يعرض مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون خلال زيارته إلى موسكو اليوم، ملامح استراتيجيا بلاده في شأن التعاطي مع الملف السوري، بالتزامن مع جولة الموفد الأميركي إلى سورية جيمس جيفري في المنطقة، في وقت تصاعد التوتر أمس داخل صفوف «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة) التي تسيطر على مناطق واسعة في مدينة إدلب ومحيطها (شمال غربي سورية)، ولوحظ أن الهيئة التي قبلت ضمناً الاتفاق الروسي- التركي في شأن المنطقة العازلة، بدأت باستهداف الجناح المصري المتشدد داخلها، والذي كان أعلن رفضه الاتفاق.
ويُجري بولتون نقاشات في موسكو اليوم مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وأمين مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف، تتطرق إلى الملف السوري. وأعلن الكرملين أن الرئيس فلاديمير بوتين يعتزم الاجتماع مع بولتون خلال زيارته التي تستمر حتى غد. والتقى الموفد الأميركي في الرياض رئيس هيئة التفاوض السورية نصر الحريري. وأكد أن واشنطن «تدعم تحقيق السلام والمصالحة في سورية، فيما قال الحريري عقب اللقاء إن هناك تقارباً وتقاطعاً بين أولويات المعارضة وأميركا حول أهمية الحل السياسي كمخرج للأزمة السورية ضمن إطار الأمم المتحدة، وأنه لا حل عسكرياً في سورية، إضافة إلى ضرورة مواصلة العمل على محاربة التنظيمات الإرهابية وانسحاب الميليشيات الإيرانية وعودة اللاجئين.
وأكد الناطق باسم هيئة التفاوض يحيى العريضي لـ «الحياة» أن «التغير في السياسة الأميركية حول سورية بات واضحاً. وإن لم يكن هناك تبلور واضح المعالم، فعلى الأقل هناك تغير ملموس في التوجهات، لكننا لا نعوّل عليهم (الأميركان) كنصير للشعب السوري، فلدينا تجارب سابقة، وتبقى واشنطن قوة خارجية ولها مصالح». وقال: «يتحدثون عن استراتيجيا جديدة لمسنا نقاطها العريضة، وفي مقدمها هزيمة داعش من دون عودة، وهناك تصميم أميركي على زوال إيران وميليشياتها، إضافة إلى شروط عدة للتعاطي مع الملفات التي يطرحها الروس حول إعادة اللاجئين والإعمار»، وربط الأمر بـ «وجود بيئة آمنة محايدة، والدخول الحقيقي والجاد في التسوية»، مشيراً إلى أن «هذا النظام السوري ليس مؤتمناً على إعادة إعمار أو عودة لاجئين»، وقال: «علينا أن نرى الآن ترجمه هذه السياسة على أرض الواقع».
ويأتي اجتماع جيفري مع الحريري بعد اختتام اجتماعات هيئة التفاوض واللجنة الدستورية التي اقترحتها في الرياض. وصدر بيان مطوّل شددت فيه الهيئة على ضرورة الدفع نحو بلورة موقف دولي جامع وضاغط باتجاه تفعيل العملية السياسية في جنيف، وضرورة عدم تدخل أي جهة في تشكيلة الثلث الثالث من لجنة الدستور، والذي يتوجب تسمية أعضائه حصراً من الأمم المتحدة.
إلى ذلك، كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس أن الجهاز الأمني ضمن «هيئة تحرير الشام» أقدم على اعتقال أحد العناصر المصريين المتشددين في الهيئة، من النقطة العسكرية التي يتمركز فيها ضمن المنطقة العازلة غرب مدينة حلب، وتم اقتياده إلى جهة مجهولة، مشيراً إلى أن الخطوة جاءت بعد أيام من اغتيال القائد العسكري في الهيئة أبو الليث المصري في ريف إدلب الجنوبي. وأكد المرصد أن «تحرير الشام» عمدت إلى اعتقال «مهاجرين مصريين».
واستهدف انفجار سيارة مفخخة أمس منطقة يتمركز فيها مسلحون من أوزبك وتركستان بإدلب، ما أدى إلى مقتل 4 أشخاص، بينهم مدنيان ومسلحان، إضافة إلى أكثر من عشرة جرحى.
إلى ذلك، نفى التحالف الدولي بقيادة واشنطن أمس، استهداف مدنيين في غارة جوية شنها أخيراً في شرق سورية، مؤكداً أنه كان يستهدف موقعاً لتنظيم «داعش»، في وقت زار وفد من التحالف مدينة منبج (شمال سورية)، والتقى مسؤولين من الإدارة الذاتية التابعة لقوات سورية الديموقراطية «قسد».
وكانت غارات جوية استهدفت الخميس والجمعة قرية السوسة التي تقع ضمن آخر جيب يسيطر عليه «داعش» في محافظة دير الزور (شرق سورية)، ما أسفر عن مقتل 63 مدنياً، بينهم عشرة أطفال، وفق المرصد السوري الذي نسب هذه الغارات إلى التحالف. وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن معظم المدنيين الذين قتلوا ينتمي إلى عائلات مقاتلين في «داعش»، مضيفاً أن «ستة من هؤلاء فقط هم سوريون، والآخرون معظمهم عراقيون».
وأكد الناطق باسم التحالف الكولونيل شون راين أن التحالف لم يشن أي غارة الجمعة، في حين استهدفت غارة الخميس مسجداً حوّله «داعش» إلى «مركز للقيادة والمراقبة». وأضاف: «تقويمنا مفاده أن مركز القيادة والمراقبة كان يضم فقط مقاتلين لداعش عند شن ضربتنا». وأوضح أن «12 إرهابياً» من التنظيم قُتلوا في الغارة، و «إذا كانت ثمة مزاعم ذات صدقية تتصل باحتمال سقوط خسائر مدنية، فستكون موضع تحقيق».
المصدر: الحياة