أحمد مظهر سعدو
من كان يتصور أن ثورة الشعب السوري، ثورة الحرية والكرامة سوف تتمكن بهذه السرعة من كنس الطغاة من دمشق، ومعهم كل شذاذ الآفاق، مما يسمى (الحرس الثوري الإيراني) وكومة المليشيات الطائفية المقيتة، التي استجلبها قاسم سليماني إلى أرض الشام، كي يعيد (مجد) امبراطور الفرس (كسرى أنو شروان) ويحتل دمشق، عاصمة الدولة الأموية العظيمة. نعم لقد تم كنس الاحتلال الإيراني ومشروعهم الخطر على أمتنا، وإلى غير رجعة، واكتست دمشق حلة خضراء، طالما حلم بها الشعب السوري، ومعه كل شعوب العرب والمسلمين، الذين أدركوا خطورة وجود آل الأسد وعصابتهم الأمنية، وشراذم المليشيات الطائفية التي جاءت إلى دمشق لتنتقم من معاوية، كما تقول.
ولعل الوعي الجمعي السوري المنتفض منذ ١٥ آذار/ مارس ٢٠١١ ومن ثم إرادته وإيمانه القوي بأن النصر لابد قادم، بعد كل هذه التضحيات للسوريين على مذبح الحرية والكرامة، بماينوف عن مليون شهيد، وأكثر من ٩٠٠ ألف معتقل دخلوا سجون الاستبداد منذ بداية الثورة السورية، وأكثر من ٦٠٠ ألف معوق حرب، ودمار مايزيد عن ٦٥ بالمئة من البنية التحتية في سورية، على يد الإيراني والروسي والأسدي، حتى باتت عملية إعادة إعمار سورية تحتاج إلى أكثر من 500 مليار دولار حسب تقديرات أممية. كل ذلك لم يثن الشعب السوري أبدًا عن متابعة الكفاح والصبر والمصابرة، حتى سقوط نظام الطغيان الأسدي صبيحة يوم 8 كانون أول / ديسمبر 2024. حيث انهار المشروع الإيراني، وكل مليشياته، وحمل المجرم عصاه ورحل فارًا وهاربًا تحت جنح الظلام.
لقد قيل اليوم أنه سوف يسجل التاريخ أن شعبًا عربيًا مسلمًا مؤمنًا بربه وبمستقبله الوطني، لم يهزم أبدًا، بل ثابر وتابع حتى تحقق له ما أراد، وقام بتطهير أرض الشام، من رجس الفرس ودولة الملالي، وأصابهم بالخيبة وقلة الحيلة، وجعل فلولهم تعوي في أزقة الشام والجغرافيا السورية هربًا وفزعًا.
وإذا كان الشعب السوري وقواه الوطنية الحية، وكل أفراد سورية الطامحون نحو العلا والسؤدد، الحق والحقيقة، العدل والمسساواة، قد تمكنوا من عدوهم، وأدركوا أن نصر الله قريب، وأن هزيمة العدو الإيراني لابد لها من إعداد وعمل وجهود تصل الليل بالنهار، فإن نصر السوريين في دمشق هو هدية مهداة إلى كل شعوب الأمة التي تعاني من عسف واحتلال الإيراني، وأولها بكل تأكيد، الشعب العربي الأحوازي، وهو مايزال يرزح تحت الاحتلال الإيراني، لعل نصر السوريين يعد بارقة أمل جدية لكل الأحوازيين، وأيضًا لكل العراقيين وكل اللبنانيين ومعهم أهل اليمن العربي.
إن انتصار ثورة الشعب السوري تعتبر اليوم نصرًا أكيدًا لكل شعوب العرب والمسلمين، وهم يرون أدوات ووكلاء إيران يفرون أمام جحافل ثوار سورية.
من هنا كان لابد من أن تتم قراءة ثورة السوريين قراءة متأنية نتعلم منها جميعًا الدروس تلو الدروس، كي تدرك معها الأمة كل الأمة أن من يمتلك الإرادة والعمل والإيمان، لابد سينتصر يومًا، كانوا يرونه بعيدًا وكنا نراه قريبًا، كانوا يثبطون هممنا، وكنا نزرع الأمل، ونكتب التاريخ من جديد، بدمائنا ووجعنا، بإرادتنا وإيماننا. لم ننحن يومًا، ولا تراجعت عزيمتنا، كنا نفكر طوال الليل والنهار، كيف يمكن أن يساهم كل منا في إنجاز النصر، وكنس الفاشيست الأسدي والإيراني. ولم نكن نسمح لأي لحظة يأس أن تتسرب إلى جوانية تفكيرنا، بل كان الله معنا دائمًا، وفي أحلك الظروف وأصعبها، كانت إرادة الله غالبة، وكانت لحظات التفاؤل قادمة ومتواصلة، حتى تحقق ذلك، وأصبح قاسيون لنا كما كان طوال الزمن ، وأزيح الطغيان وانتكس المشروع الإيراني، وأصبح مسجد بني أمية الكبير يعج بالمصلين، واختفى القهر والسلب والنهب، الفساد والإفساد إلى غير رجعة .
المصدر : موقع المحمرة