بينما نلج العام الجديد، ومع رحيل وأفول نجم العام البائد، وبينما يستقبل السوريون المزيد من التخلي العالمي، وحيث يلاقي السوريون المطر والسيول والثلوج في مخيماتهم التي يفترض أنها وجدت لتحميهم من برد الشتاء، وحر الصيف، بعد أن مارس المجرم السفاح بحقهم أبشع أنواع القتل والتدمير والترحيل والتهجير القسري.
يستقبل السوري هذا العام وهو ما يزال يحلم بوطن حر خالٍ من القمع والقتل والاعتقال الأسدي، تسوده الكرامة والعزة، تحت ظل القانون، وليس تحت هيمنة التشبيح الأسدي، يعيش فيه المرء من دون هاجس الخوف الذي ما برح كل سوري، يحياه في مخياله، وفي أحلامه، في سكونه، وفي حركته، في فرحه وفي آلامه.
السوري ونحن منه وفيه، يحلم بالوطن السوري الذي يجمع الجميع، ضمن عقد وطني جامع، ووعي اجتماعي مطابق، وانبثاق للأمل لا ينضب، وكرامة إنسانية طالما كانت أمله البسيط المتواضع. وليس ذلك بحلم صعب المنال، وليس هذا بالممكنات المستحيلة.
في ذؤابة العام الذي يلج حيواتنا ، نتطلع إلى مغادرة معتقلينا السجون الأسدية ، بل وكل سجون العسف ومحو إنسانية الانسان، ونتصور أنهم بيننا يستقبلون العام الجديد، وفق رؤيا وطنية نالوا ما نالوا من العذاب من أجلها ، ونتطلع إلى تحقيق ما صبا إليه كل شهداءنا الميامين، الذين غادرونا من أجل وطن أفضل، وأكثر إشراقًا، ولن يرتاح جسدهم ولا أرواحهم دون أن يتم كنس الطغاة، ودون أن يأتي اليوم الذي انتظرناه طويلًا، اليوم الذي تُزال فيه نازية وفاشية آل الأسد ، ويرحل عنه إلى غير رجعة كل الاستبداد المشرقي الهجين واللعين ، وكل من وقف إلى جانبه من الفرس والروس والميليشيات الطائفية النتنة، التي عاثت في وطننا فسادًا وافسادًا. السوري يدرك تمامًا أن ذلك ليس على الله بعزيز، وليس أمام إرادة الشعب السوري العظيم بمستحيلات، وهو الذي خرج أواسط آذار 2011، بصدره وفكره، ليوقد الشمعة، ولا يكتفي بلعن الظلام.
وسيبقى العام المنفلت من عقاله، أو العام الجديد بالنسبة لنا نحن السوريون، مجرد تلاحق أزمان، ومفعول فيه ظرف زمان، لكننا سنكون أبدًا الفاعل الجيد، والمضارع المستمر، ولن نكون مبنيين للمجهول. سيرسم السوري ونحن منه واليه، مستقبلات الأيام القادمة وكل نهاراتها ومساءاتها، سيرسم ملامح مرحلة قادمة لا شك في ذلك، تخلوا من كل أنواع هدر إنسانية الانسان، حتى لو استمر التخلي الدولي والإقليمي، أو تتابع المهرولون، وانكفأ المنكفئون، ستعود سورية بأيدي أبنائها وكل المخلصين، أجمل وأبهى، وأكثر تألقًا. فهل نطلب المستحيل؟؟!!