أعلن المبعوث الأممي الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا، نيته الاستقالة من منصبه نهاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، بعد أربع سنوات قضاها في محاولات غير مجدية لتحقيق تقدم على طريق تحقيق انفراج في مسار الأزمة السورية.
ودعا دي ميستورا، خلال جلسة مجلس الأمن الدولي، الدول الضامنة لمفاوضات أستانة حول الأزمة السورية للاجتماع خلال الشهر الجاري. وقال: “سأترك منصبي في نوفمبر المقبل، لأسباب شخصية”، إذ تزوج حديثاً ويريد التفرغ لأسرته، كما قال في تصريحات سابقة.
وأوضح المبعوث الأممي أنه سيتوجه الأسبوع المقبل إلى دمشق بدعوة من سلطات النظام السوري، لبحث تشكيل لجنة دستورية مكلفة صياغة الدستور، مشيراً إلى أن “تركيا أظهرت موافقة على قائمة المرشحين للجنة الدستورية السورية”، داعياً ضامني أستانة للتشاور معه قبل نهاية الشهر في جنيف.
ورأى الدبلوماسي الدولي أن اتفاق إدلب “فتح نافذة كبيرة لإطلاق لجنة دستورية ذات مصداقية”.
وقالت مصادر إعلامية إن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، الذي مدد ولاية دي ميستورا شهراً واحداً، وكانت تنتهي نهاية شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، يبحث عن بديل لدي ميستورا، قد يكون وزير الخارجية الجزائري السابق، رمطان لعمامرة، إثر الاعتراضات من جانب النظام السوري وروسيا على المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، وتحفظات أميركية على مبعوث الأمم الخاص للعراق يان كوبيتش.
وتم تعيين الدبلوماسي السويدي، الذي يحمل الجنسية الإيطالية، موفداً للأمم المتحدة في سورية، خلفاً للجزائري الأخضر الإبراهيمي، في يوليو/ تموز 2014.
ودي ميستورا من مواليد 1947 في ستوكهولم السويدية، وهو عضو سابق في الحكومة الإيطالية. وبعد مسيرة 40 سنة في مختلف وكالات الأمم المتحدة، تم تعيينه وكيل وزارة الخارجية للشؤون الخارجية في الحكومة الإيطالية، برئاسة ماريو مونتي، ثم مبعوث الأمم المتحدة الخاص بالأزمة السورية خلفاً للجزائري الأخضر الإبراهيمي، الذي قدم استقالته من المنصب.
وخلال عمله كمبعوث إلى سورية طيلة السنوات الأربع الماضية، كان دي ميستورا شخصاً مثيراً للجدل، ولم يحظ برضى النظام ولا المعارضة في سورية، فضلاً عن تعرضه لانتقادات عديدة من جانب روسيا.
وآخر تصريحاته التي أثارت امتعاض المعارضة السورية نهاية شهر أغسطس/ آب الماضي، حين قال إن عدداً كبيراً من المقاتلين الأجانب يتركزون في مدينة إدلب السورية، بينهم ما يقدر بنحو 10 آلاف “إرهابي” ينتمون لـ”جبهة النصرة” و”تنظيم القاعدة”، وهو ما عدته المعارضة السورية تغطية مسبقة للعدوان الذي كان يستعد النظام وروسيا لشنه على المحافظة قبل اتفاق سوتشي الأخير.
وسبق ذلك تصريحات دعا فيها المعارضة السورية للإقرار بهزيمتها في الحرب، والتوجه إلى بناء السلام على هذا الأساس.
من جهتها، ترى روسيا أن دي ميستورا كثيراً ما تجاوز مهمته التي ترى أنها محصورة بالعمل على تشكيل اللجنة الدستورية ورعاية اجتماعاتها بعد التشكيل، وصولاً إلى استئناف المفاوضات بين السوريين.
ويشير سلوك المبعوث الدولي، الذي لم يحظ يوماً بدعم أميركي أو دولي حقيقي خلال السنوات الأربع الماضية، إلى أنه حاول دائماً التأقلم مع مواقف الطرف الأقوى في الصراع السوري، خصوصاً مواقف روسيا، التي باتت اللاعب الأول في الساحة السورية منذ تدخلها العسكري في سبتمبر/ أيلول 2015، ما يشير إلى أنه ليس “صاحب مبادئ”، بل “رجل صفقات وتسويات” قادراً على التخلي عن المرجعيات الدولية الناظمة للحل السياسي في سورية كلما تعرّض لضغوط من الدول الكبرى، خلافاً للمبعوثين السابقين مثل الأخضر الإبراهيمي وكوفي أنان، اللذين فضّلا الاستقالة على الخضوع للضغوط، أو دفعهما لسلوك طريق نهايته الفشل.
المصدر: العربي الجديد