنهم. خلال أشهر الحرب دمرت وسرقت روسيا الاتحادية وجيشها ممتلكات أوكرانية تبلغ قيمتها مئات المليارات من الدولارات الأمريكية. وفي ظل الضربات الجوية المكثفة المستمرة والهجمات على البنية التحتية للطاقة يزداد هذا الرقم بشكل كبير يومياً. تسعى الدولة الإرهابية إلى تدمير أكبر عدد ممكن من مرافق البنية التحتية الحيوية وترهيب الشعب الأوكراني الذي ما زال يدافع عن وطنه ويصمد بعد تعلم دروس التاريخ. وبالطبع، يصعب عليه القيام بذلك في ظروف فصل الشتاء والصقيع الشديد. مع أنه مقتنع بأنه قادر على وقف الإرهاب الروسي بدعم العالم المتحضر. بلا شك إن أنظمة الدفاع الجوي المتطورة تستطيع إنقاذ حياة الآلاف من الأوكرانيين، ولذا يعتبر تزويد شركاء أوكرانيا القوات المسلحة بها بصورة كافية وفي أقصر وقت ممكن أمراً في غاية الأهمية.
إن أوكرانيا اليوم خط أمامي للنضال في سبيل الحرية والأمن ليس فيها فحسب بل في أوروبا برمتها لأنه لا يمكن وقف الحرب عن طريق الدبلوماسية أو المفاوضات. كما لا يمكن الحوار مع روسيا إلا من موقع قوة وضغوط سياسية واقتصادية وثقافية شاملة ومستمرة. فكلما كانت العقوبات والمقاطعة والحصار عالمية، كان استنفاد الدولة المعتدية وهزيمتها أسرع.
المصدر: الخارجية الاوكرانية