هبة محمد
تحدث رئيس هيئة التفاوض السورية بدر جاموس في حوار مع “القدس العربي” عن دعم المعارضة السياسية أي جهد عربي أو إقليمي أو دولي يساهم في تنفيذ القرارات الدولية وإجبار النظام على تحقيق تقدم بالعملية السياسية، مؤكداً أن مبادرات الدول العربية غير مجدية، معبراً عن تطلعه لأي تحرك يسهم في إيجاد حل سياسي يعيد اللاجئين ويوقف القتل. وأشار رئيس هيئة التفاوض إلى أن محاولة إعادة نظام بشار الأسد للحضن العربي هي فكرة غير واقعية لأن النظام يعتبر نفسه جزءاً من الاستراتيجية الإيرانية وشريكاً فيها.
كما تطرق إلى مسار تطبيع العلاقات السياسية التركية مع النظام السوري مؤكداً تلقيهم تطمينات تركية في هذا الخصوص، وأشار إلى أن المسار السياسي معطل، رغم محاولات المعارضة التواصل مع دول عربية عدة بهدف الوصول إلى مبادرة تستطيع أن تحقق سلاماً مستداماً يعيد سوريا الى محيطها العربي. وكان اللقاء التالي معه:
حراك سياسي
■ تشهد العاصمة السورية دمشق، حراكاً سياسياً جديداً، وزار بشار الأسد سلطنة عمان وتم استقباله بشكل رسمي يظهر أن لديه شرعية عربية مع أن عمان لم تقطع علاقتها الدبلوماسية مع النظام، كما زار وزير الخارجية الإماراتي سوريا، وبعد هذه الزيارة أجرى زيارة إلى واشنطن بينما بقي الموقف الأمريكي على حاله بأنه لا فائدة من التعامل مع هذا النظام، ولكن واشنطن لن تقف بوجه المحاولة. وفي المقابل، يغيب صوت السوريين في هذا الحراك السياسي، ما هو موقفكم من الحراك الدبلوماسي العربي نحو التطبيع مع نظام الأسد؟
موقفنا ثابت هو بالتطبيق الكامل للقرار الدولي 2254 وندعم أي جهد عربي أو إقليمي أو دولي لتنفيذ القرار وإجبار النظام للتقدم بتحقيق تقدم في العملية السياسية، ونحن كنا نسعى ونتطلع لأن يكون هناك تحرك عربي ومبادرة عربية لإيجاد حل سياسي يعيد اللاجئين ويوقف القتل والقصف ويكشف مصير الآلاف في معتقلات النظام، ويكون هناك محاسبة لكل من تورط بالدم السوري.
ونرى أن ما تقوم به الدول العربية ستكون محاولة غير مجدية وفعالة، وذلك بسبب سلوك النظام وسياسته الفاشلة واستغلال لمأساة الشعب السوري بشكل فاضح والضرر الذي تسبب به في المنطقة والدول المحيطة والدول تعرف ذلك وكانت هناك خطوات سابقة لبعض الدول العربية والتي لم يكن أي نجاح حقيقي أو إقناع السوريين بهذه الخطوات.
■ هل يتم هذا “الحراك” بروافع إقليمية فقط، أم له روافع دولية، وبالتحديد، أمريكية وروسية؟ وكيف تنظر الولايات المتحدة إلى هذا “الحراك”؟
هناك مجموعة دول تتحرك منذ فترة وتحركها ليس بالجديد وكان لها عدة محاولات ولقاءات مع نظام الأسد خلال السنوات السابقة، الموقف الأمريكي والأوروبي بخصوص التعامل مع النظام كان واضحاً بتصريحات رسمية على أعلى مستويات وتأكيدها أن الحل في سوريا يكون عبر تطبيق القرارات الدولية والقرار 2254.
سابقاً قام الأردن بمبادرة ولكن بدل أن يقوم النظام بالتقدم بشكل إيجابي مع الخطوات الأردنية قام بتصدير المخدرات إلى الداخل الأردني بشكل كبير وانتشرت الفوضى على الحدود السورية الأردنية، اليوم تتحرك بعض الدول العربية ولكن طالما أن هذا التحرك لا يسعى لتلبية مطالب السوريين فلن يكون هناك أي تقدم إيجابي أو حلحلة في القضية السورية، أي حل يبحث عن مصلحة نظام الأسد في سوريا هو حل فاشل قبل ان يتم العمل عليه.
■ هل هناك نشاط سياسي للمعارضة تجاه الدول العربية التي تعيد علاقاتها مع النظام في دمشق؟
نحن استراتيجيتنا كسب المزيد من الأصدقاء وصنع علاقات إيجابية مع كل الدول وخصوصاً الدول العربية، قلنا للدول التي فتحت علاقات مع النظام وأقولها للدول التي بدأت منذ فترة، أن هذه الخطوات غير فعالة ولن يحصلوا على شيء لأن النظام محكوم من إيران بشكل كامل وفكرة إعادة نظام الأسد للحضن العربي هي فكرة غير واقعية لأن النظام يعتبر نفسه جزءاً من الاستراتيجية الإيرانية وشريكاً فيها.
■ بعد انعطافة القيادة التركية تجاه إعادة النظر بالعلاقات مع النظام السوري ما هو موقفكم وما هو تأثير ذلك على المعارضة السورية؟
نحن نستمد مواقفنا من تمسكنا بالقضية السورية ومطالب شعبنا وأهلنا ولا نتدخل بسياسة الدول، ونقدر مواقف تركيا ومدى تأثرها بموجة اللاجئين الكبيرة على الأراضي التركية، ولا نتوقع أن يكون هناك تأثير علينا من اللقاءات التي جرت بين تركيا ونظام الأسد وأرى أن هذه المرحلة واللقاءات لن تصل إلى شيء لأن النظام ليس لديه ما يقدمه وخصوصاً في ملف اللاجئين السوريين والتهديدات في شرق الفرات.
■ ما هو مصير الشمال السوري بعد التطبيع التركي؟
أكدت لنا تركيا أن اللقاءات التي جرت مع النظام لن تكون على حساب المناطق المحررة واللاجئين والنازحين السوريين، ونحن مواقفنا واضحة وثابتة والسوريون خرجوا بتظاهرات أكدوا أنهم رافضون لنظام الأسد ومستمرون بمطالبهم وقضيتهم. المسار السياسي اليوم معطل بسبب رفض النظام لأي حل سياسي أو تحقيق تقدم أو تفعيل العملية السياسية، ونحن خاطبنا عدة دول بالاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والأمم المتحدة والجامعة العربية وأرسلنا لهم خطابات عدة ورسائل وجرت اجتماعات عدة معهم وكل ذلك كان لأجل دفع العملية السياسية. ونحن في هيئة التفاوض قمنا بالتواصل مع عدة عربية نسعى من خلالها على الوصول لمبادرة عربية تستطيع أن تحقق سلاماً مستداماً من خلال ايجاد آلية لفرض الحل الذي يعيد سوريا الى محيطها العربي ويقنع ملايين اللاجئين السوريين بالعودة إلى بلادهم وهذا يحتاج لتغيير بنية هذا النظام غير الموثوق ومحاسبة المجرمين.
■ لماذا غابت اخبار جنيف والحوار؟
عدم وجود استراتيجية لأصدقاء الشعب السوري هو ما أوقف العملية السياسية واستغل النظام هذا الأمر في عدم تقديم أي خطوة في اتجاه الحل السياسي، واليوم الأجواء الدولية باتت أكثر تعقيداً بعد الحرب الروسية الأوكرانية ونحن نعمل على تفعيل العملية السياسية وقمنا خلال الشهور السابقة عدة اجتماعات في جنيف بالإضافة لجولات في الاتحاد الأوروبي تهدف بشكل رئيسي لدفع العملية السياسية وتحقيق تقدم فيها.
■ كيف تنظرون إلى محاولة بعض الدول العربية فتح قنوات وزيارات مع النظام من بوابة الزلزال؟
كما أكدت سابقاً نحن لا نتدخل بالسياسة الداخلية للدول، ولكن اذكّر هذه الدول بما قام به الأردن سابقاً مع تواصل وزيارات ومبادرات، هل بعد تلك الخطوات عاد أحد اللاجئين الموجودين في المخيمات الأردنية، هل توقف نشاط المليشيات الإيرانية في الجنوب السوري، وليس هذا فقط بل بعد تلك الزيارات والمبادرات بدأ النظام بتهديد الأردن وتهريب شحنات المخدرات إلى الأردن بدون توقف وأصبحت عمليات التهريب يومية.
■ما هو دوركم بعد كارثة الزلزال؟ وما هو مصير عشرات آلاف المشردين السورين في تركيا؟ وهل هناك خطة للتخفيف عنهم؟ وهل الشمال السوري منطقة آمنة لإعادتهم؟
الوضع الإنساني للسوريين في تركيا وحتى في الشمال السوري قاهر جداً وخصوصاً أن أزمة الزلزال في تركيا ضربت مناطق واسعة طالت الملايين من الأتراك ومئات الآلاف من السوريين والذين خلال يوم واحد أصبحوا بدون مأوى وبحاجة لكل شيء. ومع اليوم الأول لهذه الكارثة في الجنوب التركي والشمال السوري بدأنا بالتواصل مع المنظمات الإنسانية وأرسلنا نداءات استغاثة للمجتمع الدولي والمنظمات الدولية للتدخل ومساعدة السوريين وإنقاذهم وتقديم يد العون لهم، وأيضًا الدولة تركية في الجنوب التركي لا تفرق بين المتضررين إن كانوا أتراكاً أو سوريين أو غيرهم من الجنسيات.
ظروف صعبة
وأضاف: الشمال السوري في الأصل يعيش ظروفاً صعبة وخطرة، والبنية التحتية متضررة بشكل كبير جراء العمليات العسكرية التي شنها نظام الأسد وجاء الزلزال ليزيد من المعاناة وتتفاقم الكارثة، فبالتأكيد الشمال السوري غير متهيء ولا يوجد بنية تحتية جاهزة.
■بالنسبة لأرقام الضحايا والابنية المدمرة ما هو الحل لإيواء المشردين وتعويضهم شمال غربي سوريا؟
بداية الكارثة عملنا على التواصل مع الأمم المتحدة لأجل حثهم على الدخول للمناطق المنكوبة وإغاثة السوريين هناك، ولكن الأمم المتحدة تقاعست وكانت استجابتها ضعيفة للغاية بالرغم من تأكيدنا أن تركيا وافقت على فتح كل المعابر بشمال غرب سوريا وتحديداً معبري (باب السلامة والراعي) كانت هناك استجابة من عدد من الدول والمنظمات وقدمت مساعدات عاجلة من خيم وإغاثة مستعجلة المدنيين المنكوبين. وهناك إيواء مؤقت للناجين من الكارثة وذلك في مخيمات تم تشييدها بعد الزلزال مباشرة وساهمت بشكل كبير بالتخفيف من آثار الكارثة.
■ كيف تقارنون التحرك العربي والدعم العربي الرسمي للمعارضة وما قابله من دعم للنظام السوري خلال الزلزال؟
نحن ندعو لمساعدة كل السوريين المحتاجين بغض النظر عن مكان إقامتهم، ولكن تسليم مساعدات للنظام مع وجود تقارير تفيد بفساد كبير لدى النظام في موضوع المساعدات وتوزيعها، وأكدت سابقاً أن الطائرات التي أرسلها الأشقاء العرب لمناطق النظام وتم تسليمها له لم تصل لمستحقيها للأسف. النظام السوري هو من قام بأكبر كارثة بحق الشعب السوري، فهكذا نظام غير مؤتمن على حياة السوريين ومستقبلهم ومن غير المعقول تسليم المساعدات له.
خيار خاطئ
■ من هي أبرز الدول العربية والأجنبية التي لبت نداء الشمال السوري بعد الزلزال وتواصلت معكم وقدمت مساعدات ودعم؟
كانت هناك استجابة عاجلة من دولة قطر والمملكة العربية السعودية ودولة الكويت وإقليم كردستان العراق لمساعدة أهلنا في شمال غربي سوريا، وجرى أيضاً تحرك من قبل الاتحاد الأوروبي وعلى رأسها ألمانيا بالإضافة لبريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا، وقمنا أيضا بإرسال طلبات عدة للأمم المتحدة للتحرك بالشكل المطلوب واغاثة أهلنا المنكوبين في شمال غرب سوريا.
■ما هو موقفكم من الدول التي أعادت التواصل مع النظام من بوابة الزلزال؟
الجواب: موقفنا ثابت أعلنا عنه عدة مرات سابقاً، أن الدول التي تبحث عن مساعدة الشعب السوري وإنهاء مأساته لا تكون عبر بوابة النظام السوري صاحب المشكلة الرئيسية في سوريا، الشعب السوري انتفض وقام بثورة بسبب الممارسات الأمنية وعمليات القتل الجماعية التي قام بها نظام الأسد وهي باتت مكشوفة للمجتمع الدولي عبر عدد هائل من الأدلة، النظام أثبت تورطه مؤخراً عبر تقارير دولية باستخدامه السلاح الكيميائي ضد المدنيين، غير ملف قيصر وتصنيع الكبتاغون، هذا يؤكد ان خيار التواصل مع النظام بهذه الطريقة هو خيار غير صحيح وندعو الدول العربية التي تحاول ايجاد حل للقضية السورية ومساعدة الشعب السوري أن تبحث عن أدوات لتحقيق تقدم في العملية السياسية، أما إعطاء فرص إضافية أو إنعاش هذا النظام فهو خيار خاطئ ولن يفيد هذه الدول أو الشعب السوري والمنطقة بشيء.
المصدر:«القدس العربي»