مَن تُراهُ حَريّاً عِندنا بالرِّثاءْ
مَن تُرى مُوقِظاً فينا غَوافي الإباءْ
من تُرى مُكْمِلاً عَنّا دُروبَ الفِداءْ
إنّهُ وَحشُ غابٍ صَالَ يبغي الفَناءْ
هل خُلِقْنا لِعَيشٍ راغمٍ كالإماءْ
هل لأنّنا خِرافٌ عُلِّقَتْ لِلشِّواءْ
هل هُمُوا أصْدِقاءٌ قد دُعوا للعَشاءْ
من تُراهُ يُغالي بَعْدَنا بالرَّجاءْ
عِندَ فُجّارِنا أوْ شاربينَ الدِّماءْ
قائِلاً: اِذْبَحوا أَهْلي وكُلَّ الإخاءْ
بل أَعِدّوا لِقوْمي مِن صُنوفِ البَلاءْ
واتْرُكُوني مُعافى تحتَ إبْطِ النِّساءْ
غَيْرَةُ الشَّهمِ غَابَتْ،جَفّتْ زَهْرُ الحَياءْ
أم سَرى الغَدْرُ يُعْلي يا فِطاتِ الوِجاءْ
قَتَّلوا كُلَّ رَمْزٍ للهُدى والشِّفاءْ
دَعَّموا كل أَفَّاقٍ يُعاني العَماءْ
لَمَّعوا حِقْدَ مَأفونٍ وأَعْلوا اللوّاءْ
هل تَعافَتْ طُغاةُ العَصْر رُغْمَ الخِصاءْ
رُغْمَ تَرْحيبِها بالطّامعين النِّواءْ
رغم تَبْكيتِها لَوْباتِ شَعْبٍ لِماءْ
واستِغاثاتِ فِكْرٍ من فَسادِ الهَواءْ
واعتِصاماتِ ناسٍ يَطْلِبُون اللِّقاءْ
واحتجاجاتِ جيلٍ يَشْتَكونَ السَّواءْ
قَدْ رَبَتْ تُرَّهاتٌ عَنْ غُلُوِّ السَّماءْ
وَارْتِداداتُ كَيْدٍ فُعِّلَتْ بالكِراءْ
هل لِأَحْرارِ قَوْمي وَحْدَةٌ في الأدَاءْ
ضِدَّ تِنينِ نَهْرٍ مُمْعِنٍ في العَداءْ
يا حُشوداً دَعي هَذْيَ الكَرى والخِباءْ
أرْخِصي دونَ حقٍّ كُلَّ غالٍ يُشاءْ
عَطرّي مَكْرُماتٍ إِثْرَ دهْسِ الحِذاءْ
إرْفَعي رايَةَ اسْتِقلالِنا والجَلاءْ
عَزِّزي ثَوْرةً عَلّمتْنا العَطاءْ
ثورةً أخْرَجَتْنا مِن كُهوفِ الوَباءْ
دَرَّسَتْنا معاني الجُودِ قبلَ السَّخاءْ
فَقّهتْنا لِمَنْ تَصْفو سَواقي الوَلاءْ
أنَّ لا للتّمادي مِن حُروف الهِجاءْ
أنّ شَلّالَ دَمٍّ فُلْكَنَا لِلبَقاءْ
أنّ إِخْلاصَنا يُنْبوعُ ذاكَ الدَّواءْ
كم سَتَرْضى السَّما عَنّا بِنَبْذِ الغَباءْ
إنْ فَصَلْنا عَويلاً أوْ هَوىً عَنْ بِناءْ
إنْ نَزَعْنا رِدا رَعْنائِنا والمِراءْ
إِنْ مَزَعْنا حُقوقاً من نُيوبِ الدَّهاءْ
مِنْ دَهاليزِ خَوْفٍ والغِوى والجَفاءْ
بل وُقوفاً مَعَ الشُّورى وَعَدْلِ القَضاءْ
عِنْدها تُصْبِحُ التّعْساءُ نِعْمَ الرَّخاءْ
عِنْدها نَسْتَحِقُّ العَيْشَ فَوقَ الفَضاءْ