تشانغ شوهوا
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
دعت الصين إلى بناء مجتمع للمستقبل المشترك للبشرية، وإلى تحقيق تنمية مشتركة على أساس “كاسب-كاسب” مع البلدان الأخرى. ويمكن تحقيق الانسجام العالمي من خلال التعايش والتشاور الشامل والمساهمة المشتركة والمنافع المشتركة. وتتناقض وجهة نظر الصين الخاصة ببناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية بشكل حاد مع تحركات بعض القوى العظمى، مثل انتهاج أحادية الجانب، وتمزيق المعاهدات الدولية والانسحاب من المنظمات الدولية. ومن الواضح أن الصين قد احتلت الآن مكانة أخلاقية عالية في المجتمع الدولي.
منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية في العام 1949، حقق هذا البلد الآسيوي إنجازات رائعة وجذب انتباه العالم. وفي غضون سبعة عقود، أكملت الصين عملية التحول إلى بلد صناعي، التي استغرقت البلدان المتقدمة مئات الأعوام لإنجازها، ونمت لتصبح ثاني أكبر اقتصاد في العالم، خارجة من التعثر في الفقر والعزلة.
غير تأسيس جمهورية الصين الشعبية المشهد السياسي العالمي، مانحاً الشجاعة للناس في المستعمرات وشبه المستعمرات، الذين يسعون إلى التحرر والاستقلال أيضاً. وتلعب الصين دوراً محورياً في حماية السلام العالمي وتعدد الأقطاب. وعلى الرغم من التحولات والمنعطفات، فإن تطور الصين ينطوي على أهمية كبيرة للعالم.
حدثت تغيرات كبيرة فيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية في الصين على مدار السبعين عاماً الماضية. ففي العام 1952، بلغ الناتج المحلي الإجمالي للصين 67.9 مليار يوان (9.55 مليار دولار)؛ بينما تجاوز الرقم 90 تريليون يوان (12.66 تريليون دولار) في العام 2018، بزيادة قدرها 1325 ضعفاً. وساهمت الصين بأكثر من 30 في المائة من النمو الاقتصادي العالمي لسنوات عديدة، متفوقة في ذلك على أي اقتصاد آخر. وكانت الصين بمثابة المحرك ومثبّت الاستقرار للنمو العالمي، وهي نعمة لكل من الشعب الصيني والتاريخ الإنساني على حد سواء.
ولم يقتصر الأمر على إسهام التقدم الذي أحرزته الصين في التغيرات السياسية والاقتصادية في جميع أنحاء العالم فحسب، بل قدم أيضاً بديلاً لنموذج التنمية الغربي. وهو يوفر خياراً آخر للبلدان التي ترغب في السعي إلى تحقيق التنمية مع الحفاظ في الوقت نفسه على الاستقلال. ولم يقتصر مسار الصين الفريد على استيعاب تجارب التنمية الغربية فحسب، وإنما يتأسس أيضاً على ظروفه الخاصة. ومن الإنصاف القول إنه نوع من الابتكار المتكامل.
يكمن السبب في أن الصين استطاعت أن تحقق مثل هذه الإنجازات العظيمة في غضون 70 عاماً فقط في سياساتها. فقد رفضت الصين سياسة الأبواب المغلقة القديمة الجامدة وأي محاولة للتخلي عن الاشتراكية. وهي لن تقوم ببساطة بتكرار ونسخ ما قام به الغرب. ويدل هذا التوجه على الحكمة السياسية غير العادية وقوة إرادة اللتين يتمتع بهما الحزب الشيوعي الصيني.
وعلاوة على ذلك، كفل الاستقرار السياسي استمرارية التنمية والتقدم في الصين. وتعاني بعض البلدان من الصراعات الحزبية والشكوك السياسية الناجمة عن تغيير الحكومة. لكن النظام السياسي في الصين كفل للبلد استمرارية المشاريع طويلة الأجل، كما يساعد على تركيز الموارد على إنجاز المهام الرئيسية.
يكمن تفوق مسار التنمية في الصين في أنه يشدد على “القيم المشتركة”، والتي تختلف عن “القيم العالمية” الاستبعادية والقهرية التي يتبناها الغرب. وتخدم “القيم العالمية” الغربية بشكل أساسي في ترويج النموذج الغربي وتصديره إلى بقية العالم. ويهلل الغرب لأي دولة يمكن أن تنجح طالما أنها تطبق القيم الغربية ونموذج التنمية الغربي. ومع ذلك، ثبت على مدى عقود خطأ هذه الفكرة، على أساس أن لكل بلد وضعاً داخلياً مختلفاً وأن ما يمكن أن يعمل بسلاسة في الغرب قد لا يناسب البلدان في المناطق الأخرى.
كما قدمت الصين مساهمة في إعادة تعريف الديمقراطية. فالديمقراطية الصينية تتعدى المفهوم الديموقراطي الغربي، والذي من أهم ميزاته الانتخابات والمنافسة بين الأحزاب السياسية. وتعتقد الصين في المقابل أن أولئك المشاركين في سياسات الشوارع والثورات الملونة في لباس الديمقراطية يشكلون تحدياً للديمقراطية الغربية.
جاءت الصين ببعض المفاهيم التنموية الجديدة. وهي تؤكد على تحقيق التنمية الشاملة والمنسقة في الاقتصاد والسياسة والمجتمع والثقافة والبيئة من خلال الإصلاح المستمر. وهو شيء يمكن أن تتعلمه البلدان الأخرى، وخاصة البلدان النامية.
دعت الصين إلى بناء مجتمع للمستقبل المشترك للبشرية، وإلى تحقيق تنمية مشتركة على أساس “كاسب-كاسب” مع البلدان الأخرى. ويمكن تحقيق الانسجام العالمي من خلال التعايش والتشاور الشامل والمساهمة المشتركة والمنافع المشتركة. وتتناقض وجهة نظر الصين الخاصة ببناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية بشكل حاد مع تحركات بعض القوى العظمى، مثل انتهاج أحادية الجانب، وتمزيق المعاهدات الدولية والانسحاب من المنظمات الدولية. ومن الواضح أن الصين قد احتلت الآن مكانة أخلاقية عالية في المجتمع الدولي.
المصدر: الغد الأردنية/ غلوبال تايمز الصينية
Comments 1