خالد الخطيب
واصلت الطائرات الروسية شن غاراتها الجوية، ليل الأحد/الاثنين، مستهدفة ريفي حماة وإدلب، وسط استقدام مليشيات النظام لمزيد من التعزيزات العسكرية إلى الجبهات مع مناطق المعارضة المسلحة. ويبدو أن التمهيد الناري للمعركة المفترضة بات في مراحله الأخيرة، بعدما هُجّرَ السكان، ودُمّرت غالبية المرافق الخدمية، وأهمها المشافي والنقاط الطبية.
التطورات الميدانية
المقاتلات الحربية الروسية تناوبت على قصف بلدات جبل الزاوية، وتعرضت بلدة شنان لغارات جوية بالصواريخ الفراغية. وفي ريف ادلب الجنوبي طال القصف الجوي أكثر من 20 قرية وبلدة، ما تسبب بمقتل 5 مدنيين بينهم طفلة من عائلة واحدة في قرية ربع الجوز أثناء سحور اليوم الأول من رمضان.
وقتل 25 مدنياً، خلال الساعات الـ24 الماضية، في أعلى حصيلة قتلى منذ بدء العدوان الروسي. إذ قتل مدني في جسر الشغور، وامرأة في قرية سطوح الدوير، وامرأة في قرية دير سنبل، وثلاثة أشخاص بينهم مسعف في مدينة كفرنبل، و3 في ترملا، و4 في أرينبة و3 في الهبيط، وامرأة في حاس، وطفلة في أرنبة، وطفلة في بسقلا.
وكانت مقاتلات الاحتلال الروسي قد استهدفت، الأحد، بالصواريخ الفراغية مشفى كفرنبل ما أدى لتدميره، وهو النقطة الطبية الرابعة التي تتعرض للقصف الروسي. وسبق ذلك قصف استهدف مشفى ترملا للنساء والأطفال، ومشفى نبض الحياة قرب بلدة حاس، ومشفى المغارة بكفرزيتا شمالي حماة.
مليشيات النظام تعزز مواقعها
يستمر إرسال تعزيزات مليشيات النظام إلى الجبهات. ونفذت أفواج “الشواهين” و”الهواشم” و”الحوارث” ومجموعات “وعد مخلوف” التابعة لـ”مليشيا النمر”، عمليات إعادة انتشار على خطوط التماس مع المعارضة. وتركز انتشارها إلى جانب “الفيلق الخامس” في تل الزعتر في ريف حماة الشمالي الشرقي، باتجاه الغرب في معان والكبارية وصولاً إلى القطاع الأعلى من سهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي.
ولا تشمل التعزيزات أسلحة ثقيلة، وهي في الغالب من قوات المشاة. وتتولى قواعد الصواريخ والمدفعية داخل نقاط المراقبة والمعسكرات الروسية عمليات القصف البري المركز. ومعظم الطلعات الجوية التي نفذها مروحي البراميل خلال الأيام القليلة الماضية، كانت من مهبط المروحيات في جب رملة شمال غربي حماة. ويحوي المهبط على مستودعات براميل متفجرة. وقد استهدفته “تحرير الشام”، الأحد، بصواريخ غراد، وقالت إنها أوقعت إصابات فيه وتسببت بتعطيل العمل فيه لساعات.
التعزيزات وصلت أيضاً الى الجبهات الشرقية في حماة وادلب، رغم أنها جبهات هادئة نسبياً. فريف المعرة الشرقي وشرقي الطريق الدولي دمشق-حلب، كانت قد تعرضت للقصف قبل 8 نيسان/أبريل ما تسبب بإخلائها من السكان. وعدم تعرضها حالياً للقصف لا يعني أنها خارجة من حسابات المعركة. وقد انتشرت فيها مليشيا “لواء القدس” التي قدمت من حلب خلال اليومين الماضيين. وعلى الأغلب، فالقوات المنتشرة هي من الدورات المتخرجة حديثاً من معسكر حندرات شمالي حلب. وانتشرت تعزيزات “لواء القدس” في البلدات والقرى غربي مطار أبو ضهور العسكري.
ولم يسجل مشاركة كبيرة للمليشيات المدعومة من إيران في عمليات القصف، خلال اليومين الماضيين. لكن المليشيات الإيرانية نفّذت عمليات إعادة انتشار ودعم لمواقعها، الأحد، في جبهات ريف حلب الجنوبي ومنطقة الضواحي الغربية لحلب، تحسباً لأي هجوم للمعارضة بهدف الإشغال والتخفيف من الضغط جنوبي ادلب وريف حماة.
توسع القصف على مراحل
تطور القصف الجوي والبري على مراحل، واستهدف في المرحلة الأولى قرى وبلدات ريف حماة الشمالي وسهل الغاب القريبة من خطوط التماس، ما تسبب بنزوح أكثر من 70% من سكانها. وفي المرحلة الثانية توسع القصف ليشمل مناطق ريف ادلب الجنوبي؛ ريفي كفرنبل وخان شيخون وريف المعرة الغربي، وهي مناطق ذات كثافة سكانية متوسطة. وفي المرحلة الثالثة امتد القصف إلى جبل الزاوية ومحيط أريحا، وهي أكثر المناطق المكتظة بالسكان. ولم يتوسع القصف حتى الآن ليشمل كامل قرى وبلدات جبل الزاوية، لذا لم ينزح الأهالي بالكامل عن منازلهم.
وجميع الأهداف التي تم استهدافها في المراحل الثلاث، هي أهداف مدنية، من منازل ومرافق حيوية، ومشافٍ ومدارس ومباني المجالس المحلية، وأهداف في المحيط القريب للقرى والبلدات المستهدفة بهدف منع الأهالي من البقاء في البساتين المجاورة وإجبارهم على النزوح شمالاً. وفي حال أرادت مليشيات النظام فتح معركة بالفعل فلا بد أن تواصل قصفها.
والمرحلة الرابعة المفترضة من القصف، قبل الاجتياح البري، قد تستهدف قدرات المعارضة العسكرية، ومواقعها المتقدمة وأرتالها العسكرية، ومستودعات أسلحتها، والأسلحة الثقيلة وقواعد الصواريخ التي يتم رصدها عن طريق طيران الاستطلاع.
المحاور المتوقع إشغالها
القائد العسكري في “جيش العزة” العقيد مصطفى بكور، أكد لـ”المدن”، أن مليشيات النظام باتت جاهزة بالفعل لشن معركة، ومستعدة لها من حيث الإمكانات النارية والمدرعات ومجموعات المشاة التي تم حشدها خلال الأسبوع الماضي.
وتُرجّح المعارضة المسلحة أن يتم إشغال محورين رئيسيين من قبل مليشيات النظام في حال قررت الهجوم البري؛ المحور الأول يبدأ من ريف حماة الشمالي الغربي، انطلاقاً من كرناز مروراً بكفر نبودة والهبيط وكفرعين وتل عاس وخان شيخون، والمحور الثاني انطلاقاً من أبو دالي في ريف ادلب الشرقي باتجاه الخوين الكبير والتمانعة، وصولاً إلى خان شيخون، حيث يُفترض أن يلتقي المحوران.
وتحقق مليشيات النظام من خلال تقدمها على هذين المحورين، فصل ريف حماة الشمالي بالكامل عن إدلب الجنوبي، ومحاصرة اللطامنة ومورك وكفر زيتا والزكاة والصياد وسكيك والأربعين، أي سقوط مناطق سيطرة “جيش العزة” بالكامل، وإجباره على الانسحاب نحو الشمال.
كما يمكن لمليشيات النظام التقدم في سهل الغاب وجسر الشغور، في المراحل اللاحقة عبر فتح جبهات عريضة مع المعارضة وقضم مناطقها تباعاً. وبدأت المواقع الإعلامية الموالية تتحدث عن تحضيرات وحشود عسكرية للمعارضة في سهل الغاب وجسر الشغور وريف حماة، وتعتبرها مقدمة لعمل عسكري عدائي تحضر له المعارضة ضدها في المنطقة، وعليه لا بد من اتخاذ إجراءات رادعة، ويبدو أن هذه الاتهامات تأتي في إطار التبرير للمعركة المفترضة التي ستشنها المليشيات.
المصدر: المدن