أحمد العربي
يحيى السنوار القائد الفلسطيني الذي استشهد في قطاع غزة في ١٦ تشرين ثاني من عام ٢٠٢٤م. في مواجهة مع العدو الصهيوني الذي بدأ معركة ابادة جماعية على أهلنا في قطاع غزة منذ ٧ تشرين الثاني عام ٢٠٢٣م.
يحيى السنوار قائد حركة المقاومة الاسلامية حماس في قطاع غزة. المنتخب حديثا قائدا لحركة حماس بعد اغتيال اسماعيل هنية من الصهاينة في طهران وسقوطه شهيدا…
يحيى السنوار ابن مخيمات قطاع غزة الذي كان له دور أساسي في تأسيس حركة المقاومة الإسلامية حماس في غزة وفلسطين عموما عام ١٩٨٧م. وشغل بها مناصب أمنية. كان قد اعتقل من الصهاينة بتهم قتل صهاينة وعملاء فلسطينيين للصهاينة. وتم الحكم عليه بـ أربع مؤبدات وخمس وعشرين سنة سجن. وتم إخراجه من السجن بعد ٢٢ سنة نتيجة صفقة تبادل بين المقاومة الفلسطينية والصهاينة عام ٢٠١١م. حيث خرج أكثر من الف اسير من بينهم يحيى السنوار مقابل تسليم الجندي جلعاد شاليط للصهاينة…
الشوك والقرنفل رواية كتبها يحيى السنوار أثناء سجنه عام ٢٠٠٤م وأرسلها إلى خارج سجنه بوسائل مختلفة. وهي تؤرخ لسيرة يحيى السنوار نفسه. ولولادة حركة المقاومة الإسلامية حماس وتطور نموها عبر أكثر من عقدين من الزمن خاصة في قطاع غزة ومن ثم تمددها في كامل فلسطين.
تبدأ رواية الشوك والقرنفل من خلال متابعة حياة أسرتين لشقيقين من سكان قطاع غزة كانوا قد لجؤوا إلى القطاع بعد نكبة فلسطين عام ١٩٤٨م. وتحول جزء من فلسطين إلى دولة إسرائيل وعاشوا في مخيمات اللجوء في القطاع بجوار أهل القطاع الفلسطينيين. هاتين الأسرتين متكافلتين متضامنتين في كل شؤون الحياة.
الاخ الأول أنجب ابنين حسن وابراهيم والثاني انجب عدة أولاد محمود وحسن ومحمد واحمد ومريم. بعضهم ولد ما قبل النكبة والبعض ولد بعدها…
تبدأ الاحداث التي تتابعها الرواية من حرب عام ١٩٦٧م وانعكاسها على أهل قطاع غزة. وعلى الأسرتين بشكل مباشر. حيث يشارك الأخوين ربي الأسرة في معارك مواجهة الصهاينة مع القوات المصرية حيث كان قطاع غزة تابعا لها.
كانت الحرب حلم العرب و الفلسطينيين واهل غزة لأنها تعني الانتصار على الصهاينة وعودة اللاجئين الى ديارهم. وخاصة أن من يخوض الحرب من قبل مصر هو جمال عبد الناصر الزعيم العربي وما يملك من شعبية وآمال كثيرة كانت معقودة عليه. لكن الواقع يظهر الهزيمة في حزيران عام ١٩٦٧م. ويسقط قطاع غزة محتلا بيد الصهاينة. ويختفي ربي الأسرتين مع المقاومين الآخرين من قطاع غزة ولا يعرف مصيرهما.
تتكيف الأسرتين مع واقعهم. وسرعان ما يصل خبر استشهاد أحدهما تاركا وراءه زوجته وطفليه الصغيرين. مما يدفع أهل الزوجة لأخذ ابنتهم لتزويجها وترك الطفلين عند زوجة عمهم برفقة أولادها.
يكبر الأبناء في حضن الأم التي عاملت أولاد أخي زوجها مثل أولادها. وقد كانت حريصة على ضبط مسلكهم وتصرفاتهم ودفعهم لبناء حياتهم بشكل أفضل وسط ظروف حياة قاسية جدا. حيث يعتمد اللاجئون على الأونروا التي شُكلت لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين بعد عام النكبة لتؤمن الحد الأدنى للعيش والكفاف. فقد تابع الابن الأكبر دراسته وتفوق بها ونجح واستطاع الحصول على منحة دراسية في مصر ليكمل دراسته في الهندسة المدنية. حيث درس هناك وعاد وهو منتمي لحركة فتح. والاصغر منه درس الصناعة في قطاع غزة. والبقية في مدارس قطاع غزة حسب اعمارهم. أما أبناء الأخ فقد كان الكبير فيهم يتصرف دون مسؤولية. حيث لا يذهب الى المدرسة وقد يسئ لبعض فتيات المخيم وتمت محاسبته وتوجيه النصيحة له من زوجة عمه، لكنه لم يرتدع. ثم هرب إلى فلسطين المحتلة عام ١٩٤٨م. وعمل مع الصهاينة وصادق فتاة صهيونية وعاش معها. وأصبح عميلا عند الاستخبارات الصهيونية ويخدمها. حاول العودة إلى المخيم عند اهله مع استمرار سلوكه المشين. فطردوه وتمر السنين ويعلم اخوه ابراهيم بعمالته للصهاينة ويتخلص منه بطريقة ما، حيث غسل العار الذي جاء من أعماله وخيانته. المهم ان الاخ الاخر إبراهيم تفوق بدراسته ورفض مغادرة قطاع غزة للدراسة في مصر أو الضفة الغربية. لقد قرر الالتحاق بالجامعة الإسلامية في غزة. كانت استمرارا للمدرسة الإسلامية متواضعة الامكانيات. بدأت متحدية كل الظروف واستطاعت أن تنجح في تأسيس جامعة نموذجية وذلك بعد سنين من الإصرار والمواظبة…
بدأ الفلسطينيين في المقاومة على يد منظمة فتح بقيادة ياسر عرفات منذ عام ١٩٦٥م. وحصلت بعد ذلك العمليات ضد الصهاينة. وخاصة بعد هزيمة حزيران ١٩٦٧م وحصول معركة الكرامة بين الصهاينة والفدائيين عام ١٩٦٨م في الاردن وانتصار المقاومة عليهم. مما جعل الفلسطينيين يؤمنون بقدرتهم على أن يقاوموا الصهاينة و يحرروا ارضهم.
تجمع عدد من الشباب الفلسطيني من أبناء غزة مواطنين ولاجئين حول الشيخ أحمد ياسين الذي أخذ يربيهم على افكار الاخوان المسلمين وزرع في ذهن هؤلاء الشباب اعتبار القضية الفلسطينية ليست قضية وطنية فقط بل هي قضية دينية ايضا ترتبط بحماية القدس والمسجد الأقصى وتحريرهم مع كامل فلسطين.
كان يتساءل الشباب الإسلامي المتحلق حول أحمد ياسين ومنهم إبراهيم عن ضرورة أن يكون لهم دور في مقاومة المحتل الصهيوني. وكان يطمئنهم احمد ياسين بانهم في طور التهيئة وبناء الذات وسيكون لهم دور في المقاومة قادم حتما. وهكذا بدأوا في تأسيس حركة المقاومة الاسلامية حماس في قطاع غزة واعلن رسميا عن نشأتها في عام ١٩٨٤م. وبدأت تنتشر في قطاع غزة بجوار بقية القوى الفلسطينية فتح والجبهة الشعبية وغيرهم. وبدؤوا بخلق الخلايا الجهادية في كل مدن قطاع غزة. وكان لهم امتداد في مدينة الخليل في الضفة الغربية. وكانت البدايات في مواجهة قوات الاحتلال بعمليات عسكرية تقتل جنود وضباط صهاينة. وحصل ردود فعل عدوانية من الصهاينة سواء بالاعتقال والتنكيل والسجن وخلق العملاء. كما انعكس ذلك على البنية المجتمعية لأهل القطاع باحتضان المقاومين وتقديم كل الدعم والحماية لهم. هكذا بدأ العمليات الفدائية لحماس تتوسع وتزداد فاعلية. حيث تراكمت افعال المقاومة وردود فعل الصهاينة الى حراك شعبي أدى لحصول الانتفاضة الاولى عام ١٩٨٧م. وامتدادها لكامل القطاع وكل مدن ومخيمات وقرى فلسطين. وادى ذلك على المستوى السياسي أن يفكر الصهاينة بحل للانتفاضة التي لم تعد قادرة على إيقافها أو ترويضها. مما أجبرها بالاتفاق مع الامريكان أن تلتقي بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية وابو عمار ياسر عرفات. للدخول في مفاوضات من أجل حل القضية الفلسطينية. توجت باتفاقيات عام ١٩٩٣م حيث عاد أبو عمار ومعه بعض القيادة و مقاتلين ليكونوا نواة دولة فلسطينية. وكان في عقلية الصهاينة إيقاف الانتفاضة والقضاء عليها.
لم تكن حماس راضية عن اتفاقات اوسلو فقد رأوا أن الانتفاضة ستدفع الصهاينة للانسحاب من قطاع غزة ومن باقي الأراضي المحتلة دون أن ندفع ثمن الاعتراف بالكيان الصهيوني ولو على جزء من فلسطين. ولكن أبو عمار وقيادة المنظمة استمروا بتنفيذ الاتفاقات في خطوة اولى وهي غزة اريحا اولا في عام ١٩٩٤م.
لم يتقبل المتطرفين الصهاينة اتفاق إسحاق رابين مع ابو عمار. فقام أحد الصهاينة بقتله. وجاء بعده رئيس وزراء شمعون بيريز ثم نتنياهو… ولم ينجحوا في إيقاف الانتفاضة ولا في كسر المقاومة المسلحة التي تقوم فيها حماس وخاصة العمليات الاستشهادية.
لم تستطع اتفاقيات أوسلو ولا وجود سلطة ياسر عرفات أن تكبح جماح مقاومة حماس لقد حصلت مئات العمليات التي قتل بها جنود صهاينة بطرق مختلفة. وبالمقابل حاول الصهاينة دفع جهاز الأمن في فتح والسلطة الفلسطينية أن يشاركوا في اعتقال الناشطين من حماس ونجحوا جزئيا. ولكن بعد اشتداد عود حماس وعملياتها توجه الصهاينة بـ العمل العدائي ضد حماس وقوات السلطة الفلسطينية. مما جعلهم يفكرون بالعمل سوية ضد الصهاينة.
طاردت الاستخبارات الصهيونية وعملائها المقاومين وقادتهم من حماس واستطاعت الوصول للمقاوم عماد عقل وقتله بعدما قام بالكثير من العمليات ضد الصهاينة. وكذلك وصلوا الى يحيى عياش مهندس العمليات الاستشهادية واستطاعوا القضاء عليه عبر تفجير هاتفه بعبوة ناسفة. مما جعل المقاومين يزيدون من عملياتهم الاستشهادية التي تطال الصهاينة في كل فلسطين. في المراكب العمومية وعلى المواقف والمطاعم واي تجمع كان. لقد عاش الصهاينة في تلك الفترة جحيما لم يستطيعوا أن يواجهوا مثله ابدا.
ضمن مسار الرواية سيكون الاخ الاكبر للعائلة منتميا لفتح ويدافع كل الوقت عن السلطة الفلسطينية وعن تجربة حكم أبو عمار بعد عودته إلى فلسطين. بينما بقية إخوته وابن عمه فهم أقرب إلى حماس ووجهة نظرها في مواجهة المحتل عبر المقاومة وفرض التنازلات عليه. وسيكون ابن عمهم ابراهيم القائد الحقيقي لجهاز أمن حماس والموجه الفعلي للعمليات المقاومة للصهاينة في قطاع غزة وبقية فلسطين، عبر العشرات من الخلايا الاستشهادية التي قامت بعملياتها التي جعلت الصهاينة في حالة ضعف دائم يبحثون عن حل ويضغطون على أبو عمار لدرجة حصاره وقتله بالسم عام ٢٠٠٤م في المقاطعة حيث مركز حكمه في رام الله. وينكلون بالمقاومين في عمليات اغتيال تنتهي باغتيال ابراهيم القائد الامني في حماس في عام ٢٠٠٤م ايضا…
هنا تنتهي الرواية.
كان يحيى السنوار مازال يقضي سجنه حيث سيتم خروجه منه عام ٢٠١١م بصفقة تبادل مع جلعاد شاليط الجندي الإسرائيلي بعد ٢٢عاما من السجن. تنفيذا لفكرة سيعيد تنفيذها تبادل السجناء والاسرى الفلسطينيين مع صهاينة تخطفهم حماس.
يعود يحيى السنوار بعد عام ٢٠١١م ليكون قائدا لحركة المقاومة الإسلامية في قطاع غزة. حيث سيمر عليه احتلالات متتابعة ويتحرر قطاع غزة أخيرا ولكن محاصر من الصهاينة. ويستمر يحيى السنوار وإخوته في حركة حماس مؤمنين بأن الحل لمواجهة المحتل هو المقاومة. وحصل طوفان الأقصى في ٧ تشرين ثاني عام ٢٠٢٣م حيث عاش الصهاينة أسوأ أيامهم قتلى ومصابين واحتجاز أكثر من مئتين وتبدأ معركة تفاوض من جهة ومعركة قتال ومقاومة على الأرض من جهة أخرى…
قرر نتنياهو اختيار استعمال القوة المطلقة بحق أهل غزة والضفة. و بغطاء امريكي كامل. قتلت اكثر من ٤٢ الف فلسطيني الى الان واكثر من ١٠٠ الف مصاب وجريح. مع تدمير شبه كامل لقطاع غزة. ومحاولة تهجير أهل قطاع غزة إلى الأردن ومصر. ورفض الدولتين لذلك وتمسك الشعب الفلسطيني بأرضه وبلاده.
العنف الصهيوني مقصود به استعادة الكرامة المهدورة ابان طوفان الاقصى وان تعود مهابة الصهاينة. وما اغتيال القادة السياسيين اسماعيل هنية وبعده يحيى السنوار وغيرهم وكذلك العسكريين إلا محاولة للقضاء على المقاومة ممثلة في حماس. لكن المقاومة مستمرة رغم مضي أكثر من سنة على العدوان الصهيوني في قطاع غزة والضفة الغربية…
اختم القضية الفلسطينية قضية شعب وأرض وحق ببناء دولة فلسطينية لهم في الحد الادنى في الضفة وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشرقية. أقل من ذلك يعني استمرار الصراع والمقاومة الى امد بعيد…
أما فتح المعركة من الصهاينة مع حزب الله ووراءه إيران فذلك حديث آخر قادم.
بعون الله.