أحمد مظهر سعدو
قالها يومًا (حسن نصر الله) زعيم ميلشيا (حزب الله) في لبنان ” صمتنا يربك العدو”. إذا كان (الصمت الاستراتيجي) سياسة مستمرة لما يسمى محور (المقاومة والممانعة) وأوله دولة إيران/ الملالي بالضرورة، فإن ما جرى يوم الاثنين الفائت أحرجهم جميعًا، وجعل من سياسات الصمت، وشعارات (وحدة الساحات) أضحوكة حقيقية، لدى كل المتابعين لحالة الاستهداف المستمرة لضباط ما يسمى (الحرس الثوري الإيراني) على الأراضي السورية.
إذ لا يبدو أن باستطاعة إيران رغم كل التهديد والوعيد، أن تتمكن من فتح باب المعركة على مصراعيه مع دولة الاحتلال الإسرائيلي. ولأن الاستهداف الكبير لقنصليتها في دمشق والخسائر الأكبر التي لحقت بها جراء فقدانها شخصيات عسكرية كبرى، خلق ارتجاجًا كبيرًا في الدماغ الإيراني، وساهم بمزيد من الإحراج لسياسة (الصمت الاستراتيجي) المتبعة. إيران سوف ترد عبر وكلائها في المنطقة وبالوكالة، وقد تكون ردودًا مختلفة بعض الشيء، تحاول من خلالها أن تحفظ ماء وجهها أمام شعبها، وأمام بقايا حلف (الممانعة والمقاومة) الذي هو الآخر يتنظر مثل هذا الرد، وهو يدرك أن لا حرب مباشرة مع إسرائيل، أو مع أميركا، وأن أوضاع وبناءات العسكريتاريا لهذا الحلف، ما انفكت أوهى من بيت العنكبوت ،ولا تملك إلا الصراخ والشكوى إلى مجلس الأمن الموقر، وهي تعي ان العمارة العسكرية الكبرى للإمبراطورية الفارسية ومشروعها في المنطقة، والتي تتكئ عليه جميعها، مازال في طور البناء، وما برح يعثر في الأُكم وفي الوهد، محتملًا ثقلًا على رأسه، ولن تسمح دولة الملالي الإيرانية أن ينهار كل ما بنته سابقًا، منذ انتصار (ثورة الشعوب) في جغرافية إيران السياسية، أواخر سبعينيات القرن الفائت، وهي التي مازالت تقترب وتتماهى مع علاقة مصلحية نفعية مع الإدارات الأميركية، وصولًا إلى استقرار تنشده لنفسها، ويمكن أن يترك الأجواء مفتوحة ضمن الدور الوظيفي المنوط بها.
(الصمت الاستراتيجي) الإيراني بات عبئًا جديًا على كل سياسات إيران، في المنطقة، وبات يكبل استطالاتها ويحرجها أمام الجميع، مع ذلك فهي مازالت تصر على هذا الصمت، وحتى لا تخسر ما سبق وأن ربحته، خلال السنوات الأخيرة، عبر هيمنتها على عواصم عربية أربع، هي دمشق وبغداد وصنعاء وبيروت. وانطلاقًا من ذلك فإن كل ما يقال عن تسريبات لمواقف إيرانية متشنجة ضد الوضع الأمني السوري المخترق، والذي يجعل دولة إيران تخسر ضباطًا وشخصيات تلو شخصيات، كل ذلك لن يؤدي إلى تبعثر العلاقات مع النظام السوري، بل قد يؤدي إلى مزيد من التواجد الأمني الأعمق للإيرانيين في سورية، ومن الممكن أن يعيد النظر في كثير من آليات العلاقة مع الأجهزة الأمنية السورية، ومن ثم الكثير من عدم الثقة، مع بعض شخصيات أمنية كبرى للنظام السوري، وخاصة تلك التي تتبع السياق الأمني والعسكري الروسي، وقد يؤدي ذلك إلى بعض التوترات، مع أدوات الهيمنة الروسية، على مفاصل كثيرة من الأمن والجيش في سورية، وقد تعضُّ إيران أصابع الندم، على نصيحتها للسوريين بالاستعانة بالعسكر الروس، يوم أن كان نظام الأسد قاب قوسين أو أدنى من الانهيار. لكن هل يمكن أن يؤدي هذا الكم الكبير والنوعي من الاختراق الأمني داخل أنساق أجهزة الأمن السورية، والتي تؤدي إلى مزيد من الخسارات، إلى قطيعة مع النظام نفسه؟ أو انفصام لعرى العلاقة المتينة بين إيران ونظام بشار الاسد.؟. ليكون الجواب في رأيي أنه لا إمكانية لمثل ذلك، لا سباب كثيرة نذكر منها:
_ عدم توفر رفاهية اللحظة الزمنية التي تسمح لإيران التي وصلت دمشق وهيمنت على الكثير من مفاصلها، من أن تتخلى عن العلاقة القوية مع النظام السوري داخل محور (المقاومة والممانعة).
_ إدراك إيران أن حزب الله الموجود في سورية بكثافة، وبثقة به أكبر، يمكن أن يكون أداة تضمن لها الهيمنة الجدية على مفاصل القرار السياسي السوري، وبالتالي منع نظام الأسد من الانجرار نخو مساحات ومربعات أخرى لا ترضاها إيران.
_ إن تعطش بعض الدول الغربية لإقناع الأسد بالتخلي عن إيران، وفك عرى العلاقة والارتباط معها بعد التفاهم الإيراني السعودي، يجعل من إيران وسياساتها أكثر إصرارًا على التمسك بالعلاقة مع الأسد وسورية.. ويساهم في تجاوز كل الهفوات التي حصلت، والبحث عن بدائل في الآليات دون (قتل الناطور).
علاوة على أن متانة العلاقة والمصالح الإيرانية الاقتصادية والعسكرية في سورية، تجعل من احتمالات فك عرى العلاقة أمرًا مستحيلًا وصعبًا ولن تقدم عليه إيران في أي لحظة زمنية، إلا إذا أجبرته على ذلك، وبالطبع فإن وضع النظام السوري المرتبط بها، وهو الذي أوصل سورية إلى ماهية الدولة الفاشلة لديه، وضياعه كليًا، لن يمكنه أن يقوم بمثل هكذا خطوات.
الأول من نيسان/ ابريل لم يكن كذبة بل حقيقة تفقأ العين، وزاهدي وصحبه قضوا بضربة استهدفت القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية. ثم يقول وزير خارجة النظام السوري المقداد: “صبر سورية يجب ألا يختبر”.
ولنذكر بما قاله يومًا الرئيس الإيراني الأسبق (محمود أحمدي نجاد) لأحد الزعماء العرب:
“نحن في إيران نعرف حجمنا جيداً، ولا يمكن أن ندخل في صراع مع أميركا أو إسرائيل، لأن الأميركيين والإسرائيليين، قادرون أن يحرقوا إيران ومن فيها”.
المصدر: موقع المُحمَّرة
ليسو مؤمنين بل بعضهم مسلمين
وكما وصفهم الله . لاتقولوا أمنا بل قولوا اسلمنا . ولما دخل الإيمان قلوبكم فإذا هذا البعض . وهم كُُثر لايدخل الإيمان قلوبهم . فكيف الغير مؤمنين. ولامسلمين