عادل النواب
دعا رئيس الوزراء العراقي المكلف محمد علاوي، أمس الأربعاء، البرلمان إلى الانعقاد يوم الإثنين المقبل، للتصويت على تشكيلته الحكومية، معتبراً أنه إذا لم تمرر الحكومة، “فاعلموا أن هناك جهات ما زالت تعمل ضد الإصلاح في العراق”. ووعد علاوي فور نيل الثقة بـ”العمل على اتخاذ خطوات لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة”، مؤكداً أن من أولى مهام حكومته التحقيق في قتل المحتجين. ودافع رئيس الوزراء المكلف عن تشكيلته الوزارية، قائلاً إنها قد اختيرت لما يتصف به أصحابها من كفاءة ومؤهلات، بالإضافة إلى ما لديهم من برامج قابلة للتطبيق للعبور بالبلد الى برّ الأمان وخدمة المواطنين على اختلاف انتماءاتهم، مشدداً على أن الحكومة ستكون لجميع العراقيين وستحظى بثقتهم من خلال ما ستنجزه وبعد أن يمنحها البرلمان ثقته.
وجاء إعلان علاوي على الرغم من غموض مصير المفاوضات بينه وبين قوى سياسية عدة، ما زالت تتمسك بشروطها مقابل دعم الحكومة. ومن أبرز تلك الشروط، تحديد موعد ثابت للانتخابات المبكرة وتضمينه في البرنامج الحكومي، فضلاً عما تراه تلك الكتل حقها في تسمية وزراء بالحكومة، تعتبرهم من استحقاقها الانتخابي. كما سبق إعلان علاوي بوقت قصير تلويح رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي باتجاهه إلى مغادرة منصبه كرئيس حكومة تصريف أعمال بعد الثاني من مارس/ آذار المقبل، حتى لو لم يجر منح الثقة للحكومة الجديدة. ورأى عبد المهدي، في رسالة وجهها لقادة كتل سياسية عراقية، أنه “سيكون من غير الصحيح الاستمرار بتحملي المسؤوليات بعد تاريخ 2 مارس 2020، ولن أجد أمامي سوى اللجوء للحلول المنصوص عليها في الدستور أو النظام الداخلي لمجلس الوزراء”.
وكان قيادي بارز في تحالف “النصر” البرلماني بزعامة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، أفاد بأن علاوي أنهى تشكيلته الحكومية، وهو يفاوض حالياً القوى السياسية على تمريرها، حتى لو جاء ذلك بطريقة الأغلبية البرلمانية، وليس بالتوافق كما جرت عليه عادة بعد تشكيل الحكومات الست بعد عام 2003. ورأى المصدر أن علاوي اختار الوزراء بنفسه، لكنه وقع في فخّ التقسيم الطائفي، بمعنى أن وزارة الداخلية المتعارف ذهابها منذ عام 2004 إلى المكون الشيعي، منحت لمرشحٍ شيعي، وكذلك الدفاع للمكون السني، والأمر ذاته لوزارات أخرى، ما يعاكس تماماً مطالب الشارع العراقي المنتفض ضد المحاصصة الطائفية.
ورأى القيادي في تحالف “النصر”، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “خطوة رئيس الحكومة المكلف في تجاوز الكتل النيابية لاختيار وزرائه كانت ممتازة، لكن تمسكه باعتماد المحاصصة التي رسخها الأميركيون تشكل انتكاسة وتثبيتاً لواقعٍ سيّئ، وهي إشكالية طُرحَت خلال الاجتماعات التي جرت ليل الاثنين والثلاثاء الماضيين”، لافتاً في الوقت ذاته إلى بقاء أمل ضئيل بإحداث بعض التعديلات، وبأن يأخذ علاوي بالملاحظات.
وفي ما يتعلق بتوزع الأصوات داخل البرلمان، أشار المصدر إلى أن علاوي ضمن حالياً نصف أصوات البرلمان البالغة 329 نائباً، لكنه يسعى للتوصل إلى تفاهمات مع قوى سنّية وكردية أخرجت من جعبتها خلال اليومين الماضيين شروطاً جديدة للقبول بدعمه، أبرزها المطالبة بتحديد موعد انتخابات مبكرة محدد في البرنامج الحكومي، وكذلك ما تصفه تلك الكتل باستحقاقها الانتخابي في الحكومة. وتطرح قوى كردية أن ترشح أسماء عدة لكل وزارة، على أن يختار رئيس الوزراء المكلف إحداها، وفقاً للمصدر ذاته.
وشهدت الأيام الماضية اجتماعات مكثفة جمعت قادة الكتل السياسية بعلاوي، من أجل الوصول الى اتفاق وتوافق بشأن التشكيلة الوزارية. وعلى الرغم من ذلك، لا تزال بعض النقاط الخلافية قائمة بين هذه القوى، خصوصاً داخل تحالف القوى الذي يقدم نفسه ممثلاً عن العرب السنة والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، اللذين يصران على حقهما في تسمية وزراء بحكومة علاوي. وأضيف إلى هذا الشرط آخر سبّب عرقلة سير الحوارات، وهو تحديد موعد للانتخابات المبكرة في البرنامج الحكومي، ليكون ملزماً للجهات التنفيذية والسياسية.
ومبرراً تأخر جلسة منح الثقة، قال النائب محمد الخالدي، رئيس كتلة “بيارق الخير” البرلمانية، المقرب من علاوي، في اتصال مع “العربي الجديد”، إن “أغلب النواب في سفر خارج بغداد”. وبيّن أن “المباحثات مع القوى السياسية الكردية والسنية تجري حول مشاركة المكونات، وليس لتغيير أسماء المرشحين أو فرض أسماء بعينها”. وأشاد الخالدي بإكمال علاوي التشكيلة الوزارية “بعد مرور 12 يوم على تكليفه، وهي جاهزة للتصويت بشكل كامل”. وأضاف النائب المقرب من علاوي أنه “تمّ التأكد من ضمان الأغلبية البرلمانية التي ستصوت للحكومة، وهي أكثر من 220 نائباً”، مؤكداً وجود أغلبية حتى إذا قاطعت القوى الكردية الكبيرة جلسة التصويت مع تحالف القوى العراقية بزعامة محمد الحلبوسي”. وأوضح أن “الكتل السياسية الداعمة لعلاوي هي كل القوى السياسية الشيعية باستثناء دولة القانون بزعامة نوري المالكي، وما يقارب 40 نائباً من الكتل السنية. أما من الكتل التركمانية، فسبعة نواب، ومن القوى المسيحية تسعة، ومن القوى الكردية 15 نائباً”.
إلى ذلك، قال النائب عن تحالف “الفتح”، كريم عليوي، لـ”العربي الجديد”، إن “سبب تأخير عرض حكومة علاوي للتصويت في البرلمان هو إصرار القوى السياسية السنية والكردية على المحاصصة، وعلى أن تتسلم حقائب وزارية في الحكومة الجديدة”. وبحسب عليوي، فقد حاولت هذه القوى “فرض بعض الترشيحات الوزارية على علاوي، لكنه رفض”، مشدداً على أن “الأسبوع المقبل سيكون حاسماً لمنح رئيس الوزراء المكلف وحكومته ثقة البرلمان، مع وجود أغلبية برلمانية داعمة لذلك، حتى لو قاطعت بعض القوى السُّنية والكردية جلسة التصويت”.
وتبرر قوى سياسية عدة مواقفها الحالية التي اعتبرت المسبب الأول لتأخر عرض التشكيلة الوزارية على التصويت في البرلمان، بنقاط عدة. وشدّد القيادي في تحالف “القوى العراقية”، صباح الكربولي، في حديثٍ لـ”العربي الجديد”، على ضرورة أن يكون للمكون السني ممثلون حقيقيون في الحكومة الجديدة، خصوصاً أن هذا المكون يعاني مشاكل عميقة وحادة، ما يحتم أن يكون ممثلوه في الحكومة من الشخصيات القوية القادرة على معالجة مشاكل المناطق المحررة.
من جهتها، هددت كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني، بوضع العراقيل أمام علاوي في حال عدم تنفيذه مطالب الكتل السياسية، ومنها المطالب الكردية. وقالت رئيسة الكتلة، النائبة جوان إحسان، في تصريح لموقع محلي، إن “الجانب الكردي لن يقبل بفرض أي اسم لتمثيل كردستان بحكومة علاوي”، مشددة على وجوب أن يستمع الأخير إلى أصوات الكيانات، أو يحتمل وضع الحكومة تحت المسؤولية أو خلق عراقيل أمام تشكيلها”.
المصدر: العربي الجديد