بعد كل الذي حصل في محافظة السويداء، وحالة الخطف بلا حل، واستمرار الإجرام والقتل ضد المختطفين، يسود الصمت والتجاهل من قبل النظام السوري، وتترك السويداء وأهلها للأقدار، كما يترك المختطفين لاحتمالات القتل، والمصائر المجهولة، ويبقى السؤال كيف ستكون مآلات الأوضاع في السويداء ضمن هذه الأحوال، وخاصة وضع المختطفين؟ وهل من آمال جدية للخروج من عنق الزجاجة؟ وإلى أي حد يمكن للروس أو النظام السوري أن يلبوا شروط الخاطفين حفاظًا على أرواح أهلنا المختطفين في السويداء؟ كل ذلك حاورنا به بعض السياسيين والباحثين والنشطاء في جبل العرب والسويداء.
الباحث بيان الحجار أكد لجيرون قائلًا ” تعتقد الغالبية من المهتمين إن النظام وبدعم من الروس يقوم بتوظيف قضية المخطوفين لصالحه بغية إخضاع المحافظة، لقد شكلت لجنة للتفاوض من أجل إطلاق سراحهم، شكلتها مشيخة العقل (اثنان فقط من المشايخ الثلاثة لان الثالث لا يتعاون معهم ) وتدخل رجال الكرامة في الأمر بعد أن أبلوا بلاءً حسنًا في التصدي لداعش وقدموا شهداء، لقد قاموا باحتجاز عددًا من رجال ونساء البدو، الذين ثبت تعاونهم مع داعش، وبعد ضغوط من كل القطاعات الأهلية تم إطلاق سراح النساء والأطفال منهم، ضمن وعد من الروس ببذل الجهود لإعادة المخطوفين وبعد ذلك بساعات قام الخاطفون بإعدام إحدى المختطفات، مع طرح شروط، منها مادي بواقع مليون دولار مقابل كل مختطفة، وإطلاق سراح محتجزين ومحتجزات عند النظام منهم”. وأضاف الحجار ” لقد استقالت لجنة التفاوض لعدم تعاون النظام والروس معها، وتولى الأمر شيخ العقل حكمت الهجري المقرب جدًا جدًا من النظام، لذلك فقد يعمد النظام إلى تسهيل عودتهم لرفع شعبيته، وإفشال الشيخين الآخرين ومشايخ الكرامة، وقد لا يقوم بذلك، بغية تحقيق سيطرة أكثر على المحافظة، وخاصة قضية عدم التحاق الشباب بالخدمة العسكرية الالزامية والاحتياطية، وللعلم فقد تم فصل حوالي سبعين معلمًا ومدرسًا من الوظيفة في السويداء، بسبب ذلك”. ثم تحدث بصراحة قائلًا ” باختصار النظام والروس يستطيعون إعادة المخطوفين، ولكن هناك استغلال لهذا الملف، بهدف السيطرة على المحافظة والأمر مرشح للتصعيد”.
الباحث والمعارض السوري جبر الشوفي قال ” كما هو معلوم للجميع تخضع مسألة المختطفين والمختطفات في السويداء لعملية ابتزاز مزدوجة ومتقابلة، فالروس والنظام من خلفهم يريدون إخضاع كامل مجتمع السويداء من أجل تسليم آلاف الشباب الممتنعين عن الخدمة للنظام، ولإنهاء ظاهرة رجال الكرامة المسلحة التي تحمي حتى الآن منعة الشباب من النظام، ومن مراهنات مشيخة العقل والواجهات الشبيهة وخطوطها المفتوحة مع النظام والروس، وتفشل محاولات الاستجابة لمطالب النظام ووعدهم له تحت عنوان حل هذه القضية الإنسانية، بينما تعمل داعش على ابتزاز النظام للإفراج عن معتقليها وإظهار أنها قادرة وتجدد قوتها وحضورها في عدة مجالات كما يبتزون أهل المحافظة عبر الرهائن وضمن عملية التكفير، وحتى الآن يماطل الروس ويراوغون ويلوذ النظام بالصمت بحجة وجود وكيله الروسي، لذا لا يوجد استجابة حقيقة لمطالب المجتمع الجبلي، ولا للاعتصام المفتوح من أهالي المخطوفين ومناصريهم. لذلك العملية دخلت في استعصاء محكم في ظل عدم قدرة رجال الكرامة بأسلحتهم الضعيفة على شن هجوم على داعش كما أن بعض الواجهات الدينية والاجتماعية تحاول الاستثمار في الحالة القائمة لتثبيت مواقعها اجتماعيًا ومع النظام وحماته ” وأضاف الشوفي قائلًا ” أعتقد أن المسألة ستطول وستدخل عناصر إضافية عليها، ولا سيما إمكانية قتل كل المعتقلين. لذا أرى أن على مجتمع السويداء وهو في أكثريته أدرك أبعاد اللعبة الخبيثة، أن ينتفض بقوة وبشكل أشمل وأكثر منهجية في التظاهر والاعتصام السلميين، للضغط على الروس والنظام، وأعتقد أنه سيجد عند أكثرية السوريين المساندة والتآزر كالذي شهدناه في إدلب وجوارها دعمًا لهذه المسألة، كما أرى أن يغيروا بنية اللجنة المحلية المكلفة بإدارة الحوار، والتي فشلت في عملها التقليدي والمحاط بالسرية للانتقال إلى لحنة تمثل الفعاليات الاجتماعية والدينية والسياسية الجادة، للعمل مع أطراف المسألة الدبلوماسية بما فيهم الشركاء الوطنيين من البدو والجوار، والحوار الصريح مع المجتمع”. ونبه الشوفي للخطورة بقوله ” ليس بعيدًا أن تقع الكارثة التي لن تتوقف عند إعدام جميع الرهائن، بل ستتعداها إلى اضطراب عام وفوضى لا يستفيد منها سوى جهات النظام وأدواته، وتلك الشعبوية التي تشكل تشويشًا وتفرز منابر مشتتة ومتعددة على لب الموضوع يزيده تعقيدًا واستعصاءً”.
أما مروان حمزة رئيس المنظمة العربية لحقوق الانسان في سورية فقد أكد لجيرون أن ” المسألة أصبحت كلها في عهدة النظام وحليفه الروسي. فالشروط الأخيرة وهي مطلب مليون دولار عن كل مخطوفة. إضافة إلى الإفراج عن كل معتقلي داعش عند النظام وغيره، تدل على أن هناك من يلعب بالملف لإضاعة البوصلة. فالنظام هو الأول والأخير المسؤول عن إعادتهم سالمين لأن محافظة السويداء إلى الآن محسوبة تحت سيطرته، وقد قصَّر بالأساس في حمايتهم من هجمات داعش لأسباب كثيرة.. فهو لم يلب نداءات أهل القرى المنكوبة، لحظة الهجوم كما يجب”. وتابع حمزة يقول ” النظام هو المسؤول عن أي مكروه يصيبهم. ومن جهة أخرى إن الفيديوهات الأخيرة تظهر أنهم ليسوا بمغارة أو وكر من وعر الصفا المخيف. حيث يوجد في الفيديو الأخير والذي يظهر إعدام ثروت أبو عمار بأن الرخام في أرضية المكان!!؟؟ وإن كان هناك من يحافظ على أرواح المختطفات فهو النظام بدون شك. ومن سيتفاوض مع الارهابين هو النظام. وحتى هذه اللحظة الجهة الخاطفة هي شكل هيولى!! لم تستطع لجنة التفاوض من أجل المخطوفات (والتي حلت نفسها مؤخرًا بعد فشلها بالتقدم في عملها!!) والمعينة من قبل مشيخة العقل. التعامل أو معرفة مطالبهم بشكل واضح. وبعد الضحية الأخيرة أصبح على النظام لزامًا إطلاق سراحهم فورًا وإنهاء مأساتهم بعد وضوح القصة من كل الجهات. وبالتالي هو الوحيد الذي يتحمل تأمين سلامتهم.”
أما الدكتور كمال سلوم فقد قال ” من خلال ربط الأمور كمسببات ونتائج تثبت أن عملية الهجوم والاغتيالات التي جرت في 25 تموز والخطف والاستثمار في هذا الحدث .انه كان ذلك يهدف إلى منتج واحد وهو خضوع الشعب للشروط بتسليم المتخلفين عن العسكرية ورفع الغطاء عن فصائل مسلحة حمت المواطنين .لتسليم سلاحها وتدجينها .لذا يسعى النظام إلى تفتيت الجبهة الداخلية من خلال وفود متنوعة وأماكن مختلفة لإجبار الجميع على اتباع أجندة النظام .ووقتها يمكن أن تحل مشكلة المخطوفات”.
المصدر: جيرون