وليد التليلي
إذا كنت مواطناً يعيش على هذا الكوكب، فأنت لست في مأمن من صاروخ أو قنبلة أو رصاصة إسرائيلية. أيّاً تكن، في الصحاري أو الثلوج، شمال الكرة الأرضية، جنوبها، أيّاً كانت جنسيتك وعرقك، أنت لست في مأمن من طائرة إسرائيلية، أو أميركية أو بريطانية أو ألمانية… بالنيابة طبعاً، تلاحقك لأنك فقط ضد الظلم والقهر، ولأنك تدافع عن حق الشعوب في تقرير مصيرها.
تتجوّل الطائرات الإسرائيلية في كل مكان، تضرب حيثما تشاء، وقتما تشاء، بكل قوة، تقتل النساء والأطفال والشيوخ وكل الأبرياء. تحتل إسرائيل أراضي، تقرر البقاء فيها، تنتهك كل قانون دولي وكل اتفاق، تفعل ما تشاء، بدون رقيب أو حسيب. هذا يلخص جوهر النظام الدولي الحالي، القائم على الظلم، والذي انتهت كل شرعيته الأخلاقية، فضلاً عن القانونية.
يتساءل الطبيب النرويجي مادس غيلبرت في تصريح إعلامي “متى أصبح الدفاع عن النفس مهاجمة المستشفيات؟”، مضيفاً “ما يحدث في غزة هزيمة لكل واحد منا”. هذا ما يؤكد بكل بساطة فشل البشرية، نظامها الدولي ومؤسساتها وقوانينها، في إدارة الصراع، فما نراه في المنطقة هي القوة والغطرسة بعد سقوط كل الخطوط الحمر، واحداً تلوى الآخر، على أعتاب غزة. هناك معيار ربما يكشف كمية هذا الحقد الإسرائيلي على الفلسطينيين، وهو الكره الشديد للمستشفيات، وإمكانية تعافي أي جريح أو مريض. وما أقدم عليه جيش الاحتلال في العملية العسكرية في منطقة مستشفى كمال عدوان ومحيطه، يبقى غريباً جداً من هذا الاستهداف المتكرر لهذا المستشفى بالذات.
أخلى الاحتلال الطواقم الطبية والمرضى والجرحى في مستشفى كمال عدوان قسرياً. اعتقل بعضهم وأحرق أجزاء واسعة من مبانيه، على الرغم من وجود عدد من الكادر الطبي والمرضى داخلها، وفق وزارة الصحة في غزة. قصف المستشفى جواً وأرضاً، دمره وقتل من فيه أكثر من مرة، فما الذي يمكن أن يفسر هذا أو يجد له تبريراً، أيا كان؟ منظمة الصحة العالمية، قالت في بيان لها، إنّ “الغارة التي شنّتها إسرائيل على مستشفى كمال عدوان أدّت إلى خروج آخر مرفق صحي رئيسي في شمال غزة عن الخدمة”. وأضافت المنظمة، ومقرّها الرئيسي في جنيف، أنّ “التقارير الأولية تشير إلى أنّ بعض الأقسام الرئيسية احترقت ودُمّرت بشدّة خلال الغارة”.
لماذا يكرهون الحياة، ويطالبون في المقابل، بأن يكون لهم جيران وأصدقاء، وأن يتفاعل ويتعايش معهم الناس؟ الحقيقة المُرّة، مرة أخرى، أنهم يجدون من يتجاوب معهم، ومن عرب للأسف.
المصدر: العربي الجديد