بعد كر وفر ومحاولات لتحقيق نصر سياسي وهمي وعلى وسائل الإعلام فقط، أقرّ النظام بأن تعويمه عربياً أمر شبه مستحيل.
جاء ذلك الاعتراف على لسان وزير خارجية النظام المدعو فيصل المقداد، والذي أقرّ بأن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية “شبه مستحيلة قبل تصحيح العلاقات الثنائية”.
وحاول المقداد التخفيف من حجم ما وصفها مراقبون بـ “الصفعة” التي وجهتها بعض الدول العربية وعلى رأسها دولة قطر للنظام السوري، مدّعياً في تصريحات لإحدى وسائل الإعلام الجزائرية، أنه “إذا كانت مسألة وجود سوريا في الجامعة العربية تريح من بعض المشاكل، فلا مانع من أن نضحي في سوريا لوقت قصير من أجل إعادة لم الشمل العربي”.
وأشار المقداد إلى أن النظام “آمن بالبعد العربي لكل قضايانا، وتطالب بتوحيد كل الدول العربية ومواقفها”.
وزعم أن زيارات المسؤولين السوريين لبعض الدول العربية مؤخراً، كانت برغبة مشتركة، بهدف غلق صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة في العلاقات.
وحول ذلك قال الكاتب والمحلل السياسي ، أحمد مظهر سعدو لمنصة SY24، إن “النظام السوري والخارجية السورية أدرك أن مسألة عودة النظام إلى الجامعة العربية ليست من السهولة بمكان، ولم تعد قائمة جديًا بعد اعتراض 5 دول عربية إلا بعد تنفيذ الشروط الموضوعة أمام نظام القمع الأسدي، ومنها حسب دولة الكويت إطلاق سراح المعتقلين، وحسب قطر العودة إلى الولوج في الحل السياسي وتنفيذ قرارات جنيف الخاصة بسورية، وكذلك ترى المغرب أنه لابد من طرد (البوليساريو) من دمشق والاعتراف بالصحراء الغربية على أنها جزء من الأرض المغربية”.
وأضاف، أنه علاوة على الطلبات الأهم بالنسبة إلى دول الخليج وهي الوقف الفوري لعمليات تهريب المخدرات والكبتاغون إلى دول الخليج، وهذه الشروط بقضها وقضيضها يعجز النظام السوري على تنفيذها، وهو ليس صادقا بأية وعود من الممكن أن يكون قطعها للسعوديين بشأنها، ومن ثم فإن التطبيع مع النظام إذا كان جاء نتيجة التفاهم السعودي الإيراني، فإنه لن يلزم بالضرورة باقي الدول التي ليس بينها وبين الإيرانيين من تفاهمات وصفقات تلزمها بشيء.
وتابع، من هنا فإن وزير خارجية النظام بتصريحاته هذه يحاول حفظ ماء الوجه إن بقي من ماء فيه وأن يحفظ خط الرجعة، بعد أن تأكد إبان مشاورات الدول العربية في جدة أن لا موافقة أو إجماع عربي على عودته إلى الجامعة العربية بدون إنفاذ الشروط العربية، وهو أي هذا النظام المرتبط بسياساته بالإيرانيين والروس لم يجد الامكانية لتنفيذ أي من تلك الشروط”.
وزاد موضحاً، أنه من هنا، فإن التطبيع معه يسير حثيثا لكن ليس معنى ذلك الدخول للجامعة العربية في قمتها القادمة في أيار المقبل، إلا إذا تم تطبيق بعض الشروط على الأقل والنظام السوري عاجز عن ذلك حتى لو أراد فعله، في ظل تفلت الأمن وانتشار العصابات التشبيحية وتجار المخدرات من آل الأسد والتي أدت إلى اشتباكات دموية مؤخرا في معقله في مدينة القرداحة، حسب قوله.
وقبل أيام، انتهى اجتماع جدة السعودية دون اتفاق على عودة النظام السوري إلى الجامعة العربية، الأمر الذي فسره مراقبون بوجود خلافات عربية وقضايا لا تزال عالقة على فكرة إعادة شغل النظام مقعدها في الجامعة العربية، على الأقل في المدى المنظور.
وجاء الاجتماع التشاوري بعد زيارات متبادلة بين دول عربية وحكومة النظام، أبرزها زيارة وزير خارجية النظام فيصل المقداد إلى السعودية ومصر بعد قطيعة دامت أكثر من عقد، في إطار مساعي دول عربية إعادة العلاقات الثنائية مع النظام، والتي انقطعت منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، احتجاجاً على قمع قوات النظام للحراك الشعبي.
وقالت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، إن خمسة أعضاء على الأقل في جامعة الدول العربية، من بينهم المغرب والكويت وقطر واليمن، يرفضون حالياً عودة النظام السوري إلى الجامعة، إضافة إلى مصر، التي أحيت علاقاتها مؤخراً مع النظام السوري وهي حليف قوي للسعودية.
ويؤكد ناشطون سوريون ومن بينهم الناشط في مجال ملف المعتقلين، محمود الحموي لمنصة SY24، أن عودة النظام إلى الجامعة العربية دون تنفيذ أي شروط وعلى رأسها طرد الميليشيات الإيرانية من سوريا، هو نصر سياسي لإيران، على حد تعبيره.
وحسب مراقبين، فإن بعض الدول التي تعارض إعادة قبول النظام السوري زادت من مطالبها، بما في ذلك دعوات إلى النظام بقبول قوات عربية لحماية اللاجئين العائدين، وقمع تهريب المخدرات غير المشروع، ومطالبة إيران بالتوقف عن توسيع نفوذها في البلاد.
المصدر: sy24