بسام شلبي
عندما ذاع خبر اغتيال إبراهيم قاشوش في ٣ يوليو ٢٠١١ كنت في رحلة عمرة بالسيارة في الطريق و بين الاستراحات على قصاصات صغيرة كتبت هذه القصيدة في اوقات متفرقة و اظن بعض مقاطعها قد ضاعت.. و لذلك لم انشرها من قبل لأني لم أشعر أنها مكتملة أو أنها أخذت حقها و في كل عام في ذكراه كنت أقول سوف أعدلها و أكملها و أنشرها.. و كل عام أفشل في تعديل أي كلمة منها لا أعرف لماذا!! هناك قصائد عنيدة عصية على التربية و التشذيب.. و لكن في النهاية علينا تقبلها كما هي مثل الولد الذي تعجز في تغيره لا تستطيع التبرأ منه.. لذلك قررت نشرها كما هي و اظن لأنها كانت تحمل روح تلك اللحظة و تلك المرحلة و من الصعب استعادتها او تمثلها:
لقد كان إبراهيم ثورة
وكان العاصي ثورة
وكان الغاب ثورة
وكانت الشام ثورة
وكانت الأمة ثورة
وكانت الثورة قاشوشْ
سيلٌ يقشُّ التالف واليابسْ
يطهِّرُ أرضَ العربان من الدسائسْ
يسوّي بالأرضِ كثبان الرملِ
التي جمعتها رياحُ السَمُومِ
في أعوامِ القحط والجنونْ
ويمحو حدود الخوف والسكونْ
وينبش الجمر الذي كان مدفونْ
ليشعل النارَ في الهشيمِ
ويشعل الثورة في النفوسْ
لقد كان إبراهيم ثورة
وكانت الثورة قاشوشْ
تقشُّ العروشَ والكروشْ
عروش قامت فوق جماجم ابنائنا
فَرْشُها من جلدنا المسلوخْ
مسندها من خوفنا الموروثْ
ومن بقايا وعينا المغشوشْ
تاجروا بكل قضايانا
الكبرى والصغرى..
وما بينهما الأخرى
من فلسطين إلى نيكرجوا
من العدالة إلى الوحدة
من التعليم إلى الصحة
من السلاح إلى الرغيف المنقوشْ
وكروش امتلأت من قوتنا
من جوعنا
من كدّنا
من فقرنا
من عجزنا
من صمتنا
كروش.. و كروش و كروش
تضخّمتْ..
تكوَّرتْ..
تورَّمتْ..
تعملقتْ..
وصارت كالعهن المنفوشْ
لقد كان إبراهيم ثورةً
وكانت الثورةُ صيحةً
وكانت الصيحةُ زلزلةْ
نفضت عنا غبار الصمت و الخنوع و المذِلّةْ
واسكنتنا فسيح جنات الحرية
في القبور واللحود
بين الغار والورود
في المعتقلات والسجون
بين النار والبارود..
كل الأماكن صارت أرحبْ
كل الأشياء صار لها طعم الحرية
كل الأشياء صارت أحلى
حتى الموت.. و الجنائز.. والنعوشْ
لقد كانت الثورة قاشوشْ
وكان إبراهيم ثورةً
وكانت الثورةُ أغنيةً
تدندنها حنجرةٌ جذلى
وترددها جناجرُ حبلى
بالشوق لنور الفجر
ونسمات الحرية
وحنجرةٌ جُزَّتْ بحدِّ السيف
لتصبح حناجرنا سيوفا شامية
تفتح العالم من الشرق إلى الغرب
بحد الصوت و الكرامة
لقد كان ابراهيم ثورة
وكانت ثورتنا كرامةً
وحرية بلا رتوش