لفن الكاريكاتير تأثيراته الاجتماعية والسياسية، حيث يشير بعض الباحثين إلى مستوى تأثيره في تغيير قيم المجتمع، وقدرته على إحداث الكثير من التغيرات المجتمعية، خاصة عندما يكون متمكنًا من محاكاة الهم العام لدى المجتمع، وبشكل أخص أثناء الحروب، والثورات، وهي مسألة غاية بالأهمية دفعتنا إلى الوقوف مع بعض فناني الكاريكاتير والإعلاميين المختصين والمهتمين، فنسألهم عن مدى تأثير فن الكاريكاتير في مستوى تغيير القيم المجتمعية في سورية؟ أو إحداث تغيير ما في الرأي العام السوري، خاصة أثناء الثورة السورية، ثورة الحرية والكرامة؟
الفنان علي حمرة أكد لجيرون بقوله ” الكاريكاتير بالتأكيد يساهم في تغيير قيم المجتمع نظرًا لدوره المؤثر في تحفيز القارئ للتفكير، عبر حامل السخرية أو الضحك أو الفكرة نفسها تبعًا لقوتها وحرفية تنفيذها، ولو كانت بخطوط بسيطة “. وأضاف حمرة ” بالنسبة للكاريكاتير السوري بالطبع كان مساهمًا في التحفيز على التغيير أثناء السورية وبدءً من كاريكاتير علي فرزات وكاريكاتير الشهيد أكرم رسلان، فالجرأة كانت سمة الكاريكاتير حتى قبل الثورة وأعطي مثالًا الفنان والصديق سعد حاجو، كذلك الفنانة سحر برهان، فعندما نجد شخصًا يجرؤ على التعبير، بعد عقود من القمع مثله مثل رسام الكاريكاتير الذي كان يرسم بالتورية”. ثم أوضح ” لقد لاحظنا أن الكاريكاتير أثناء الثورة أصبح أكثر جرأة، ويتكلم بوضوح لا مجال للتأويل فيه، نظرًا لدوره المؤثر في التحفيز، ويبقى للكاريكاتير دورًا تحريضيًا استثنائيًا يميزه عن باقي الفنون، من هنا تأتي أهمية الكاريكاتير في التحفيز، على التغيير، أو اتخاذ موق دون آخر “.
الإعلامية السورية دينا بطحيش قالت لجيرون ” بالتأكيد لفن الكاريكاتير تأثير كبير على مستوى تغيير القيم المجتمعية، وخاصة النوع النقدي منه، كما أنه يستطيع النقد وايصال الفكرة عن طريق صورة واحدة فقط، والتي ستكون أكثر تأثيرًا من المقال، أو الفيديو، وأكبر مثال على ذلك رسام الكاريكاتير علي فرزات، الذي أثّر بشكل كبير عبر رسوماته، فما كان من نظام الأسد إلا أن قام بتكسير أصابعه خوفًا من الرسائل النقدية التي يستطيع ايصالها، من خلال رسوماته، وأيضًا قدرة الكاريكاتير على التأثير في القيم المجتمعية”.
فنان الكاريكاتير خالد قطاع تحدث لجيرون قائلًا ” إذا تحدثنا عن فترة ما قبل الثورة وطيلة حكم الأسد الأب، ومن ثم الابن، لا أجد للكاريكاتير أي تأثير يُذكر، حيث كانت الوسيلة الوحيدة لنشر الكاريكاتير، هي الصحف والمجلات، وجميعها كانت حكومية محدودة العدد متشابهة، يتم توجيهها ومراقبتها من قبل الأجهزة الأمنية، وهامش الحرية فيها ضئيل جدًا، بالتالي هي غير فاعلة، وغير مؤثرة في المجتمع، لعدم الثقة بها أصلًا، حتى في عهد بشار الأسد وإن ظهرت صحف ومجلات خاصة، فإنها بالضرورة مُراقبة ومُتابعة من قبل الأجهزة الأمنية، أو أنها مملوكة لشخصيات من ضمن العصابة الحاكمة، بالتالي فإن هامش حرية التعبير وإن تغير قليلًا في عهد الأسد الابن، إلا أنه أدنى بكثير من أن يكون عاملًا فاعلًا ومؤثرًا في التغيير، وعندما كانت تظهر أية محاولة لإحداث تأثير في الرأي العام، كان يتم وأدها بسرعة، كما حدث لصحيفة الدومري الساخرة، والتي أشرف عليها الفنان على فرزات”. لكنه أكد أن الكاريكاتير أثناء الثورة كان له تأثير مختلف ” أما أثناء الثورة فإن حالة الثورة هي حالة تغيير بشكل عام، وعبر عدد من رسامي الكاريكاتير الثوريين عن هذه الحالة، حيث تعددت المواضيع التي طرحوها من نقدهم لظلم وبطش النظام الدموي، إلى التوق للحرية، إلى نقدهم للفئات التي تسلقت على الثورة والمعارضة وتسببت في تشويهها وتغيير بوصلتها ، وبالرغم من مساحة الحرية الواسعة التي يعيشها رسامو الكاريكاتير الثوريون والذين هم خارج قبضة النظام المجرم، إلا أنه مازال هنالك ضعف في التواصل والتأثير مع الجمهور، بسبب ضعف مؤسسات الإعلام الثورية، وضعف دعمها المادي لفن الكاريكاتير من جهة، ومن جهة أخرى حجم المصاب الكبير الذي يعيشه مجتمعنا السوري، من قتل واعتقال وتهجير واختلاف وشقاق وطامات يفوق حجمها على إمكانات مؤسسات ضخمة تعنى بالإصلاح والتغيير إن وجدت أصلًا، فما بالك في إمكانات رسامي الكاريكاتير المحدودة في ظل هذه الظروف، و أتمنى أن يكون لدينا مؤسسات إعلامية ثورية تستطيع أن تستثمر فن الكاريكاتير بشكل صحيح في عملية التغيير والتوعية لمجتمعنا السوري الحر”.
المصدر: جيرون