أمال شحادة
بايدن يصل هذا الأسبوع إلى تل أبيب ونقل كتائب وألوية في مروحيات فوق القطاع لإطلاعهم على المواقع التي سيقاتلون فيها.
كانت رسالة وزير الخارجية الأميركية، أنتوني بلينكن، خلال لقائه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الإثنين، المصادف اليوم العاشر من الحرب، “عدم احتلال غزة وعدم التسرع بشن حرب على لبنان لمنع اندلاع حرب إقليمية، ولكن في حال صعد “حزب الله” وبادر إلى شن هجوم على إسرائيل، فإن الولايات المتحدة ستدعم تل أبيب وستدخل طيارين وطائرات أميركية إلى الحرب”. وأوضح بلينكن أن بلاده “ستواجه صعوبة في دعم عملية عسكرية إسرائيلية في غزة، تستهدف المدنيين بشكل شامل وتشكل خطراً على السيادة المصرية وأنظمة عربية حليفة لأميركا”.
الرسالة الأميركية جاءت في وقت ذكرت مصادر إسرائيلية أن الرئيس الأميركي جو بايدن تجاوب مع دعوة نتنياهو لزيارة إسرائيل ومن المتوقع وصوله هذا الأسبوع، وذكر مصدر أنه وبحسب جدول أعماله قد يصل الأربعاء. وشارك بلينكن الكابينت الحربي، مساء الإثنين، في بحث المطلب الأميركي في ضمان الدعم الإنساني لسكان غزة والتجاوب مع مطلب مختلف الجهات الدولية وفتح ممر إنساني للغزيين.
خلافات عسكرية وسياسية
وفي الأثناء، تشهد إسرائيل نقاشاً وخلافات بين المؤسستين العسكرية والسياسية، وهناك خلافات داخل كل مؤسسة، حيث ترتفع أصوات تدعو إلى احتلال غزة وأخرى ترفض ذلك وتطرح بدائل عدة، بينها ضمان حزام أمني عند غلاف غزة بعمق طويل ما يضمن أمن الحدود والإسرائيليين. وطرح مسؤولون اقتراح ما أسموه “نظام وصاية موقت”، يقضي بمجيء جيش تركي ودول عربية معتدلة إلى غزة بشكل موقت، فيما تغادر “حماس” القطاع كلياً، وإلى حين استقرار الوضع في غزة تدخل السلطة الفلسطينية لتسلم الحكم.
واتضح الخلاف مع تسرب نقاش دار بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن، يوآف غلانت، خلال اجتماعات تقييم الوضع الأمني وتفاصيل العملية البرية، إذ طلب غلانت أن تتعمق إسرائيل قدر الإمكان داخل غزة لكن نتنياهو رفض ذلك.
وفي كل ظهور له يكرر نتنياهو أنه لن يعلن انتهاء الحرب قبل القضاء كلياً على “حماس” وعدم إبقاء أي عنصر لها في غزة، وهو هدف راهن كثيرون على إمكانية تحقيقه من دون عمليات مكثفة تصل حتى احتلالها غزة من جديد. في الوقت نفسه، تتعالى الأصوات الداعية إلى إقالة نتنياهو في حين أعلن أكثر من وزير ونائب من حزب “الليكود” الحاكم، تحمل الحكومة المسؤولية.
جولات جوية
من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه يواصل تدريباته واستعداداته للعملية البرية، ووصلت كميات كبيرة من المدرعات والمعدات القتالية المتعددة، وتم نقل كتائب وألوية في مروحيات قتالية فوق قطاع غزة لإطلاعهم على المواقع التي سيقاتلون فيها، فيما أعلن الناطق باسم الجيش، دانيال هجري، أن الجيش يواصل تدريبات عناصره على طبيعة العملية البرية المتوقعة في منطقة دمار كبير، كما أنهم تلقوا الوعود بالمساعدة التي سيحصلون عليها من سلاح الجو.
ولم تحسم إسرائيل طبيعة العملية البرية، لكن التدخل الأميركي وزيارة بايدن من شأنهما الحسم بعدم التعمق في غزة أو إعادة احتلالها، إنما “إبادة قدرات عسكرية، تحريكية وسلطوية لحماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة”، وفق مسؤول عسكري.
قيادة هيئة الأركان العامة لا تبحث إمكان شن هجوم بري في القطاع، بل موعد تنفيذ ذلك الهجوم، وهي تعتبر أن ضجيج الحرب من الشمال لن يؤثر في قرار الانتقال إلى المرحلة التالية، أي دخول بري إلى القطاع، حتى لو أن من شأن القتال عند الحدود اللبنانية أن يتطور إلى جبهة حرب أخرى”، وفق ما يقول الخبير العسكري تل ليف رام.
أما الخبير السياسي، تسفي برئيل، فوصف الاستراتيجية التي تتبناها إسرائيل بـ”مرة واحدة وإلى الأبد”، بمعنى تدمير “حماس” بشكل نهائي يمنع الحركة من تشكيل أي خطر على إسرائيل والتخلص من قضية غزة من دون أن يكون لديها أي خطة للاستمرار والخروج من غزة. ويقول، “هناك أصوات كثيرة تدعو الآن إلى تصفية “حزب الله” أيضاً… مرة وإلى الأبد”. الولايات المتحدة التي وضعت قرب إسرائيل حاملتين للطائرات لردع تطور جبهات أخرى، تدرك هذا الأمر، وهي تدير في موازاة ذلك حملة ضغط كبيرة من أجل منع تحول لبنان إلى جبهة ثانية. لا يوجد أي يقين بأن هذه الجهود ستثمر، لكن المؤكد، بحسب خبراء عسكريين، أن “هجوم حماس المباغت فرض عليها حرباً شاملة، لذا فهي ستحرص على إدارة مواجهة متزنة مع “حزب الله” تتجنب فيها الخروج عن السيطرة والدخول في حرب إقليمية”.
المشكلة في التنفيذ وليس الهدف
من جهته، يرى خبير الأمن القومي، أوري بار يوسف، أن المشكلة تجاه غزة ليست في الهدف الذي تضعه إسرائيل سواء عملية برية أو إعادة احتلالها، إنما المشكلة في إمكان تنفيذها. ويقول، “محاولة تصفية حماس بعملية برية هي غباء استراتيجي لأسباب عدة وهي:
– لا يوجد يقين بأن عديد الجيش الإسرائيلي يكفي لتنفيذ هذه المهمة. فكثير من قوات الجيش تتمركز على الحدود الشمالية استعداداً لردع “حزب الله”. احتلال منطقة مأهولة يعيش فيها باكتظاظ أكثر من مليون نسمة، يحتاج إلى قوات برية كبيرة جداً. هذه الحرب ستكلف خسائر كثيرة في منطقة عملت حماس طوال سنوات على تجهيزها لمثل هذه الحالات، كل يوم قتال يمكن أن يكلف عشرات القتلى. يضاف إلى ذلك الخوف على مصير الرهائن الذين تحتجزهم حماس، فهم أيضاً قد يدفعون ثمن الدخول البري.
– يمكن لحرب قاسية أن تنقل المعركة أيضاً إلى الشمال، فقادة “حزب الله” سبق أن حذروا من أن الدخول إلى غزة خط أحمر بالنسبة إليهم، بالتالي إذا تجاوز الجيش الإسرائيلي هذا الخط فهو بذلك يكون قد فتح جبهة عسكرية إضافية إلى جانب انضمام جهات أخرى. إضافة إلى ذلك، حلت صور أطفال غزة مكان صور أطفال الغلاف على وسائل الإعلام الأجنبية، وبدأ يتضاءل التأييد والدعم الدوليين لإسرائيل. النتيجة يمكن أن تكون ضغطاً دولياً لإنهاء الحرب لأسباب إنسانية”.
ويتساءل بار يوسف، “ماذا سيحل في نهاية المطاف إذا نجح الجيش الإسرائيلي، بعد شهر أو أكثر من القتال الصعب، في احتلال القطاع وإحراق كل أوكار حماس؟”.
ويرد قائلاً، “هل سنعين أوريت ستروك (وزيرة الاستيطان والمهمات القومية) كحاكمة عسكرية لقطاع غزة ونبدأ في بناء المستوطنات هناك؟ في نهاية المطاف لا يوجد أي شخص في إسرائيل، باستثناء بعض المجانين، يريد تحمل العبء الأمني والاقتصادي والدولي الذي سيكون مقروناً بالاحتلال. من الواضح أن الحل يجب أن يكون سياسياً، يقضي بكف التهديد الذي يشكله القطاع”.
ويعرض بار يوسف اقتراحاً لخطة، يقول فيها، “في المرحلة الأولى من الخطة تعلن إسرائيل أنها مستعدة لتبادل الأسرى وإعادة جميع السجناء الذين تطالب حماس بإطلاق سراحهم مقابل إعادة الرهائن. كل سجين سيتم إطلاق سراحه سيوقع على بيان فيه، أنه إذا عاد إلى النشاطات الإرهابية فإن إسرائيل ستقوم بقتله من دون تحذير مسبق. وفي الوقت نفسه، توقف إسرائيل هجماتها الكثيفة، ولكنها ستعلن بأن الحديث لا يدور عن وقف لإطلاق النار، وأنه من الآن أي هدف لحماس سيتم رصده سيدمر على الفور. وستعلن أيضاً أن كل من شارك في الأعمال الفظيعة في الغلاف ستتم معاقبته وتبدأ بتنفيذ ذلك بشكل منهجي. ليس فقط من أجل الانتقام، بل بالأساس من أجل تشويش قدرة عمل التنظيمات في غزة. وبما يشبه عملية (غضب الله) للموساد بعد مذبحة الرياضيين في ميونخ عام 1972، وقتها ظهرت العملية كإجراء انتقامي، لكن عملياً هي استهدفت تشويش القدرة الهجومية لـ (أيلول الأسود)”، وفق بار يوسف.
المصدر: اندبندنت عربية