تحت عنوان “هجوم إسرائيلي غير لائق على الأمم المتحدة”، قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية، في افتتاحية عددها الورقي لهذا الأربعاء، إن السلطات الإسرائيلية، وفي إطار بحثها عن الجناة لإخفاء الأخطاء الفادحة التي أدّت إليها سياستها، ظلّت تهاجم، منذ أشهر، الأمم المتحدة، وخاصة وكالة الأونروا، المسؤولة عن اللاجئين الفلسطينيين.
وفي 28 أكتوبر/تشرين الأول، أضاف النواب الإسرائيليون أصواتهم بكثافة إلى مشروع الهدم هذا، من خلال حظر أنشطة هذه الوكالة الأممية في إسرائيل خلال تسعين يومًا.
قدَّرت مراجعةُ كاترين كولونا أن الانحرافات الفردية لا يمكن أن تجلب معها وكالة تظل “لا يمكن الاستغناء عنها، ولا غنى عنها”
واعتبرت الصحيفة الفرنسية أن تصويت الكنيست يضيف العار إلى الفضيحة، في الوقت الذي تقف فيه غزة على حافة الانهيار الإنساني، وأن الاحتجاج الدولي الذي أثاره هذا التصويت يشهد على ذلك. ومع ذلك، فإنها ليست المرة الأولى التي تقوم بها إسرائيل بانتهاك جسيم للقانون الإنساني.
وتابعت “لوموند” القول إنه من المؤكد أن رصيد الأونروا تأثّرَ بشدّة بمشاركة نحو عشرة من موظفيها، الذين يقدّر عددهم بالآلاف، في مجازر المدنيين الإسرائيليين التي ارتكبتها “حماس”، في السابع من أكتوبر/تشرين الأول عام 2023.
وقد دَحَض التدقيقُ الدولي الذي أجرته وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاترين كولونا، بتكليف من الأمين العام للأمم المتحدة، الاتهامات الإسرائيلية بحدوث تسلل واسع النطاق، لم يتم إثباته حتى الآن، إلى الوكالة من قبل حركة “حماس”.
وقدرت هذه المراجعة من قبل كاترين كولونا أن الانحرافات الفردية لا يمكن أن تجلب معها وكالة تظل “لا يمكن الاستغناء عنها، ولا غنى عنها”.
واعتُبر هذا العمل قويًا بما فيه الكفاية بالنسبة للمانحين الرئيسيين، بما في ذلك أولئك المقربون تقليديًا من إسرائيل، مثل ألمانيا، لمواصلة منحها الوسائل اللازمة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في مثل هذه الظروف المأساوية، تُشير “لوموند”.
واعتبرت الصحيفة الفرنسية أن الهجوم الإسرائيلي المكثف على الأونروا محاولةٌ منها لمحو إحدى نقاط الخلاف الرئيسية في الصراع قديمًا: مصير اللاجئين الفلسطينيين، الذي سيضاف إلى الأراضي التي احتلتها بالقوة عام 1967، بما في ذلك الجزء الشرقي من مدينة القدس.
وتابعت “لوموند” القول إن الهجوم على الأمم المتحدة، للأسف، لا يقتصر على وكالة الأونروا. فقد تم إعلان أمينها العام، أنطونيو غوتيريش، شخصًا غير مرغوب فيه، بعد تصريح لا يتوافق مع البيان الذي كانت الحكومة الإسرائيلية تريد إملاءه عليه.
في شمال غزة، أصبحت حياة عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين معلقة مرة أخرى بخيط رفيع، وسط لامبالاة واسعة النطاق
وفي جنوب لبنان، تزايدت، في الأسابيع الأخيرة، محاولات الترهيب ضد جنود قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، الذين تطالب إسرائيل برحيلهم.
وبالتالي، تقول الصحيفة الفرنسية، فإن تسليم الأمم المتحدة للانتقام المحلي لن يؤدي، مع ذلك، إلى إخراج الدولة العبرية من مأزق إستراتيجيتها المتمثلة في الأعمال الانتقامية الضخمة في شريط ضيق من الأرض يتعرّض لمجزرة. ويتجلى ذلك في العمليات العسكرية الجديدة التي تُنفَّذ في شمال غزة، حيث أصبحت حياة عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين معلقة مرة أخرى بخيط رفيع، وسط لامبالاة واسعة النطاق.
واعتبرت “لوموند” أن عجز رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن تصوّر أدنى عودة دائمة للهدوء في غزة، وهو ما من شأنه أن يسمح بالإفراج عن الرهائن الإسرائيليين الذين ما زالوا محتجزين هناك، لن يؤدي إلا إلى إدامة الحرب وأهوالها.
المصدر: القدس العربي