رائد جبر
راوحت ردود الفعل الروسية الأولى على الانتخابات الرئاسية في سوريا بين «إشادة بمستوى التنظيم ونزاهة وحرية الانتخابات» وفقاً لتعليقات مراقبين روس ومسؤولين في البرلمان، وتقارير إعلامية رأت أن 80 في المائة من السوريين شاركوا في العملية «ما استدعى تمديد فتح صناديق الاقتراع».
ومع غياب التعليقات على المستوى الرسمي الروسي بانتظار ظهور النتائج الأولية كما قالت مصادر، بدا أن مجتمع الإعلام والمستوى البرلماني الروسي ينقلان صورة مغايرة تماما، للمواقف الدولية، وظهر الحرص على تقديم مشهد للروس يؤكد أن الانتخابات جرت في ظروف طبيعية تماما، لدرجة أن قناة «فيستي» ووكالة «نوفوستي» الحكوميتين تحدثتا في تقارير صباح أمس عن «فرص فوز المرشح الأقرب بشار الأسد». في حين رأى مراسلو «قناة روسيا 24» التلفزيونية الحكومية أن نتائج الانتخابات الرئاسية تتلخص في سوريا بحضور 80 في المائة من السكان. وقالت إنه بسبب الإقبال الكبير للغاية، تم تمديد التصويت لمدة خمس ساعات وإرسال صناديق اقتراع إضافية إلى مراكز الاقتراع. وقال التقرير التلفزيوني إن الانتخابات جرت من دون وقوع حوادث وبمشاركة مراقبين دوليين، بما في ذلك من روسيا.
في السياق ذاته، نقلت وسائل الإعلام عن المراقبين الروس الذين أشرفوا على عمليات التصويت إلى جانب مراقبين من بيلاروسيا وأرمينيا وإقليمي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية (انفصلا عن جورجيا بدعم روسي) أن عمليات التصويت سارت بحرية ووفقاً للمعايير الدولية. وقال رئيس الوفد الروسي النائب في مجلس الدوما (النواب) دميتري سابلين إن عمليات المراقبة لم تسجل وقوع انتهاكات و«الانتخابات تجري بحرية ونزاهة ووفق المعايير الدولية». في حين قال رئيس وفد مراقبي مجلس الاتحاد (الشيوخ) سيرغي موراتوف إن «القول بأن الانتخابات يمكن اعتبارها غير شرعية هو نوع من التحدي لإرادة الأمة السورية».
وبرغم ذلك، برزت أصوات نادرة في الإعلام الروسي أجرت مقارنات بين ما وصفته «طوابير طويلة في مناطق سيطرة النظام، واحتجاجات واسعة في المناطق الأخرى وبينها إدلب ومناطق سورية أخرى ومناطق تجمع اللاجئين السوريين خارج البلاد» وفقاً لتقرير نشرته شبكة «أر بي كيه» المدعومة من رجال أعمال.
في غضون ذلك، برزت انتقادات روسية حادة للتصريحات الأوروبية حول العملية الانتخابية، وقال ليونيد سلوتسكي، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الدوما، إن تصريح رئيس دبلوماسية الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، بشأن الانتخابات في سوريا، و«المزاعم حول الطبيعة غير الديمقراطية للانتخابات تصب في اتجاه تعقيد مسار التسوية والاستقرار السياسي في البلاد».
وكان بوريل قال في بيان الخميس إن «الاتحاد الأوروبي يعتقد أن انتخابات 26 مايو (أيار) الرئاسية في سوريا تقوض الجهود المبذولة لإيجاد حل دائم للصراع في البلاد. ولم تستوف أيا من معايير تصويت ديمقراطي حقيقي، ولم تسهم في تسوية الصراع».
وشدد سلوتسكي على أن «المزاعم بعدم ديمقراطية التصويت لا تتوافق مع الواقع. مراقبون من روسيا أكدوا أنه لم تسجل أي انتهاكات خطيرة يمكن أن تؤثر على شرعية نتائج العملية الانتخابية».
وبحسب النائب، فقد «شهد مراقبون روس بأن كل سوري حصل على فرصة التصويت، وأن تنظيم الانتخابات امتثل بالكامل لجميع الأعراف الدولية». وشدد سلوتسكي على أن «مثل هذه التقييمات من الاتحاد الأوروبي هي استمرار لسياسة التدخل في الشؤون الداخلية وتغيير النظام ضد إرادة السوريين أنفسهم. فقط الشعب السوري هو من يقرر من يجب أن يكون رئيسه».
إلى ذلك، شنت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا هجوما عنيفا على ما وصفته «الكذب الأميركي حول الانتصارات على الإرهاب في سوريا». وقالت في إفادة صحافية إن «الجيش الأميركي يكذب عندما يتحدث عن دوره الحاسم في الانتصار على الإرهاب في سوريا». مشيرة إلى تصريح في هذا الشأن، نقلته وكالة «أسوشيتد برس» عن قائد القيادة المركزية الأميركية فرانك ماكنزي الذي رأى أيضا أن «تقليص الوجود العسكري الأميركي في الشرق الأوسط قد يسمح لروسيا والصين بملء فراغ القوى، وتوسيع نفوذهما في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج».
وأضافت زاخاروفا: «لسبب ما أخفى السيد ماكنزي عن الرأي العام حقيقة أن وجود القوات المسلحة الأميركية على الأراضي السورية لم ينل موافقة من حكومة دمشق، الأمر الذي يجعل وجود هذه القوات غير شرعي. إضافة إلى ذلك فإن حديثه يتسم بالكذب والخداع عندما ينسب الفضل للجيش الأميركي وحده في القتال ضد «داعش» ومنع استئناف نشاطه داخل سوريا».
المصدر: الشرق الأوسط