د. مخلص الصيادي
لا شك أن القمة العربية الاسلامية غير العادية التي عقدت في الرياض ذات أهمية خاصة، لأنها تأتي استجابة لتحدي العدوان الصهيوني” الاسرائيلي والغربي” على قطاع غزة والمستمر منذ تنفيذ المقاومة لعملية “فيضان الأقصى”، في السابع من أكتوبر، وما يرتكب خلال هذا العدوان من جرائم ضد الانسانية وعمليات تدمير وتهجير ممنهجة، ومن استهداف مبرمج للمدنيين، وللمستشفيات، والمساجد والمدارس، ومراكز الايواء بهدف وضع المدنيين بين كماشتي: القتل و التهجير.
وكذلك لأن هذه القمة التي تجتمع في بلد الحرمين الشريفين “وثالثهما المسجد الأقصى”، تجمع النظم العربية والاسلامية التي تربطها بالقضية الفلسطينية روابط الدين، والوطن، والأمة. والأمن، وقيم التحرر . وليس هناك تجمعا رسميا مسؤولا أعلى من هذا التجمع.
فظاعة الجريمة الاسرائيلية، وطبيعة النظم المجتمعة، ومكان الاجتماع، تجعل للاجتماع قيمة خاصة.
وهناك تطلع فلسطيني، وعربي واسلامي لأن تكون نتائج هذا الاجتماع معززة للقيمة الخاصة له، ولتعطي رسالة الى مجتمعاتنا وشعوبنا، والى العالم كله، أن فلسطين هي قضية هذه الأمة التي يتجاوز عدد سكانها المليار وأربعماية مليون نسمة، والتي تملك قوى هائلة مادية وعسكرية وجيو استراتيجية والتي يجب أن يكون لها وزنها وقيمتها في صوغ حلول للمشاكل التي تعيشها بما يحقق الأمن والسلام في هذه المنطقة.
الاتفاق على رؤية موحدة للقضية الراهنة التي التأمت القمة من أجلها مفتوح، وآفاقه متدرجة، ولاشك أن البيان الصادر عن القمة سيحدد طبيعة وحدود هذه الرؤية، لكننا نحن المنتمين إلى هذه الأمة وإلى هذه القضية، ونحن الذين رأينا في عملية “فيضان الأقصى” نموذجا قد لا يكون مسبوقا من الابداع في الجهاد والدفاع عن المقدسات، وعن حق الحياة، فانتمينا وتشرفنا بها، نعتقد أن أي موقف لمثل هذه القمة يصح أن ينال صفة “الموقف المسؤول”، وأن يعطي القمة صفة “القمة الناجحة”، لا بد أن يتضمن كحد أدنى النقاط الرئيسية التالية:
1- إدانة لا لبس فيها للعدوانية الاسرائيلية المستمرة على غزة، وللدعم الغربي لهذه العدوانية، ووصفها بالصفات الحقيقية لها باعتبارها عمليات قتل وتهجير وتدمير ممنهج يصنف كجرائم حرب. ولا يصح بحال من الأحوال أن توضع الضحية والجاني في المستوى نفسه من المصطلح ومن المسؤولية، ومن الحقوق.
2- الدعوة الحاسمة لوقف فوري ودائم وغير مشروط لاطلاق النار على كل المستويات. مما يفتح الآفاق لحل مسألة الأسرى من الجانبين، وبهدف تبييض سجون الاحتلال من مختلف الفلسطينيين الذين اختطفتهم قوات العدو من بيوتهم. الفلسطينيين شوارع مدنهم وزجتهم في سجونها بأحكاما غير انسانية.
3- التأكيد على حق المقاومة الفلسطينية بالدفاع عن الأرض والشعب، وأن عملية “طوفان الأقصى” هي رد فعل لما قام و تقوم به سلطات الاحتلال ضد الفلسطينيين وارضهم ومقدساتهم. وبالتالي فإن هذه العملية عملية مشروعة، وقد التزمت المقاومة خلال تنفيذها بكل قواعد القتال الشرعية. وتوجيه التحية لقوى المقاومة والجهاد من كتائب القسام ونظيراتها التي نفذت هذه العملية، وللشعب الفلسطينية الذي تشبث بأرضه ورفض الضغوط الدموية الهادفة الى تهجيريه، ودفع الثمن أرواح ودماء الالاف من أبنائه.
4- الدعوة إلى فتح المعابر مع غزة دون قيود وبدون تدخل من سلطات الاحتلال لادخال المعونات، ولنقل الجرحى والمصابين، مقدمة لفتح دائم لهذه المعابر، وهي أساسا المعابر التي تربط القطاع مع مصر.
5- التزام القمة بالعمل على إطلاق آلية للتوصل إلى حل سياسي للقضية الفلسطينية يضمن حقوق الشعب الفلسطيني على مختلف المستويات وبشكل دائم ونهائي وبتطبيق مبرمج، ووفقا لقرارات الشرعية الدولية التي تلتزمها الدول المجتمعة في هذه القمة.
6 – تحميل الكيان الاسرائيلي وداعميه في هذا العدوان المسؤولية الأخلاقية والمادية عن هذا الدمار الهائل الذي حل بالقطاع والالتزام بإعادة إعمار القطاع. وأن تتكفل القمة بتولي المسؤولية عن تأمين تكاليف هذا الإعمار، والتعويض عنه، ودعم الأسر التي دمر العدوان حياتها.
7 – تجميد كل الاتفاقات المعقودة بين الدول المجتمعة ذات العلاقة والكيان الصهيوني، وسحب السفراء، ووقف عمليات التطبيع، وربط كل ذلك بنتائج ما سيتحقق من رؤية القمة لتطبيق خارطة الطريق التي ستخرج بها إزاء كارثة غزة، وإزاء أصل المشكلة (الاحتلال وسياساته وحقق الشعب الفلسطيني، والمقدسات).
8- دعوة القوى والقيادات الفلسطينية إلى التوحد في إطار منظمة التحرير الفلسطينية من خلال اعتماد آلية يتفق عليها الفلسطينيون لاخراج المنظمة من حالة العطالة التي أعاقت حركتها وفعليتها خلال المرحلة السابقة. وجعل هذه الوحدة مستهدفة التوصل إلى استعادة حقوق الشعب الفلسطيني.
9- تأكيد القمة على التزام خاص تجاه القدس، عاصمة فلسطين، واستعداد خاص للدفاع عنها باعتبارها من المقدسات الاسلامية ذات الخصوصية التي يعتبر الدفاع عنها من المقدسات التي تلتزمها الأمة الاسلامية وكافة شعوبها.
10- يضاف إلى ما سبق أن في مقدور القمة، غن تقوم بدور إيجابي وفاعل لإعادة اللحمة بين أطراف البيت الفلسطيني: السلطة الفلسطينية. وقوى المقاومة والجهاد، بما يجعل عمل الطرفين متكاملا في اتجاه تحقيق هدف الشعب الفلسطيني وحقوقه، وبما يؤمن أن تكون المقاومة والعمل السياسي تخدمان الهدف نفسه.
يجب أن تطوى صفحة التنسيق الأمني الفلسطيني الاسرائيلي، ويطوى الشعور بأن السلطة الفلسطينية “منحة اسرائيلية” يخشى رجال السلطة أن تسحب منهم.
هذه نقاط عامة تستطيعها القمة لو أردت، وهي تستطيع أكثر من ذلك لو أرادت كذلك، وحال توفر هذه الحدود يصح أن نسميها قمة ناجحة، ويصح أن ننظر إلى نتائجها نظرة إيجابية، وبقدر ما تتخلف عن نقطة مما ذكرنا يتخلف عنها صفة الايجابية والنجاح.