أحلام الجنرال

[vc_row][vc_column][vc_column_text][amo_member id=”1110″ item-width=”250″ align=”left” item-margin=”20″ full-width=”yes” panel=”right”][/vc_column_text][vc_column_text]

رصاص.. رصاص.. رصاص يفحُّ في فراغ مديد.. رصاص لا يسمَعُ دويَّه غيرُ جَلْجَلَة صداه.. لا ردودَ أفعال، ولا نأمةً تصدر عن كائن ما حيٍّ..! وحده الجنرال الذي يطلق، يستنشق الهواء الملوَّث بروائح البارود، والجثث، والحرائق، وغبار الخرائب..!

يمدُّ الجنرال أذنيه وعينيه في الجهات، لا شيء غير الصمت، وسكون مطلق، يطبق على الأرض، وفي الفضاء..!

ينفث الجنرال آخر موجات غضبه.. تتفتح بوجهه علامات القوة والنصر.. تنفرج شفتاه الجافتان علامة الارتياح والرضا، ومن خلف زجاج عينيه الأغبش تعبر آلاف الجثث والأشلاء..!

نشوة غامرة تسري في كيانه وأوصاله، تعبِّر عن نفسها بقفزات عشوائية، تكسر زجاج الفراغ من حوله..! الحذاء الأسود المتمكن من قدميه جيداً، والمشدود بقوة إلى ساقيه، يعاود صفع وجه الأرض بضربات تتالى.. تحتدم انفعالات الجنرال.. ترتفع وتيرة نشوته وهياجه.. قهقهاته العالية تخترق المدى.. تدوِّم في فضاء السكون الذي كان.. تزيد من سطوة الجنرال على الفراغ، تضاعف من رهبته!

يختار الجنرال لمؤخرته مكاناً مناسباً.. يجلس للراحة والتأمل.. وما إن يقعد حتى تسرق الغفوةُ منه لحظات الفرحة والانتشاء، إذ تأتيه بأحلامها.. بل بكوابيسها! تئنُّ الأرض من تحته.. يتفتح أديمها.. تستيقظ الجثث.. تنهض.. تسأل عمَّن كدَّر صفوها، ومثلها تفعل الأشلاء.. بهدوء تام تتقدم من السيِّد المنتصر.. يستمع الجنرال إلى خشخشة أقدام وصدى أنفاس..! رؤوس ورقاب، أقدام وسيقان، أكف وسواعد، عيون وآذان ولسن، حتى الأعضاء التي لا ترى في العادة تظهر أمامه عريانة.. كلها عيون تمعن النظر إلى الجنرال..

رعدة حادة تسري في أوصال الجنرال.. ترتعش روحه.. يميل نحو سلاحه.. يحاول التصويب.. وفجأة يتوقف.. يهفو إلى صوت مجهول يأتيه من جهة لا يدركها..! صوت تتلوه ضحكة.. تليها ضحكات وقهقهات:

«كأنما السيِّد يجهل أن الميْتَ لا يموت غير مرة واحدة..»

ترتدُّ يد الجنرال، كأنما تشلُّ.. تستمر القهقهات في أذنيه والمكان..!

تنكفئ الجثث والأشلاء.. تتشكل في جدار يعلو ويرتفع.. يسد الأفق أمام عيني الجنرال.. بعض الجثث تنزع ما تبقى عليها من ثياب.. ثياب معفرة بالدم والتراب.. تقذفها إلى وجه الجنرال الذي كان.. تتراكم الأسمال على رأسه، وكامل هيكله.. تبتعد الجثث.. تتماهى بضياء فجري يأخذ في النهوض والارتفاع..!

[/vc_column_text][rs_post_grid cats=”134″ post_per_page=”2″][/vc_column][/vc_row]