عبد الحفيظ الحافظ
تسلل لصٌ إلى شقةٍ في ظلمة الليل، وكانت رياح تشرين تعوي؛ فوجد نفسه في مطبخ، وعلى ضوء مصباحه شاهد رجلًا عجوزًا نائمًا على أريكة ومتدثرًا بغطاء منفرد، لكنه جفل عندما أخذ قطٌ بمشكاتين يموء بين رجليه، فجلس على أقرب كرسيٍ؛ فصمت القط. تأمل محتويات المطبخ فكانت متواضعة، ولفت نظره صحنًا فيه بقايا سمك السردين، وآخر فيه بقايا حُمّص، ورغيف خبز. كان اللص يتضوّر جوعًا، فحاول التوجه إلى خارج المطبخ، فأخذ القط يموء، ووقف في طريقه، فتراجع، وجلس إلى الطاولة، فتحرك العجوز ناهرًا القط: – لماذا تموء يا صديقي في هذا الليل والناس نيام؟ فمدَّ اللص يده إلى صحن السردين أمام عيني القط، وعندما حاول أن يمسك ببقية بصلةٍ صرخ القط، فأبعد اللصُ يده عنها، وضع قليلًا من السردين على كسرة خبز، وقدمها للقط، فابتعد القط. لكن القطَ ما إن انتصف ما في صحن السردين حتى أخذ يموء محذرًا، فأبعد اللصُ الصحن، وأخذ يأكل من صحن الحُمص، وما كاد يلتهم نصفه حتى أخذ القط يموء؛ محذرًا من جديد، فتش اللص محتويات المطبخ، وأمسك ببطانية وغطى بها الرجل العجوز، وخرج من حيث أتى.