رجحت سفابودنايا بريسا الروسية أن يكون الكرملين قد أرسل وزير الدفاع سيرغي شويغو إلى دمشق لإيصال رسالة للرئيس السوري بشار الأسد للتحذير من التواطؤ مع إيران، والتشديد على ضرورة انسحاب طهران عسكريا من سوريا لأن ذلك يخدم عددا من الأغراض ومصالح البلدين.
وجاءت زيارة شويغو -تقول الصحيفة- بناء على تعليمات مباشرة من الرئيس فلاديمير بوتين وإن الوزير اضطر لإيصال الرسالة بنفسه، مضيفة أنه لا يمكن اعتبار هذا اللقاء مفاجئا، لكن المفاجئ أن شويغو وصل سوريا وكأنه ساعي بريد، رغم أن اجتماع مسؤول عسكري روسي مع رئيس دولة حليفة يعتبر أمرا عاديا للغاية.
وأشارت سفابودنايا بريسا إلى أن الأسد بحاجة في الوقت الراهن لتذكر صرامة الموقف الروسي وأهميته بالنسبة لسوريا.
محاولات إيرانية
وقالت الصحيفة إن رئيسي هيئتي الأركان العامة بإيران والعراق عقدا محادثات مع وزير الدفاع السوري قبل المحادثات بين شويغو والأسد بوقت قصير، ولم تتم دعوة موسكو لهذه اللقاء مما يشير إلى أن طهران -حسب سفابودنايا بريسا- تحاول أن تثبت استقلالها عن روسيا بشأن مسألة توسيع نفوذها بالشرق الأوسط.
واستنتجت سفابودنايا بريسا أن إيران تعتبر روسيا منافسا لها، وترفض الاكتفاء بدور “الأخ الأصغر”.
ونسبت للخبير والمستشرق الروسي أوليغ غوشين قوله إن هذه الممارسات سواء كانت صادرة من إيران أو روسيا هي أحد مظاهر معركة البلدين من أجل التأثير على سوريا.
العامل الإسرائيلي
ويركز غوشين على العامل الإسرائيلي نظرا لأن رئيس وزراء بنيامين نتنياهو وجه لإيران تهديدات مباشرة في حال استمرت في توسيع نفوذها بسوريا. وبناء على ذلك، يعتقد المستشرق الروسي أن هذا أحد الأسباب الأخرى لإرسال شويغو لسوريا.
وقال أيضا إن ما يحدث يمثل تصعيدا في المواجهة بين موسكو وطهران حول سوريا. ويؤكد أنه من الضروري احتواء إيران والحد من حجم وجودها العسكري في سوريا لأن موسكو بحاجة للحفاظ على علاقات جيدة مع طهران وتل أبيب معا.
ولتحقيق أي تعاون مع تل أبيب، تحتاج موسكو للتأثير على الإيرانيين، لكن القيام بذلك بشكل مباشر قد يؤدي لظهور مشاكل مع الإيرانيين. وربما تعتقد طهران أن إسرائيل تعتبر أولوية بالنسبة لروسيا. وبناء على ذلك، تُحاول موسكو استمالة السوريين لتحقيق مساعيها دون خسارة حلفائها، وبالتالي فهي ترمي الكرة في ملعب دمشق التي قد تتمكن من إخراج الإيرانيين من أراضيها دون ظهور روسيا بالصورة، خاصة وأن طهران أشارت مرات عديدة إلى استعدادها لسحب قواتها من سوريا فور طلب السلطات المحلية لذلك.
ممكن ومفيد
واتفقت الصحيفة مع قول غوشين إن انسحاب القوات الإيرانية من سوريا لن يكون المشكلة الرئيسية لأن ذلك ليس صعب التنفيذ، لكن المشكلة ربما تأتي من أن طهران ستتوقف عن استثمار مبالغ مالية ضخمة في سوريا، وهو ما لن يخدم مصالح سوريا، لا سيما وأن روسيا وتركيا لن تستثمرا الكثير.
لكن غوشين عاد ليقول إن للإيرانيين فرصا أخرى للاستثمار في سوريا دون الحاجة إلى الوجود العسكري، وتتمثل إحدى هذه الفرص في تمكن الإيرانيين من السيطرة على ميناء اللاذقية، خاصة وأن حلم طهران يرتبط ببناء خط أنابيب يصل إلى البحر الأبيض المتوسط، وهو ما يمكن أن يوسع القدرات الإيرانية في عمليات نقل الطاقة إلى أوروبا.
وختمت الصحيفة بأن موسكو بحاجة لانسحاب إيران من سوريا لأن ذلك سيحول دون الاستفزازات التي تقوم بها الطائرات الإسرائيلية ضد سوريا، وسيكون من الممكن بدء الحديث عن تحول سوريا إلى دولة سالمة وآمنة، كما أنه مع رحيل الإيرانيين سيرتفع احتمال تراجع القوة العسكرية الأميركية في سوريا بشكل كبير، خاصة وأن إيران تعتبر التهديد الرئيسي لإسرائيل بالنسبة لواشنطن.
المصدر: الجزيرة نت