فارس الرفاعي
نال المحاضر السوري والمعتقل السابق في سجون الأسد “عمر الشغري” جائزة القيادة من ملك السويد “كارل السادس عشر غوستاف” نظير امتلاكه صفة القيادة المبنية على التعاطف والشجاعة لبناء مستقبل أفضل للبشر -كما جاء في حيثيات الجائزة التي سيتم تسليمها في أيلول -سبتمبر القادم.
وينحدر “الشغري” من قرية “البيضا” على الساحل السوري التي ارتبطت بمشهد الإهانة الشهير بداية الثورة، قبل أن ترتكب فيها قوات الأسد مجزرة أخرى كان والد وشقيقا “عمر” من ضحاياها.
وعاش “عمر” متنقلاً بين “بانياس” ودمشق مكان عمل والده وكان يدرس في المرحلة الثانوية عند اندلاع الثورة ولاشتراكه في المظاهرات السلمية تم اعتقاله للمرة الأولى في 12 نيسان أبريل 2011 أثناء مجزرة “البيضا” الأولى.
وفي 16 تشرين الثاني نوفمبر 2012، تم اعتقاله مرة ثانية وبقي في السجن ثلاث سنوات ليخرج بعدها مصاباً بمرض السل ومنهك الجسد جراء التعذيب وظروف الاعتقال غير الإنسانية، ما اضطر والدته التي خسرت اثنين من أبنائها ووالده في مجزرة البيضا الثانية لإرساله في قارب بحري مثل بقية اللاجئين إلى أوروبا للعلاج من مرض السل، وبحثاً عن الأمان.
وبعد رحلة محفوفة بالمخاطر وصل “الشغري” إلى السويد التي قدمت له الرعاية الصحية -كما يروي لـ”زمان الوصل”- مضيفاً أنه تعرف هناك على عائلة سويدية أقام معها لأكثر من سنتين وشجعته على تعلم اللغة وكسر حاجز الاندماج، وبدأ بعدها بإلقاء محاضرات في المسارح والمدارس والجامعات، ما أكسبه مهارات الإلقاء، وتطور الأمر لإلقاء محاضرات تحفيزية لشركات ضمن السويد والنرويج وفلندا والدنمارك.
بداية العام 2019 تمت دعوة الشاب الهارب من سجون النظام لإلقاء محاضرات في جامعة “براون” الأمريكية مما فتح له –كما يقول- باباً جديداً لإلقاء محاضرات في جامعات مختلفة بأميركا وبدأ بعدها بالعمل مع المنظمة السورية للطوارىء (Syrian Emergencey Task force) كما عمل مع فريق “سيزر” الضابط الذي سرب 55 ألف صورة من صور ضحايا التعذيب في معتقلات الأسد، وكان الهدف من هذه النشاطات- كما يقول- السعي مع منظمات حقوقية وإنسانية لإطلاق سراح السجناء السوريين السياسيين وتحرير السجون السورية بإسقاط النظام السوري وتحويل المسؤولين إلى المحاسبة في المحاكم الدولية.
وفي هذا السياق تم إنشاء 5 قضايا ضد نظام الأسد في ألمانيا والسويد والنرويج وإسبانيا وفرنسا، وهناك جهود للعمل على قضايا مماثلة في أمريكا.
ولفت “عمر” إلى أن المحاكم الألمانية من المقرر أن تبدأ (الخميس 23/4/2020) لمحاكمة المتهمين الذين سيجتمعون مع الضحايا في غرفة واحدة.
وحول جائزة “الشجاعة” التي مُنحت له أشار الشاب القادم من الساحل السوري إلى أنه رُشح لجائزة (Values-based leader) التي تعني “القيادة المعتمدة على القيم” منذ أشهر وتم إبلاغه بالفوز منذ أيام، ويتركز الترشيح-حسب قوله – على ثلاثة مبادئ وهي “الشجاعة”، “التفكير” و”قوة العمل”.
وكشف “الشغري” أن اختياره تم في البداية ضمن 10 شبان واختاره ملك السويد بعدها للفوز بالجائزة التي سيتم تأجيل حفلها إلى آب أغسطس القادم بسبب ظروف فيروس “كورونا”.
ولفت “الشغري” إلى أن اختياره للجائزة جاءت كدعم لعمله في السعي للإفراج عن المعتقلين السياسيين ولتحقيق العدالة في سوريا وبناء بلد يحترم حرية الإنسان، مضيفاً أن هذه الجائزة بالنسبة له ليست تكريماً شخصياً بقدر ما هي تكريم لكل المعتقلين، ولكل شخص عانى بسبب نظام الأسد.
وعن مفهومه للقيادة التي نال جائزتها أشار “الشغري” إلى أنه صُنِع ونشأ في السجون السورية على أيدي معتقلين مثقفين في كافة المجالات، وأولئك المعتقلين كان هدفهم بناء قائد، واليوم أصبح قائداً باعتراف ملك بلد تحترم الإنسان وعمله.
وتابع: “لقد تمكنت من التغلب على الخوف والصدمة، وحولت هذا إلى طاقة وامتنان إيجابيين. وقناعتي أن لا شيء مستحيل، على أمل أن يلهم موقفي ووجهات نظري الآخرين للتغلب على العقبات والمصاعب”.
وكشف “عمر” أن الجائزة هي عبارة عن دبلوم من الملك بالإضافة إلى وسام ومكافأة مادية سيستعملها إما لدعم قضية المعتقلين أو لعلاج أسنان والدته التي نخرتها سنون الحرب، حسب تعبيره.
وختم الناجي من معتقلات الأسد أن “النظام السوري عمل ولا يزال يعمل ويطمح إلى كسر وتحطيم إرادة السوريين ولذلك لن نسمح لهذا النظام بكتابة التاريخ وإنما يجب أن نكتبه بعملنا ونجاحاتنا في كل المجالات الممكنة.
المصدر: زمان الوصل