يوم الأرض، هو يوم الغضب والفداء، الذي كتبه الفلسطينيون بالدم في عام 1976، كي تبقى ذكراه الوطنية كل عام، مناسبة لتذكير العالم بأكبر عملية اغتصاب ومصادرة في التاريخ الحديث، قام بها الكيان الصهيوني، لتجريد الفلسطينيين من حقهم بأرضهم، وسلب أقدس وأعز ما يملكون. منذ عام 1948، وقبلها بعدة سنوات، لم تتوقف مشاريع العصابات الصهيونية، لسرقة أرض فلسطين قطعة وراء قطعة، وكل ذلك بدعم وتغطية من الدول الغربية، وتواطؤ الحكام العرب. كان جرح الأرض وصرخة زيتونها ودموع برتقالها، حين تم اغتصابها واقتلاع أصحابها الشرعيين، العنوان الأكبر لنكبة فلسطين عام 1948، وتوالت سياسات الاغتصاب والمصادرة والتهويد، حتى أصبح الفلاح الفلسطيني يموت من القهر، وهو يشهد جحافل الغرباء تستولي على أرضه، وتضع يدها على داره وحقله وبيارته بكل قسوة ووحشية. وفي عام 1976، قامت سلطات الاحتلال الصهيوني، بمصادرة آلاف الدونمات من الأراضي العربية ذات الملكية الخاصة أو المشاع في نطاق حدود مناطق ذو أغلبية سكانية عربية، تحت غطاء مرسوم جديد صدر رسميا، أطلق عليه اسم مشروع “تطوير الجليل” والذي كان في جوهره الأساسي هو “تهويد الجليل”، وكانت تلك الإجراءات السبب المباشر في اندلاع غضبة يوم الأرض (30) آذار من ذلك العام، حين انتفض أهالي عرابة وسخنين ودير حنا وعرب السواعد وغيرها في منطقة الجليل في فلسطين التي احتلت عام 48. انتفض أهل الأرض على الظلم والعدوان والاحتلال، وواجهوا بصدورهم العارية رصاص القتلة والمغتصبين، وسقط في ذلك اليوم المجيد ستة شهداء ومئات الجرحى، رووا بدمائهم الطاهرة أرض فلسطين.
لم يتوقف الصراع على الأرض، رغم تمادي الاحتلال في مشاريع سلب الأرض وتغيير هويتها، وقد واجه الفلسطينيون هذا التحدي، بكل عنفوان وإصرار على بقائهم في ارضهم، ولعلّ إحياء ذكرى يوم الأرض كل عام، وعلى امتداد ثلاثة وأربعين عاماً، هو تأكيد للعالم أجمع، على تمسكهم بحقهم التاريخي والقانوني والوجداني بأرضهم، ورسالة صارخة للاحتلال الغاشم البغيض، أنهم باقون كشوك الصبار في عيونه، يستمدون من عشق الأرض والوفاء لها، قوةً لا تنضب في مواجهة مخططاته العدوانية.
الأرض الفلسطينية عنوان المعركة في الأمس واليوم وغداً، فهي حلم العودة للاجئ الفلسطيني وبوصلة كفاحه المتواصل، وهي كرامة الفلاح الثائر في وجه من قاموا باقتلاعه من جذوره، وهي العشق المتوارث من جيلٍ إلى جيل، وفحوى التمسك بالهوية والانتماء الوطني الفلسطيني، ومن أجلها وكرمى لها يتجدد عهد الثورة حتى تحريرها من براثن الاحتلال الصهيوني.