مقالات
تستمر آلة القتل والتدمير (الصهيو أميركية) في حرب الإبادة غير المسبوقة في التاريخ ضد أهلنا في غزة هاشم .ويستمر معها واقع التخلي والفوات والخذلان العربي والإسلامي المعولم . ويعاني أهل قطاع غزة جراء ذلك من تبعات عدوان همجي فاجر، لايوجد من يوقفه، ولا من صوت جدي للجم فاشيستيته الممارسة في كل جغرافيا قطاع غزة . ويتهافت رؤساء الغرب ووزرائهم جيئة وذهابًا إلى فلسطين المحتلة، للإلتقاء بقادة العدو الإسرائيلي، وملامسة المعطى الدعموي لإسرائيل، التي سيوجدونها إن لم تكن موجودة ،كما قال الرئيس الأميركي (جو بايدن) بوضوح وأريحية وأباحية منذ بداية العدوان على غزة..وتستمر حكايات وسرديات الوقف المؤقت لإطلاق النار ،شريطة توازيه مع إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى بعض أطراف المقاومة الفلسطينية في غزة ..وتتواصل مع كل ذلك حراكات بعض النظم العربية لامتصاص احتمالات تداعيات المسألة عليهم، وتهيئة الأجواء لمابعد حرب غزة، ومايمكن أن ينتح عنها، حيث تتمظهر بعض الأفكار والمبادرات لمآلات الحرب العدوانية الصهيونية على قطاع غزة، فإسرائيل ومعها أميركا لاتريد أن تستمر حركة حماس بالوجود العسكري، أو على الأقل أن لاتتمكن من العودة إلى حكم قطاع غزة بعد ذلك ..فتبادر بعض الأطراف العربية إلى التوافق على ماهية اليوم التالي بعد الحرب، ومن ذلك مايتم طرحه على أنه قد يكون حلاً مستقبليًا، بحيث تنتهي حركة حماس من وجودها الفاعل والعسكري، أو يجري ضمها إلى منظمة التحرير الفلسطينية ومن ثم توافق على كل اتفاقات أوسلو، وماجاء به ذلك الاتفاق وما آل إليه من نتائج كارثية. بينما تصر إسرائيل على أن تتسلم السلطات في غزة وبعيدًا عن رام الله، أدوات فلسطينية أخرى، بحيث يمكن ان تكون ألعوبة بيد إسرائيل عبر تنسيق أمني يومي مع دولة الاحتلال الصهيوني.
الإدارة الأميركية التي مازالت تتحدث عن حل الدولتين، وأهمية عدم بقاء إسرائيل بصفتها الأمنية والعسكرية المباشرة في غزة، وقد لاتكون جدية فيما تقوله، إلا إذا تم ماتريده إسرائيل من تنصيب وتسليم لأدوات دحلانية أو مشابهة لنموذج محمد دحلان، وقد تكون أكثر ارتباطًا بإسرائيل..لكن يبقى السؤال هل يمكن أن تقبل بمثل ذلك حركة حماس وكل فصائل المقاومة؟ وعلى أية أسس؟ وهل تصريحات (موسى أبو مرزوق) التي سارع وتراجع عنها كانت جدية؟ أويمكن أن تكون بداية مقبولة من الطرف الآخر للوصول إلى حيثيات اليوم التالي المنشود إسرائيليًا؟ أم أن اللقاء سيكون في منتصف الطريق على شاكلة سلطة (محمود عباس) في رام الله؟. وهل يمكن أن يكون ومع احتمالات خروج (مروان البرغوثي) من الأسر في صفقة تبادل جديدة التشدد الفلسطيني الفتحوي أكثر وأبعد من نموذج (محمود عباس) وسلطته المنتهكة يومياً وبكل شيء؟.
أسئلة كثيرة مابرحت قابلة للتعاطي والطرح، لكن من المؤكد أنه وضمن حيثيات الواقع العربي الآسن والمترهل، والمفتقد للسيادة وللمشروع العربي المتماسك أو القوي، ستبقى قضية فلسطين تراوح في المكان وستبقى محاولات إنتاج فصائل فلسطينية جديدة أو مستولدة تعبر عن مكنون وجوانية الإنسان العربي والفلسطيني الطامح لتحرير فلسطبن كل فلسطين، هي الأكثر وجودًا فعليًا، وهي كذلك القادرة والفاعلة في المستقبل القادم من أجل إعادة إنتاج واقع إقليمي وفلسطيني، بلا إيران/الملالي وبلا أدواتها من أمثال حزب الله اللبناني، أو الحوثيين في اليمن، أو الحشد الشعبي في العراق، ومعهم بالضرورة نظام المجرم بشار الأسد وعصابته التشبيحية، وهم جميعًا أدوات طيعة بيد إيران في المنطقة. الإنسان الفلسطيني القادم في اليوم التالي بعد غزة سيكون في حالة قطيعة كلية مع كل هؤلاء الذين انكشفوا وتمت تعريتهم، مع أحداث غزة، وانفضاح كذبة شعارات وحدة الساحات، وتحرير القدس الذي يمر عبر حمص وحلب وإدلب، وعلى جثث السوريين المناهضين للمشروع الفارسي وأدواته . بعد غزة فإن الشعب الفلسطيني والعربي معه، يريد فلسطين كل فلسطين.
إن عملية (طوفان الأقصى) قد ساهمت بشكل فعلي في إعادة وضع القضية الفلسطينية من جديد على الطاولة، وعلى أجندة التناول العالمي والعربي أيضًا، ومن ثم إعادة الزخم الحقيقي للقضية الفلسطينية التي سبق وتم وضعها على الرف منذ سنوات طوال..ورغم الألم الكبير والدمار والقتل في غزة اليوم، فإن القضية المركزية للأمة قد تم إحياءها، ولسوف تنتج الكثير من حالات المقاومة التي تعيد تأسيس القضية من جديد، وتفرض واقعًا آخر، ومتطلبات جديدة للشعب الفلسطيني، الذي أثبت الواقع وأكدت الممارسة أنه مازال متمسكًا بقضيته ومعه الأمة كل شعوب الأمة خارج أطر النظم الرسمية، التي ذهبت باتجاهات أخرى ضمن منحنيات مصالحها البرغماتية الرثة.
المصدر: موقع ملتقى العروبيين