ترجمة وتحرير موقع تلفزيون سوريا
كشف موقع “إيران وير” أن كميات كبيرة من الأسلحة الخفيفة الروسية الصنع، لا سيما سلاح “AKS-74U”، وجدت طريقها إلى مقاتلي ميليشيا “حزب الله” في سوريا.
وقال الموقع، في تقرير له، إن أوائل العام 2015، شهدت توترات في أوساط المجتمع الدولي، بعد وصول عدد كبير من الأسلحة الروسية خفيفة الصنع إلى عناصر ميليشيا “حزب الله” اللبناني في سوريا.
ونقل الموقع عن الباحث في العسكرة الإسلامية الشيعية، في “معهد واشنطن للأبحاث”، فيليب سميث، قوله إنه “من المضحك ألا تدرك روسيا أين انتهى الأمر بأسلحتها التي زودت بها قوات الأسد والقوات المدعومة من إيران”، مشيراً إلى أن جميع القادة والعناصر في ميليشيا “حزب الله” بدؤوا يحملون هذه الأسلحة، الشيء الذي لم يكن وارداً قبل العام 2015.
وأكد الباحث، أنها ليست المرة الأولى التي تدعم روسيا ميليشيا “حزب الله” بالسلاح، حيث وجدت أسلحة روسية الصنع مضادة للدبابات، مثل قاذفة القنابل “RPG29″، طريقها “بطريقة سحرية”، إلى ميليشيا “حزب الله” العراقية، المدعومة من قبل ميليشيا “الحرس الثوري الإيراني”.
كما أن مقاتلي ميليشيا “حزب الله” العراقي، يعرفون جيداً كيفية استخدامها، في عمليات معقدة ومنسقة، ضد الدبابات الأميركية في العراق.
شريكان غريبان
في ظاهر الأمر، يبدو أن روسيا و”حزب الله” شريكان غريبان، الأولى دولة علمانية ظاهرياً، تسعى جاهدة للحفاظ على علاقات جيدة مع إسرائيل وتتاجر مع دول الخليج السنية، بينما تُعتبر الثانية جماعة إسلامية شيعية مسلحة، مصممة على تدمير إسرائيل.
وتعود للأذهان حادثة اختطاف الدبلوماسيين السوفييت في بيروت في العام 1986، من قبل “حزب الله”، حينها كان أبسط ما في الرد الوحشي لجهاز الاستخبارات السوفيتي “KGB”، هو اختطاف أحد أقارب زعيم الحزب حينها، محمد حسين فضل الله، وتقطيع أصابعه، وإعادتها إلى أسرته في مظاريف منفصلة.
لكن على الرغم من ذلك، ترفض روسيا تصنيف ميليشيا “حزب الله” ككيان إرهابي، سواء بشكل كلي كما فعلت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، أو جزئياً مثل الاتحاد الأوروبي.
حتى إن السفير الروسي في بيروت، قال في نيسان الماضي إن “حزب الله منظمة تحارب الإرهاب”.
السياسة الروسية: حافز مالي وآخر سياسي
ترى الباحثة في “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى”، آنا يورشيفسكايا، أنه “من غير الممكن فك شيفرة موقف روسيا المتطور تجاه حزب الله والجماعات الشيعية الأخرى، دون فهم علاقتها المتغيرة مع إيران منذ العام 1979”.
فبعد الحرب الإيرانية العراقية، تحولت الجمهورية الإسلامية إلى التقارب التدريجي مع الاتحاد السوفيتي، وبحلول منتصف التسعينات، كانت موسكو مورد السلاح الرئيسي لإيران، وداعما أساسيا لبرنامجها النووي.
تقول يوروشيفسكايا “عندما وصل بوتين إلى السلطة، بنى على تلك العلاقة السابقة، ورفعت الحرب في سوريا العلاقات الروسية الإيرانية إلى مستويات غير مسبوقة”، مشيرة إلى أن الجانبين لم يكونا بهذا القرب من قبل، وعلاقة روسيا بحزب الله “نتيجة ثانوية لذلك”.
وتضيف يوروشيفسكايا “أن ما يحصل عليه الكرملين من شراكة استراتيجية مع إيران بسيط، كلاهما يشتركان في رؤية معادية لأميركا، ويشتركان في الرغبة بالانسحاب من المنطقة، فضلاً عن العداء المعلن للتطرف السني”، موضحة أنه “على عكس حزب الله، وهو كيان شيعي، أعلنت روسيا جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية في وقت مبكر من العام 2003”.
لذلك يتوجب على روسيا أن تميل إلى حلفاء إيران في المنطقة، ويشمل ذلك وكيلها الرئيسي، “حزب الله”، وكذلك الميليشيات الأخرى المدعومة من إيران ونظام الأسد.
وتعتبر روسيا أن المكاسب بالنسبة إلى روسيا هي سياسية، وفي حد أقل مالية، موضحة أنه “كلما زاد عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، كان ذلك أفضل، فروسيا تريد زيادة مبيعاتها من الأسلحة”.
وأكدت يوروشيفسكايا أن “الحافز المالي مهم بالنسبة لموسكو من علاقتها مع طهران ووكلائها، لكن الأهم الحافز السياسي، فوجود الصراع، يمكّن لروسيا من أن تصنع نفسها كقوى لا غنى عنها يمكنها التحدث مع الجميع، ويعزز الاعتماد عليها”.
تنسيق التدخل الروسي في سوريا
ليس من الواضح إذا ما كان “حزب الله” له وجود أو خلايا أو أصول نشطة في روسيا، لكن من المحتمل أن يكون عدم إدراجها في التصنيف الروسي للمنظمات الإرهابية، قد ساعد في تسهيل عملياتها هناك.
ففي العام 2010، تمكن رجل الأعمال اللبناني عبد النور شعلان، الملقب بـ “الميسّر” من لعب دور حاسم في التوسّط في صفقة أسلحة من بيلاروسيا وأوكرانيا وروسيا، شملت “حزب الله”، ولم تُعاقب الشركات الموردة من قبل الولايات المتحدة الأميركية حتى العام 2015.
وفي تموز من العام 2015، عقد قائد ميليشيا “فيلق القدس” السابق، قاسم سليماني، اجتماعاً مع الرئيس بوتين ووزير الدفاع الروسي في موسكو، واستطاع تشكيل قناة لتوريد الأسلحة الخفيفة روسية الصنع إلى ميليشيا “حزب الله”.
وفي غضون أسابيع من ذلك الاجتماع، بدأ الحشد الروسي للقوات الجوية والمدرعات والمستشارين العسكريين في سوريا، وفي أيلول من العام نفسه، بدأت روسيا تدخلها العسكري رسمياً في سوريا، عبر الغارات الجوية التي قلبت مجرى الحرب لصالح نظام الأسد.
مقاتلو “حزب الله” تلقوا التدريبات داخل روسيا
تؤكد يورشيفسكايا، أن مقاتلي ميليشيا “حزب الله” تمكنوا على الوصول لأكثر من مجرد أسلحة من روسيا، فقد كان لهم خبرات مباشرة مع الجنود الروس على الأرض، وتعتقد الباحثة أن مقاتلي الحزب تلقوا تدريبات من الجيش الروسي حتى داخل روسيا نفسها.
على الأرض في سوريا، تمكّن عناصر ميليشيا “حزب الله”، في كانون الثاني من العام 2016، بدعم جوي ومدفعي من القوات الروسية، من توجيه ضربات عنيفة لمعاقل المعارضة السورية، بما في ذلك بلدة سلمى باللاذقية، والشيخ مسكين في درعا، واستطاعوا في شباط 2016 من كسر حصار بلدتي نبّل والزهراء بريف إدلب، تحت غطاء الضربات الجوية الروسية.
وكشف مركز “كارينغي للسلام”، أن مقاتلي ميليشيا “حزب الله” يقدرون بنحو 6000 إلى 8000 في سوريا والعراق، وعلى الرغم من خسائر الحزب لعناصره طيلة عام 2015، فقد أرسل المزيد من المقاتلين بعد التدخل الروسي في سوريا، خاصة إلى الجبهة الجنوبية لمدينة حلب.
روسيا أخفت مقاتلي الميليشيا الإيرانية بزي قواتها
ومع كل ذلك، فإن الدبلوماسية العسكرية الروسية، الحذرة في المنطقة، تسير في كلا الاتجاهين، ففي أواخر عام 2015 بدأت موسكو ببناء نظام دفاع مضاد للطائرات في سوريا، لكنها أزعجت كل من نظام الأسد وطهران من خلال السماح لإسرائيل بشن غارات جوية على أهداف غير روسية، وأدى ذلك إلى مستوى من الاعتماد على روسيا من جانب إسرائيل.
وفي محاولة لحماية الأهداف الإيرانية والميليشيات الموالية لها، بما في ذلك ميليشيا “حزب الله”، أخفى نظام الأسد المقاتلين وقوافلهم بزيه الرسمي وشاراته، ووفقاً لمصادر خاصة لـ “معهد واشنطن للأبحاث”، فإن الميليشيا المدعومة من إيران استخدمت الأعلام الروسية لصد الضربات الجوية الإسرائيلية.
يقول الباحث فيليب سميث، تبنّت روسيا “موقفاً متعدد الأقطاب”، كما أعطت أحياناً الضوء الأخضر لإسرائيل لشن هجماتها، مشيراً إلى أنه “هناك كثير من المواجهات بين الحلفاء، كما كان الحال في الحرب العالمية الثانية”.
واصفاً السياسة الروسية بأنها “إسقاط القوة، إنه مشروع منخفض التأثير لبناء العلاقات، لكن له عائد مرتفع”.
المصدر: موقع تلفزيون سوريا