كان للثورة السورية بعدًا هامًا في كشف الوجه القبيح الارهابي التوسعي للحكومة الايرانية، بعد أن ساهمت بشكل كبير في قمع الشعب السوري والحفاظ على نظامه الديكتاتوري، كما أن التدخل العلني للدولة الإيرانية، خلق تساؤلات كبيرة في الشارع الفارسي حول أسباب هذا التدخل ونتائجه، وما تسببه من خسائر بشرية كبيرة في صفوف الايرانيين وكذلك خسائر مالية أكبر.
الوضع في إيران مازال متحركًا، وماتزال الاحتجاجات الشعبية في معظم المدن والمحافظات الإيرانية مشتعلة، بالرغم من حجم القمع والعنف الممارس يوميًا، والاعتقالات التي طالت الآلاف من المتظاهرين، وأدت إلى قتل العشرات منهم. وإذا كان نظام الملالي في إيران يصر على أن المسألة قد انتهت، وأن الانتفاضة قد تم إنهاءها، كما تعودنا على صنوه النظام السوري، الذي سبق وأعلن أنها (خلصت) منذ أيام الثورة السورية الأولى، لكنها تتصاعد يومًا بعد يوم، وهي في إيران أيضًا ولدى كل الشعوب الإيرانية وكل القوميات، تستمر وتتقد.
حول ما يجري في إيران وتشخيصًا للواقع، سأل موقع (مصير) السيد صلاح أبو شريف الأمين العام للجبهة الديمقراطية الشعبية الأحوازية، عن توقعاته لانتفاضة الشعوب في إيران وهل ستستمر، وعن دور الأحوازيين في هذه الانتفاضة، ومن ثم التنسيق بين القوى من كل القوميات داخل إيران وهل من دعم عربي أو خليجي للثوار الأحوازيين، وكيف يقيِّم الربط بين ما يجري في إيران والثورة السورية. حيث أكد لنا أن ” الانتفاضة قُمعت بالنار والقبضة الحديدية، وكذلك عبر اعتقال الآلاف من المواطنين في الأيام القليلة الماضية، ولكنها كالنار تحت الرماد، وهناك تنسيق لاستمرارها في كل المدن، وأعتقد أنها ستتطور، علمًا أننا نعتقد أن السلطات الايرانية لن تتراجع أمام مطالب الشعوب، ولا الشعوب ستتراجع عن مطالبها الانسانية والوطنية وحقها في تقرير المصير، ولذلك فالسلطات الايرانية ستضرب بيد من حديد، أي مظاهرات قادمة، وهذا يعني أنها تدفع باتجاه الربط بين الانتفاضة والتدخل الاقليمي والدولي في المستقبل القريب.”
ثم أضاف أبو شريف ” إن الاحواز كانت منتفضة منذ أسابيع قبل الانتفاضة الواسعة التي عمت كل جغرافية إيران السياسية، بعد أن أسرعت السلطات الايرانية في سياساتها الاستيطانية في شمال الأحواز، ناهيك عن الصدامات والاضرابات والاعتصامات اليومية، التي كانت تشهدها المدن الأحوازية”. ثم أكد وبكل ثقة بقوله ” أهلكم في الأحواز هم الرقم الأصعب في معادلة الشعوب غير الفارسية، لما للأحواز من أهمية اقتصادية كبيرة وموقع جغرافي هام، يؤثر على الوضع الايراني داخليًا، وعلى العلاقات الايرانية مع دول الاقليم والعالم، فالأحواز هي الشريان الاقتصادي الحياتي الأول للاقتصاد الإيراني، عبر استخراج النفط وصادرات الغاز الطبيعي وإذا ما تمكن الأحوازيون من وقف تصدير هذه الثروات، فسوف يقصمون ظهر البعير الايراني.” ثم أردف قائلًا” هناك جبهة الشعوب غير الفارسية وتضم عددًا من الأحزاب الوطنية الهامة المطالبة بالتحرير، وحق تقرير المصير، تنظم الحراك السياسي للشعوب غير الفارسية في جغرافية ايران السياسية، وفي المحافل الدولية وهي تسعى جاهدة كي تتواصل مع كل الأطراف المؤثرة والمتضررة من التوسع والارهاب والاحتلال الإيراني، بما فيه الشعب السوري والعراقي واليمني ودول الخليج العربي”. لكنه انبرى للقول وبكل أسف ” لا يوجد أي دعم للقوى الوطنية الأحوازية المؤثرة، ولم نسمع حتى الآن من أي دولة عربية أنها دعمت أو ستدعم أي جهة أحوازية، ولربما العكس صحيح، إن الدول العربية الشقيقة تدعم المعارضة الفارسية ومن يقف معها، أو لا يعارض أهدافها، وهذا سبب غيابًا ملحوظًا على القنوات العربية للقيادات والشخصيات الوطنية الأحوازية خلال فترة انطلاقة الثورة في عموم إيران، وظهور المعارضة الفارسية على القنوات العربية”.
الأخ أبو شريف لم ينكر أن ” الجوع و الفقر والبطالة وازدياد الأسعار وقطع الدعم الحكومي كانت من الأسباب الهامة، ولكن ليست الوحيدة فالشعوب غير الفارسية تطالب بحقوق وطنية وقومية وحق تقرير المصير حتى قبل مجيء النظام الحالي، أي في زمن الحكم الملكي ومعركتها مع الدولة الإيرانية، وليس مع شكل النظام في ايران، كما للفرس مطالب أخرى لا تقتصر على الفقر ومنها وأهمها الحرية واحترام حقوق الانسان وحقوق المواطنة، التي انتُهكت بشكل كبير منذ مجيء الملالي لدفة الحكم، ولذا يمكن أن نلخص الأمور بمايلي: للفرس مطالب تختص بتحسين الحياة المعيشية والحقوق المدنية واحترام الكرامة الانسانية وحقوق الانسان، ووقف التدخل العسكري الايراني الارهابي في المنطقة، وللشعوب غير الفارسية مطالب وطنية، أولها احترام حقها في تقرير المصير والتخلص من الاحتلال الإيراني” . ثم قال ” كان للثورة السورية بعدًا هامًا في كشف الوجه القبيح الارهابي الرجعي التوسعي للحكومة الايرانية، بعد أن ساهمت بشكل كبير في قمع الشعب السوري والحفاظ على نظامه الديكتاتوري، كما أن التدخل العلني للدولة الإيرانية، خلق تساؤلات كبيرة في الشارع الفارسي حول أسباب هذا التدخل ونتائجه خاصة، وما تسببه من خسائر بشرية كبيرة في صفوف الحرس والمليشيات الايرانية وكذلك خسائر مالية كبيرة أثرت على الاقتصاد الايراني وميزانية الدولة، وكما هو معروف والمعلن منه إن ايران أنفقت خلال الخمسة أعوام الماضية في سورية ما يقارب الأربعين مليار دولار “.