حقائق كثيرة ظهرت خلال الأيام القليلة الماضية أثبتت أن روسيا هي صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة في الشأن السوري ومن الصعب أن يستطيع اليوم أحد أن يشكك أن النظام السوري أصبح أكثر قوة وسيطرة على الأرض خاصة على المناطق الأهم نفوذا وأهمية في سوريا وأن التواجد العسكري الروسي الإيراني ومليشيات تابعة لحزب الله والحشد الشعبي الشيعي كانوا لهم الدور الأكبر في بقاء النظام السوري وفي الوضع الذي وصلت له سوريا اليوم ٬ ولكن وكالعادة بعد أي حرب فإن للمنتصر غنائم وعندما يكون هناك منتصرون فلا بد من تقاسم الغنائم أو أن طرف واحد وهو الأقوى سيسيطر على الغنائم كلها وهنا تظهر معادلة جديده في القضية السورية . وهذه المعادلة الجديدة تكمن في بدء ظهور اختلاف المصالح والاسلوب بين الطرف الإيراني والروسي، وكلا الطرفان يسعيا للسيطرة على سوريا وأخذ كلمة الفصل والقرار الأول فيها مع عدم وجود اي فعالية للنظام السوري حاليا مما قد ينذر باحتمال حصول مواجهة بينهما داخل سوريا فروسيا التي تمتلك مصالح استراتيجية مهمة قي في سوريا على المتوسط، وربط جسر بحري مع القرم تسعى اليوم لمساعدة النظام السوري وإظهاره انه اعاد السيطرة على الداخل وأن الأمور عادت كما كان حالها في 2011 ولكنها وجدت نفسها امام تحديات لتحقيق هذا سواء من الداخل السوري او على الجانب الدولي وعلاقة سوريا مع الجوار، فمن جانب الداخل السوري وجدت روسيا نفسها تواجه ظاهرة التعفيش خصوصا مع تواجد عسكري لمليشيات غير تابعة للنظام السوري بشكل مباشر قد يصعب السيطرة مع الأيام عليها أو مليشيات شعبية عملها كله هو السرقة وقد أشيع قبل عدة أيام عن امكانية حل اللجان الشعبية، والسؤال هنا هل من السهل بعد سبع اعوام اعادة هؤلاء الى مواطنين عاديين دون اي مشكلات بعد أن اعتادوا على حمل السلاح والتهديد به والسرقة، أما دوليا فوجدت روسيا نفسها تعاني من الوجود الايراني غير المرغوب فيه على الرغم من أن روسيا وايران قاتلا في سوريا الى جانب النظام السوري الا أن المصالح الروسية الاستراتيجية التي ذكرناها سابقا تختلف تمام عن أهداف ايران في تدخلها بسوريا ومع تزايد الغارات الإسرائيلية على مواقع إيرانية في سوريا لم يظهر اي رد أو تصريح روسي قوي ومع حشد النظام السوري على الجنوب السوري أتت زيارة نتنياهو الى موسكو ليلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وحاولت روسيا أن تقدم نفسها ضامنا لعدم دخول اي قوات تابعه لحزب الله او ايران الى المناطق القريبة من حدود إسرائيل، ومع تأخر الحملة العسكرية على الجنوب يبدو ان روسيا لم تستطيع أن تقدم نفسها كضامن لهذا الامر ورغم ان الأمر قد يحدث واضحا لكنه ليس بالأمر السهل على روسيا ولقد ظهرت اخبار عن مطالبة روسيا النظام السوري برحيل القوات الإيرانية رغم أنه أمر لم يكن به تأكيد ولكنه غير مستبعد، ولعلاقة روسيا بإسرائيل في سوريا له عدة جوانب أولا: روسيا تدرك أن لايران اهداف ايديولوجية واقتصادية مختلفة تماما عن اهدافها وغير متلاقية في بعض الأوقات.
ثانيا: روسيا تدرك أن إيران دولة مكروهة دوليا وتعاني من عقوبات اقتصادية ومشاكل اقتصادية كبيرة داخليا، تجعلها لا تقاوم كثيرا للبقاء في سوريا وامكانية خروجها باتفاق.
ثالثا: المشروع الإيراني الخارجي ودعمها لعدة جماعات في لبنان واليمن وتهديدها لأمن أكثر من دولة يجعل روسيا بعيدة عن التمسك بها بشكل مباشر بما يربطها من علاقات مع دول الخليج العربي وإسرائيل، وفي سياق هذه السياسة الخارجية لإيران التي تسببت في مشاكل مع دول كثيرة لن تجعل روسيا تتمسك بها وربما تفاوض على اخراجها من سوريا مع الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا بما يمكن أن يكون حلا مرضيا لإسرائيل والذي بدا واضحا من زيارة نتنياهو الأخيرة لروسيا أن اي حل في سوريا سيكون ضمن شروط اسرائيل.
لكن هل سترحل إيران من سوريا بمجرد طلبت روسيا منها ذلك أم أنها سوف ستتواجه مع روسيا في سوريا لتدافع عن مصالحها واهدافها في الداخل السوري وهل من الممكن حصول اتفاق روسي أمريكي حول الوجود الإيراني، وماذا سيكون موقف النظام السوري هل سيقف متفرجا ام سيحاول توزيع أرض بين الطرفين ليرضي الجميع مهما حصل فإن المرحلة القادمة سوريا قد تشهد صراعا جديدا، فروسيا وإيران كل منهم يريد الغنيمة الكبرى في سوريا في المرحلة القادمة.