متابعات
أثار غياب وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، عن المؤتمرات الصحفية المشتركة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تساؤلات حول ما اذا كان ذلك مؤشرا على وجود خلافات داخل الائتلاف الحكومي أو حكومة الحرب التي تشكلت بضم أقطاب من المعارضة بعد هجوم حماس في السابع من أكتوبر الماضي.
لكن الحيرة لم تدم طويلا إذ أعطى نتنياهو إشارات واضحة على وجود خلافات وانقسامات يبدو أنها متعلقة بكيفية إدارة الحرب في غزة، ربما حول الخطة الحالية، أو حول وتيرة التصعيد، أو ربما حتى حول كيفية إدارة القطاع ما بعد الحرب، حسب صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي السبت، إنه اقترح على غالانت عقد مؤتمر صحفي مشترك، وهو “اختار ما اختار”، في إشارة لرفضه في ما بدا وكأنه “خلافات بينهما”.
وجاء ذلك خلال مؤتمر صحفي منفرد له في اليوم الثاني من استئناف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، بعد نحو أسبوع من الهدنة الإنسانية التي انتهت الجمعة.
وفيما بدا وكأنه تصاعد الخلاف مع غالانت، قال نتنياهو لدى سؤال حول عدم عقد مؤتمر صحفي معه: “اقترحت على وزير الدفاع عقد مؤتمر صحفي مشترك وهو اختار ما اختار”، في إشارة لرفض المشاركة.
وحسب صحيفة “معاريف” العبرية، فإن رئيس الوزراء فضل عدم مشاركة أعضاء مجلس الحرب، غالانت والوزير بيني غانتس، في الإنجاز الكبير الذي تحدث عنه، وهو إعادة الأسرى من غزة.
وتابعت أنه “تم بالفعل استدعاء غالانت للاجتماع، لكن حدث في الوقت ذاته الذي قرر فيه مكتب وزير الدفاع عقد مؤتمر صحفي خاص به، وكان قد أرسل دعوة إلى وسائل الإعلام”، حسب روايتها
ولفتت الصحيفة العبرية، إلى أن الأسابيع الماضية “كانت صعبة ومليئة بالأسئلة المعقدة، واعتمد نتنياهو على فريق الدعم الدائم الذي ظهر كل ليلة: وزير الدفاع غالانت والوزير غانتس”.
واعتبرت أن الانطباع العام الدائم كان أن المسؤولين الكبيرين موجودان هنا لإعطاء الدعم والثقل والشرعية للمتحدث الرئيسي نتنياهو.
واستدركت الصحيفة، لكن هذه المرة كان المحتوى مختلفا، لم يأت رئيس الوزراء فقط لتوصيل الرسائل والإجابة عن الأسئلة الصعبة، بل كانت لديه الأخبار الطيبة، وهو أول إنجاز كبير منذ ما وصفته بـ”الفشل الذريع” في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأوضحت الصحيفة أن هذا الإنجاز هو إطلاق سراح 110 أسرى من غزة، ضمن جزء من الصفقة مع حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، واعتبرت أن نتنياهو فضّل عدم مشاركة هذا الإنجاز الكبير مع أعضاء مجلس الوزراء الحربي، لذلك لم تتم دعوة الاثنين غالانت وغانتس.
وحسب الصحيفة، زعم مكتب نتنياهو أنه تم بالفعل دعوة غالانت، وتم تسليم الدعوة إلى مكتبه.
ورأت الصحيفة، أن الاختلاف بين روايات المكتبين تشير إلى الفجوة القائمة بين نتنياهو وغالانت، وهي الفجوة التي نشأت قبل وقت طويل من 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وهي آخذة في التزايد، حسب تعبيرها.
وسبق أن ظهر نتنياهو مرات عديدة في مؤتمرات صحفية مشتركة مع غالانت، في ظل حديث عن وجود خلافات مكتومة عميقة بينه من جهة وقادة الجيش والأجهزة الأمنية من جهة أخرى، منذ بدء الحرب.
وأمام هذا المشهد، قالت صحيفة “يسرائيل هيوم” العبرية، إن المؤتمرات الصحفية المنفصلة كانت مجرد رأس جبل الجليد في التوتر بين نتنياهو وغالانت، مؤكدةً أن نتنياهو خصص لغالانت مكاتب وأغلقها في وزارة الأمن، وأنّ غالانت بحث عن غرفة للاجتماع بوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن.
وأضافت الصحيفة، أن إسرائيل على موعد مع جولة أخرى من التوتر بين أبرز شخصيتين سياسيتين تديران الحرب ضد “حماس” منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، وهما نتنياهو وغالانت.
كذلك، أشارت إلى أنه “على الرغم من حقيقة أنه لم يكن لدى أحد أي أوهام حول العلاقة بين الإثنين منذ أن أمر نتنياهو بإقالة غالانت في مارس/آذار الماضي، إلا أنهما كانا حريصين على إظهار جبهة موحدة منذ بداية الحرب”.
وتصدعت العلاقة أكثر، حسب الصحيفة، “عندما قال نتنياهو للصحافيين إنه طلب من غالانت الانضمام إليه في تصريح للإعلام، لكن الأخير رفض ولم ينفِ، وخلف الكواليس اتضح أن هذا ليس سوى غيض من فيض”.
وكشفت الصحيفة لأول تفاصيل جديدة حول التوتر بين مكتبي الإثنين، بما في ذلك التأخير المقصود للمشاورات خلال الحرب، وإغلاق رئيس الحكومة لغرف في وزارة الأمن لعقد اجتماعات دورية رغما عن الوزير، التي هي وزارته الرسمية، وأيضاً كيف كادت تُمنع زيارة نتنياهو إلى غزة خلال أسبوع الهدنة.
وأشارت الصحيفة إلى أن التوتر تصاحبه حقيقة أنه منذ بدء الحرب، أمضى نتنياهو أياماً كثيرة في وزارة الأمن، مقر وزير الأمن في الأوقات العادية.
وفي حين أن مكتب نتنياهو يحجز له الغرف لأنواع مختلفة من الاجتماعات لصالح الحرب، يتعين على مكتب الوزير غالانت إجراء تعديلات في اللحظة الأخيرة والبحث عن غرف من المخزون المفقود، وفقاً للصحيفة.
ومنذ بداية الحرب، وفقاً لـ”يسرائيل هيوم”، أصبح بالإمكان إحصاء عدد جلسات الحكومة بأصابع يدٍ واحدة، وبإصبعٍ واحد اجتماعات كتلة الليكود.
وأضافت: “لكن غالانت قرر التركيز على الحرب، وهو لا يحضر الاجتماعات من النوعين”، موضحةً أنه “عندما لم يحضر اجتماع كتلة الليكود، أثار استياء زملائه في الكتلة”.
وحسب الصحيفة، فإنه في محيط غالانت، “كان هناك بالفعل من خشوا من صورة مقسّمة بينه وبين نتنياهو، والتي من شأنها أن تنقل رسالة مفادها أنه مع استئناف القتال في غزة، فإن قادة الحرب غير قادرين على التواجد في غرفة واحدة والتحدث إلى الجمهور”.
وفي 29 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حمل نتنياهو في تدوينة على حسابه بمنصة “إكس” (تويتر سابقا)، الأجهزة الأمنية مسؤولية الفشل في توقع هجوم “حماس”، في تغريدة حذفها لاحقاه بعد تعرضه لانتقادات من داخل الحكومة وخارجها.
وكتب في تدوينته وقتها محاولا التنصل من المسؤولية أن “جميع أجهزة الأمن، بما في ذلك رئيس الاستخبارات العسكرية ورئيس الشاباك، كانت ترى أن حماس تم ردعها وتريد التوصل إلى تسوية”.
وقبل ذلك بأيام، كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، بأن هناك خلافات بين نتنياهو وكبار المسؤولين في الجيش، بشأن التقييمات والخطط والقرارات.
وفي معرض رده على سؤال في المؤتمر الصحفي عن تعليقه على تراجع شعبيته في استطلاعات الرأي الأخيرة التي جرت بإسرائيل، قال نتنياهو: “لا نعمل وفق استطلاعات الرأي ولدى تفويض من الشعب بقيادة البلاد.. إذا عملنا بهذه الطريقة فلن أكون هنا ليوم واحد”.
وحول ما حققته إسرائيل خلال أسبوع الهدنة، قال “أعدنا 110 محتجزا وحررنا 86 مواطنا إسرائيليا، من أطفال ونساء وفتيان وفتيات وأمهات وجدات، فضلا عن العشرات من المواطنين الأجانب”.
وقال إنه تردد كثيرا قبل اتخاذ قرار التفاوض مع “حماس”، والذي جرى برعاية قطرية مصرية حول الهدنة وصفقة التبادل، مستدركا: “لكن، في نفس الوقت عرفت أننا يمكن أن نأخذ العشرات من الأسرى.. لقد أعدنا الكثير ولكن المهمة لم تكتمل بعد”.
وتطرق نتنياهو في المؤتمر الصحفي إلى استئناف الحرب في غزة، مدعيا أن الجيش “في الـ24 ساعة الماضية دمر 400 هدف لحماس، سنواصل الحرب حتى نحقق جميع أهداف الحرب وهذا لا يمكن أن يتم دون استمرار المناورة البرية”.
وأضاف أن الحرب في غزة مستمرة حتى تحقيق أهدافها الثلاثة “القضاء على حماس تماما، وإعادة جميع المختطفين وضمان ألا تشكل غزة في المستقبل تهديدا لإسرائيل”، مشيرا إلى أن “الحرب طويلة وصعبة أمامنا”.
كما هدد “حزب الله” اللبناني بالقول: “إذا ارتكب خطأ ودخل في حرب واسعة فسيخرب لبنان بيده”.
وتابع: “الأيديولوجية التي تنكر وجود إسرائيل تتقاسمها السلطة الفلسطينية وحماس ولن نقبل نفس الشيء، يجب أن يتغير”، مضيفا “بعد مرور أكثر من 50 يوما، لم يعتذر الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد ولم يدن المذبحة”، في إشارة لعملية طوفان الأقصى.
يشار إلى أنه في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وردا على اعتداءات إسرائيلية يومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، شنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عملية طوفان الأقصى ضد مستوطنات محيط قطاع غزة، فقتلت 1200 إسرائيلي وأصابت 5431 وأسرت نحو 239/ بادلت العشرات منهم خلال هدنة إنسانية مع إسرائيل، التي تحتجز في سجونها نحو 7800 فلسطيني، بينهم أطفال ونساء.
ومنذ ذلك الحين، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، خلّفت 15 ألفا و523 شهيدا فلسطينيا، و41 ألفا و316 جريحا، بالإضافة إلى دمار هائل في البنية التحتية و”كارثة إنسانية غير مسبوقة”، بحسب مصادر رسمية فلسطينية وأممية.
المصدر: الخليج الجديد