عدنان الحسين
طالب أهالي مدينة تل رفعت والقرى المحيطة بها، مجدداً، فصائل الجيش الحر العمل على استعادة السيطرة على مدينتهم بريف حلب الشمالي، بعد ثلاث سنوات من سيطرة “وحدات حماية الشعب” الكردية عليها بدعم روسي.
واجتمعت فعاليات تل رفعت المدنيّة مع ضباط ومسؤولين أتراك، وطالبوهم بتحمّل مسؤولياتهم لاستعادة مدينتهم من قبضة روسيا و”وحدات الحماية” الكردية، وذلك بعد أيام على تسيير أول دورية مشتركة روسية-تركية، في قرى تل رفعت، على الخط الفاصل بين مناطق سيطرة الجيش الحر و”وحدات الحماية” والشرطة الروسية.
القوات التركية والشرطة الروسية نفذت دورية مشتركة في قرى مرعناز وعين ذقنة وكفرخاشر ومنغ، بريف حلب الشمالي، بعد إزالة سواتر ترابية وإدخال رتل عسكري تركي. والهدف من هذه الدورية هو تأمين القرى العربية، والتأكد من خلوها من “وحدات الحماية”، وذلك بعد تعرض القواعد العسكرية التركية المحاذية لها، للاستهداف أكثر من مرة من تلك القرى.
كما تعتبر تلك الدوريات ترجمة عملية للاتفاقات بين روسيا وتركيا، في ما يخص الشمال السوري، بعد تعثر واضح في التفاهمات الاميركية-التركية حول مدينة منبج، وملف شرقي الفرات.
وتسعى روسيا من تلك الدوريات إلى هدفين؛ الأول مد يد العون لتركيا في ريف حلب الشمالي، وشرقي الفرات، والثاني لفتح قناة اتصال بين تركيا والنظام لفك العزلة عنه.
مصادر “المدن” أكدت أن الشرطة العسكرية الروسية تقوم بدوريات شبه يومية، على نقاط الجبهات العسكرية، بين النظام و”وحدات الحماية” من جهة، وبين “الجيش الوطني” المعارض المدعوم من تركيا من جهة أخرى، بهدف منع أي اختراق أو استهداف للقوات التركية، التي تنتشر قواعدها على طول خطوط الجبهات، في ما يبدو أنه اتفاق جديد بين الطرفين.
مصادر “المدن” أكدت كذلك، تكثيف تواجد القوات التركية في الجانب المقابل من خط التماس، وتحركها بشكل يومي، مع توجيهات صارمة للفصائل بعدم شن أي عملية عسكرية أو إحداث أي اشتباك على الجبهات.
رئيس المكتب السياسي في “لواء المعتصم” التابع لـ”الجيش الوطني” مصطفى سيجري، قال لـ”المدن”، إن لا بيان رسمياً بخصوص هذه الدوريات بين تركيا وروسيا، لكنه من الواضح أن الأمر معقد بين الطرفين، خاصة مع حالة الركود الأخيرة. إذ أن روسيا تدفع لفتح قنوات مباشرة بين أنقرة ودمشق، مع استمرار رفض تركيا لذلك. كما تحاول روسيا الاشتراك بملف شرقي الفرات، على حساب العلاقات الاميركية-التركية، وهو ما ترفضه أنقرة أيضاً.
ويعتقد سيجري أن لا انفراج قريباً للملفات العالقة بين تركيا وروسيا، وهو ما بات واضحاً على الأرض، في ما يخص ملف إدلب الذي يبدو أنه قد وصل الى طريق مسدود. وأشار إلى أن الدوريات التي سُيّرت شمالي حلب، هي بمثابة “محاولة روسية لبناء الثقة مع الجانب التركي، لا أكثر، لكنها لن تستمر”.
الباحث والكاتب في “مركز جسور للدراسات” عبدالوهاب عاصي، قال لـ”المدن”، إن خطورة تسيير روسيا وتركيا أول دورية لهما في تل رفعت، تندرج ضمن إطار تدابير الثقة التي يسعى الجانبان لتعزيزها لتحقيق تقدم في مسار المفاوضات. وغالباً ما تماثل خطوة كهذه، عملية تبادل الأسرى بين النظام والمعارضة الأخيرة شرقي حلب، برعاية أنقرة وموسكو.
ويوضح عاصي أنه قبل تنفيذ الدوريات المشتركة في مناطق مختلفة، لا بد من إجراء اختبار، وهذا ما تحيل إليه الخطوة الأخيرة في تل رفعت. لكن محاكاة هذه التجربة مباشرة في إدلب، ليست قريبة، كون الأطراف الضامنة لم تصل بعد الى تفاهم نهائي، وربما هذا ما قصده وزير الخارجية الروسية بخطة الخطوة خطوة، أي التقدم الحذر والبطيء.
ملف منبج لا يزال بدوره شائكاً، خاصة بعد اجراء الشرطة العسكرية الروسية برفقة “قوات سوريا الديموقراطية”، دوريات مشتركة على طول خط الساجور وغربي منبج، التي تعتبر الخط الفاصل بين سيطرة “الجيش الوطني” والقوات التركية من جهة، و”قسد” وقوات “التحالف الدولي” من جهة أخرى.
ولا تُعرف نية القوات الروسية من تواجدها في نقاط خط الساجور، رغم وجود قوات “التحالف”، ورغم تسيير دوريات مشتركة أميركية-تركية. ويبدو أن الخطوة الروسية هي رسالة لأنقرة ولواشنطن، بامتلاك زمام المبادرة على الأرض، من خلال تواجدها “الشرعي” بطلب “وحدات الحماية” الكردية.
المصدر: المدن