بعد أشهر من المساومة والتأجيل، أرسلت أخيرا كل من الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا الدبابات القتالية المتطورة التي طلبتها أوكرانيا من أجل مواجهة روسيا التي تواصل عمليتها العسكرية منذ فبراير/ شباط.
والأربعاء، وبعد مطالبات وضغوطات طويلة من الرئيس الأوكراني “فولوديمير زيلينسكي”، أعلن المستشار الألماني “أولاف شولتز” أن برلين قررت إرسال دبابات “ليوبارد 2” المتطورة إلى أوكرانيا، لتحذو أمريكا حذوها بإرسال دبابات أبرامز.
فيما اعتبرت روسيا أن ذلك هو تدخل مباشر في الصراع.
ما الفرق الذي ستحدثه هذه الدبابات في ساحة المعركة الممتدة منذ فبراير/شباط المنصرم؟ كيف سيكون رد فعل الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين”؟ وهل هذه نقطة تحول لمشاركة ألمانيا في تسليح أوكرانيا؟ هذا ما تناوله خبراء بمركز “اتلانتيك كاونسل”
شن هجوم مضاد
اعتبر “جون هيربست” مدير مركز أوراسيا التابع للمجلس الأطلسي وسفير الولايات المتحدة السابق في أوكرانيا، إمدادات الدبابات بمثابة “خطوة مهمة إلى الأمام” في الدعم الغربي لأوكرانيا.
وأكد أن توقيت تلك الخطوة مهم للغاية؛ بالنظر إلى تحقيق الهجوم الذي شنته روسيا قبل عدة أشهر في دونباس (بالقرب من بلدة باخموت ومدينة سوليدار) مكاسب طفيفة في الأيام الأخيرة، إذ بدأت موسكو عمليات هجومية صغيرة في منطقة زاباروجيا.
وأضاف أن الدبابات الغربية سوف تساعد أوكرانيا في الدفاع عن مواقعها، مشيرا إلي أن الدبابات سوف تثبت أنها لا تقدر بثمن إذا شنت موسكو هجومًا كبيرًا من بيلاروسيا أو أي مكان آخر هذا العام، وهو أمر تتوقعه أجهزة المخابرات الأوكرانية.
وأشار إلي أنه إذا وصلت الدبابات إلى أوكرانيا في الأشهر القليلة المقبلة، فيمكن أيضًا نشرها من قبل أوكرانيا في تخطيطها الخاص لشن هجوم مضاد جديد.
لكمة لروسيا
من جانبه، قال “يورن فليك” مدير مركز أوروبا بالمجلس الأطلنطي، إن التعهدات الأمريكية بإرسال دبابات إلى أوكرانيا والتي ربما يتبعها تعهدات مماثلة من قبل فرنسا، إلى جانب ما وعدت به بولندا والمملكة المتحدة، يمكن أن يجعل قرار ألمانيا بتزويد أوكرانيا بدبابات “ليوبارد 2” يبدو كأنه ضربة شولتزية تتعلق باستراتيجيته الكبرى.
وأضاف أن هكذا تحالف قوي ومنسق عبر المحيط الأطلسي، يمكنه منح أوكرانيا تنفيذ “لكمة” لمقاومة هجوم الربيع الروسي وغيرها من المزايا.
وأضاف “فليك” أنه من شأن هذا التحالف أن ينشر خطر الانتقام الروسي عبر العديد من الشركاء في التحالف.
وأوضح أن المستشار الألماني أضاع أكثر من فرصة لتشكيل وقيادة تحالف أوروبي لمساعدة أوكرانيا عبر الأطلسي، ولكن الإعلان الأخير يجعله يفي بوعده بجعل الحرب الروسية على أوكرانيا “نقطة تحول في التاريخ” أو كما نطقها خلال إحدى خطاباته (تسايتنفينده Zeitenwende ).
صفقة كبيرة
ورأى “دانيال فرايد” زميل بمركز اتلانتك كاونسل وسفير أمريكي سابق في بولندا، أن القرار الألماني كان بمثابة صفقة كبيرة تفتح الطريق لتعزيز قوة أوكرانيا لصد الروس وتحرير المزيد من الأراضي.
وأضاف أن سرعة تسليم الدبابات إلى أوكرانيا سيكون أمرا بالغ الأهمية، وتضع عملية صنع القرار في برلين في منظورها الصحيح.
ومضى قائلا، إن التحرك الألماني جاء في الغالب لأن الألمان كان يرون بأنفسهم ما أصبحت عليه روسيا بوتين “معتد متعطش للدماء مصمم على الغزو والقتل”.
وذكر أن قرار برلين بشأن الدبابات يُعد خطوة كبيرة نحو سياسة جديدة تجاه روسيا يتعين على أوروبا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة ومجموعة السبعة (G7) والدول ذات التفكير المماثل أن تتبناها.
تبدأ هذه السياسة بدعم أوكرانيا في ساحة المعركة وفي المستقبل، وتبني الواقعية بشأن روسيا كخصم يحتاج إلى احتوائه وإضعافه حتى لا يعود بإمكانه بدء الحروب أو ارتكاب أي عدوان.
ولفت إلى أنه من الممكن إقامة علاقة أفضل مع روسيا أفضل، ولكن للوصول إلى هناك يحتاج العالم الحر إلى إحباط روسيا العدوانية التي تواجهها الآن.
عودة الدبابات للواجهة
فيما قال “جون تي واتس” إن العديد من المحللين على مر السنين يرون أن الدبابات تقنية قديمة ولم تعد مفيدة، لكن الدبابات الغربية الجديدة والمتطورة، سوف تثبت فعاليتها وسوف تتفوق على نظيراتها الروسية التي تعود للحقبة السوفيتية.
وذكر أنه فى أواخر التسعينيات وأوائل القرن الحادي والعشرين، كان هناك من اعتقد أن المدفعية أصبحت غير ذات صلة بالحرب الحديثة، لكن الطابع الحاسم للمدفعية واضحة لأي شخص يولي أدنى اهتماما بأوكرانيا.
وتابع “إذا تم توظيف دبابات ليوبارد2 الألمانية بكفاءة وفعالية فى العمليات القتالية لأوكرانيا ضد روسيا – وأنا واثق من أنها ستكون كذلك – سيُظهر ذلك مدى فعالية وقوة وخطورة قدرة دبابة القتال الحديثة”.
وعقب أن “تصميم الدروع المتطور والفعال، والنظام البصري المتقدم، وتدريب الطاقم المتطور الذي يشكل نظام دبابات القتال الرئيسي الغربي الحديث، يجعل منها وحشا مختلفا تمامًا عن المعدات والتدريب التي تعود إلى الحقبة السوفيتية التي يستخدمها المعتدون الروس”.
خطوة رمزية
في المقابل، يرى “مايكل جون ويليامز” وهو زميل غير مقيم في مبادرة الأمن عبر الأطلسي ومدير برنامج العلاقات الدولية، أن الخطوة “رمزية” ولا ينبغي المبالغة في الآثار المترتبة عليها لعدة أسباب.
وأضاف إنه في مقدمة تلك الأسباب أن الرئيس الأوكراني “فولوديمير زيلينسكي” طلب 300 دبابة، إضافة أن الخطوة تحفز روسيا لشن لشن هجوم كبير قبل دخول هذه المعدات لميدان المعركة.
المصدر | أتلانتك كاونسل- ترجمة وتحرير الخليج الجديد