نبيل السهلي
تشكل الجيش الصهيوني بعد إنشاء الدولة المارقة إسرائيل في أيار /مايو 1948 من العصابات الصهيونية الهاغانا وشتيرن والإيتسل ، والتي كان يقودها إرهابيون كمناحيم بيغن وإسحاق شامير وشمعون بيرس.
وقد ارتكبت تلك العصابات عشرات المجازر بحق الشعب الفلسطيني، الأمر الذي أدى الى تهجير 850 ألف فلسطيني من الساحل الفلسطيني والجليل ويافا واللد والرملة ، ليصبحوا الآن في نهاية 2023 نحو سبعة ملايين لاجئ فلسطيني يشكلون نحو خمسين في المائة من إجمالي الشعب الفلسطيني.
استراتيجية الإرهاب
بعد إنشاء عصابة إسرائيل ، لخص بن غوريون ،أول رئيس وزراء لها استراتيجيتها المبنية على المجازر والتقتيل والإرهاب قائلاً “الوضع في فلسطين سيسوى بالقوة العسكرية “.
وبعد مرور أكثر من 75 عاماً على إنشاء العصابة المنفلتة إسرائيل، ومن خلال استمرار مجازرها في قطاع غزة والضفة الغربية والداخل الفلسطيني توضحت بشكل جلي لا لبس فيه المنطلقات الاستراتيجية لتحقيق أهداف الحركة الصهيونية وعصاباتها الفاشية، وفي المقدمة منها الدولة العصابة إسرائيل، وتنفيذ برامجها التوسعية في فلسطين والمنطقة العربية، فكانت المجازر المنظمة من قبل العصابات الصهيونية والجيش الإسرائيلي فيما بعد ضد أهل القرى والمدن الفلسطينية من أبرز العناوين للتوجهات الصهيونية والإسرائيلية، ولاسيما لجهة حمل أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين للرحيل عن أرضهم وإحلال اليهود مكانهم للإخلال بالميزان الديموغرافي التهويدي، وهذا يعتبر هدفا خفيا للعصابة إسرائيل.
ومن نافل القول إن مجازر العصابة المنفلتة إسرائيل، والتي سقط خلالها عشرات الآلاف من الشعب الفلسطيني بين شهيد وجريح، جلهم من الأطفال والنساء والشيوخ ، الأمر الذي يؤكد أن الدولة المارقة سلسلة من عصابات صهيونية مدعومة من نظم الغرب التي تتبنى روايتها الفاشية على مدار الساعة.
هشاشة العصابة المنفلتة
كشفت عملية “طوفان الأقصى” في السابع من تشرين الأول / أكتوبر المنصرم هشاشة العصابة المارقة إسرائيل على كافة المستويات الأمنية والعسكرية والسيبرانية واعتمادها على صانعيها وداعميها في الغرب وخاصة أمريكا، حيث لا يختلف اثنان بشأن العلاقة الاستراتيجية التي تربط إسرائيل والإدارات الأمريكية المتعاقبة التي ترسخت خلال العقود الماضية، نظرا للدور الذي لعبته عصابة إسرائيل في إطار المصالح الأمريكية الشرق أوسطية، وقد تكشفت تلك العلاقة أكثر من أي وقت مضى خلال العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة والضفة الغربية والداخل الفلسطيني.
ولم تكن الشراكة الأمريكية الإسرائيلية في العدوان على الشعب الفلسطيني حديثة العهد، بل تجاوبت الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ عام 1948 مع الاستراتيجية التي تقوم على تطوير التحالف مع عصابة إسرائيل وترسيخه في مختلف الميادين السياسية والاقتصادية والثقافية والدبلوماسية.
وقد تجلى ذلك بالدعم الأمريكي للدولة المارقة في أروقة المنظمة الدولية واستخدام حق النقد الفيتو ضد أي محاولة لاستصدار قرار يدين ممارسات العصابة وفاشيتها ضد الشعب الفلسطيني الأعزل.
الدعم الأمريكي
وقد اتضح التوجه الأمريكي لدعمها خلال فترة انتفاضة الأقصى، وقبل ذلك الضغط الأمريكي على المنظمة الدولية التي ألغت القرار الذي يوازي بين العنصرية والعصابة المجرمة ، لكن المساعدات الأمريكية لها برزت كونها الأهم في إطار الدعم الأمريكي المستمر والذي كان ماثلاً للعيان منذ بدء العدوان الصهيوني في بداية تشرين الأول / أكتوبر الماضي حيث وصلت (200) طائرة أمريكية محملة بمساعدات متنوعة للجيش الصهيوني.
وقد حلت تلك المساعدات العديد من الأزمات الاقتصادية الصهيونية أو حدت منها على الأقل، ناهيك عن أثرها الهام في تحديث الآلة العسكرية الصهيونية وتجهيزها بصنوف التكنولوجيا الأمريكية المتطورة، وفي هذا السياق قدرت قيمة المساعدات الأمريكية للعصابة المنفلتة والموحشة إسرائيل خلال الفترة (1948- 2023) بنحو 146 مليار دولار، منها نحو (60) في المائة هي قيمة المساعدات العسكرية، و (40) في المائة قيمة المساعدات الاقتصادية.
ولم تتوان الإدارات الأمريكية المتعاقبة ومنها إدارة بايدن الحالية ولو للحظة عن تقديم دعمها السياسي والمالي والعسكري والدبلوماسي والإعلامي للعصابة الفاشية ، وقد توضح ذلك بشكل جلي بعد نجاح “عملية طوفان الأقصى” والعدوان المستمر على قطاع غزة والضفة الغربية والداخل الفلسطيني الذي أصاب البشر والحجر، الأمر الذي أكد ويؤكد استراتيجية العدوان الصهيوني الأمريكي الغربي المشترك على الشعب الفلسطيني، ولهذا لم تكن أميركا وغالبية النظم الغربية يوما مع حقوق الفلسطينيين رغم عدالتها، بل كانت منحازة الى جانب تصورات وسياسات عصابة إسرائيل، وفي مقدمتها المجازر المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني، ناهيك عن شراكة الغرب في تعميم الروايات الصهيونية الزائفة حول احتلال فلسطين وطرد شعبها .
وبعد توحش الجيش الصهيوني أخيراً ، لابد من ترسيخ مصطلح العصابة الفاشية إسرائيل وهي امتداد طبيعي لعصابات الشتيرن والهاغانا والإيتسل التي ارتكبت عشرات المجازر عام 48 ، ومنها مجزرة قريتي الطنطورة وبلد الشيخ في قضاء مدينة حيفا عروس الساحل الفلسطيني.
كاتب فلسطيني مقيم في هولندا
المصدر: القدس العربي