ذكرت وكالة الأنباء الجزائرية أمس الثلاثاء أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قدم استقالته، وذلك في أعقاب احتجاجات حاشدة مستمرة منذ أسابيع.
وكانت الحرب المشتعلة بين قيادة المؤسسة العسكرية وبين جماعة الرئيس، بلغت مستويات حادة، وصلت حد وصف قائد أركان الجيش لمن يمسكون بالسلطة بأنهم عصابة، وأنهم احترفوا الكذب والتدليس والغش على الشعب، متهما إياهم بمحاولة تهريب أموال إلى الخارج، كما شدد على ضرورة الإسراع في تطبيق المادة 102 من الدستور فورا، وأنه لم يعد هناك أي مجال لتضييع الوقت.
وكان قائد أركان الجيش قد عقد أمس اجتماعا ضم قيادات مختلف الأسلحة وقادة النواحي العسكرية، والذي خصص لدراسة آخر تطورات الوضع في البلاد. وخلص الاجتماع إلى المطالبة بضرورة تطبيق المادة 102 من الدستور فورا، وكذلك المواد 7 و8، وأن البيان الصادر عن الرئاسة أمس بخصوص استعداد الرئيس للاستقالة قبل 28 أبريل/ نيسان الجاري، تقف وراءه جهات غير دستورية، مشددا على أن من وصفها بالعصابة تحاول تهريب الأموال والفرار إلى الخارج، وأن التحقيقات القضائية مع رجال أعمال محسوبين على السلطة استجابت إلى مطالب الشعب المعبر عنها في المظاهرات التي شهدتها البلاد منذ عدة أسابيع.
واعتبر الفريق قايد صالح أنه باعتباره مجاهدا لا يمكن أن يقف متفرجا على العصابة كما أسماها، وهي تمارس التدليس والكذب والغش، وأن هذه العصابة استولت منذ سنوات على مقدرات الشعب دون وجه حق، وتمكنت من جمع ثروات طائلة، موضحا أن قرار الجيش هو الوقوف إلى جانب الشعب، وأنه قرار لا رجعة فيه، وأن مبادرة المؤسسة العسكرية قوبلت بالتعنت والتحايل.
ويوحي البيان الجديد الصادر عن المؤسسة العسكرية أن الصراع بلغ أشده بين الرئاسة وبين المؤسسة العسكرية، وأن الأخيرة قررت إخراج كل شيء إلى العلن، من أجل إشهاد الشعب، خاصة في ظل تداول معلومات بشأن عزم المحيط الرئاسي على إصدار بيان لإقالة الفريق أحمد قايد صالح، ومن ثمة تفادي الضغوط الممارسة عليه من طرف قيادة المؤسسة العسكرية من أجل التنحي، وهو الأمر الذي يبدو أن الفريق الرئاسي يرفضه، ويريد إطالة بقائه في السلطة إلى آخر يوم من الولاية الرابعة، أو حتى لما بعدها.
وتعيش الجزائر حرب إشاعات وبيانات كاذبة زادت في حالة القلق والترقب التي يعيشها الشارع الجزائري، والتي انخرطت فيها وسائل الاعلام، وزادت في إشعالها مواقع التواصل الاجتماعي، وتلهف الجزائريين على معرفة آخر تطورات الوضع السياسي.
وقد أثار البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية أمس الأول بخصوص نية الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بتقديم استقالته من المنصب قبل الـ28 من أبريل/نيسان، أي قبل نهاية الولاية الرابعة، الجدل، خاصة وأن البيان تضمن عبارة مبهمة، وهي أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة سيتخذ قبل الاستقالة قرارات مهمة، وهو ما فهم منه أن الرئيس ومحيطه قد يتخذون قرارات انتقامية، وما زاد في الشكوك هو ما تم تداوله عن وجود سيارات عسكرية أمام مقر التلفزيون الحكومي، وأن الهدف هو منع وصول بيان من الرئاسة، وفِي الوقت ذاته انتشر بيان كاذب منسوب الى الرئاسة يقول إن الرئيس بوتفليقة قرر إقالة الفريق أحمد قايد صالح قائد أركان الجيش، وحبس ملايين الجزائريين أنفاسهم، متخوفين من وقوع الأسوأ، قبل أن يتبين أن البيان لا أساس له من الصحة. وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي بيانا آخر منسوبا الى رئاسة الجمهورية، ألصق بالمستشار علي غازي، وورد فيه كلام خطير، إذ تحدث عن انقلاب ضد الرئاسة، داعيا الشعب إلى دعم المؤسسات الشرعية ضد الانقلابيين، كما أعلن عن تدابير تهدف إلى توقيف المتورطين في الانقلاب المزعوم. وسارع المستشار بالرئاسة علي بوغازي إلى نفي صحة البيان، والتأكيد على أنه لا علاقة له به لا من بعيد ولا من قريب.
من جهته خرج الرئيس السابق اليامين زروال عن صمته ليرد على الإشاعات بشأن الإشاعة التي راجت بخصوص عقده اجتماعا مع القائد السابق لجهاز الاستخبارات الجزائرية الفريق محمد مدين، المعروف باسم الجنرال توفيق، وأن هذا اللقاء تم بحضور السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس وبحضور ضباط في المخابرات الفرنسية، وهو الأمر الذي نقلته قناة «الشروق».
وأضاف زروال في رده أنه التقى الفريق محمد مدين بطلب من الأخير، وأنه عرض عليه تولي رئاسة الدولة مؤقتا لتسيير المرحلة الانتقالية، وأن هذا العرض قدم إليه باسم السعيد بوتفليقة.
وشدد زروال على أنه أبلغ محدثه أنه شعر بالفخر لرؤية ملايين الجزائريين يسترجعون تقرير مصيرهم، ويطالبون بفخر وحماس ببناء دولة ديمقراطية.
وأضاف قائلا «عبرت لمحدثي عن ثقتي الكاملة في الملايين من المتظاهرين، وكذا ضرورة عدم عرقلة مسيرة الشعب الذي استعاد السيطرة على مصيره».
وخلص الرئيس زروال إلى القول: «اليوم وأمام خطورة الوضعية يجب على أصحاب القرار التحلي بالعقل والرقي لمستوى شعبنا لتفادي أي انزلاق».
المصدر: القدس العربي