في الوسط الاعلامي والثقافي (هذه الأيام) أناس يعملون ولا يعلمون، يلاقحون ولا يتلاقحون.. يفعلون ولا يتفاعلون. ينجذبون إلى الأشياء اللامعة، ويبنون أعشاشهم الضخمة، في الأشجار أو الشجيرات، ويغطونها بغطاء من أعواد شائكة مفككة.. يتغذون على الحشرات، وبيض الطيور، وصغار الطيور، وآلام الطيور، وفتات الموائد، والثديات الصغيرة، كما يأكلون الجيف. مثلما تفعل تمامًا طيور العقعق، التي تقوم بكل ذلك، وهي كما تعلمون، من فصيلة الغراب، وتتميز بتلك الميزات.. والحقيقة فإن بعض هؤلاء الذين نشبههم بالعقعق، يلتقطون الأفكار الجذابة، ويدمجونها في كتاباتهم، وصياغاتهم، ونتاجاتهم.. من دون أن يشغلوا أنفسهم كثيرًا، بالكيفية التي يمكن عبرها أن تتوافق تلك الأفكار بعضها مع بعض.. ولأن العقعق، يتغذى على الحشرات، والطيور، فإنهم يأكلون الجيف ويتغذون كما يتغذى (بكل أسف) على بيوض صغار الطيور.. فيبنون أنساقهم الفكرية، على نحو مفكك، مثلما يبني العقعق عشه، كما أنهم ينجذبون إلى أية أفكار بارزة، مثلما ينجذب العقعق إلى الأشياء اللامعة.
وهذا لا يغيب عن نظر أي متابع لما يراه يوميًا على بعض الفضائيات، وهذا الإسفاف البائس، الذي (يتحفنا به) بعض هؤلاء.. أو يقض مضجعنا به وعبره، ولا يبدو أن مثل ذلك يبتعد كثيرًا، عن حالات يقوم بها، من يسلخ جلد الفقمة، ليستفيد منها، مهما كان الأثر سيئًا عليها، أو على البيئة التي من حولها، حيث أن الفقمة تسلخ حية على الثلوج، بعد ازالة أعضائها الذكرية ” التي تباع باعتبارها طعامًا يثير الشهوة الجنسية ” وهناك بالفعل استمرار، لقتل صغار الفقمة على الرغم من خطر ذلك.
ما يفعله اليوم بعض المثقفين، أو مدعي الثقافة، يميل لأن يكون، مثل ذلك أو قريبًا منه، ويسيرون بفعلهم هذا نحو إبادة جماعية للبشر، وثقافتهم، وعقولهم معًا، وهنا يؤكد بعض المفكرين “أنه في عصرنا الحالي، لا يجري الدفاع عن المذابح العشوائية، باعتبارها جزءً من الثقافة ” عندما يكون الضحايا من البشر (حيث يعتقد عادة أن المذابح من هذا النوع تحتاج إلى دفاع من نوع آخر، حتى إن كان غير مقبول) بل عندما تكون الضحايا هم غيرنا من الثدييات، مثل صائدي حيوانات الفقمة، كما أسلفنا.
وهنا أنا أعتقد أن التشبيه بالحيوانات والمقاربة حول الثدييات والطيور ليست خارج السياق، ولا تعتبر نشازًا، بل هي عودة الى “كليلة ودمنة” بشكل من الأشكال؟!!