رأت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية أن العلاقة بين الولايات المتحدة وإيران تشهد مزيداً من التوتر، وعلى وشك الإنهيار، وذلك عقب تبادل الغارات الأميركية التي استهدفت الحشد الشعبي عند الحدود السورية-العراقية الاثنين، والاشتباك بين القوات الأميركية والميليشيات الإيرانية في دير الزور ليل الاثنين/الثلاثاء، إضافة إلى تعثر الجهود الدبلوماسية الأوروبية لإعادة كِلا البلدين إلى الاتفاق النووي.
وأشارت الصحيفة إلى أن المسؤولين الأميركيين والإيرانيين يوجهون انتقادات غاضبة لبعضهم البعض ويتقاذفون اللوم، فيما لا تقدمَ يُذكر في العلاقات بين الجانبيْن.
ولفتت الصحيفة إلى التصعيد العسكري بين الطرفيْن والذي تمثل بإعلان إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن فجر الاثنين، عن ضربات جوية أميركية استهدفت منشآت تابعة لإيران في العراق وسوريا، مضيفةً أن “أعمال العنف استمرت حتى ليل الاثنين، إذ أعلن التحالف الدولي لمحاربة داعش أن القوات الأميركية في سوريا تعرضت لهجمات بصواريخ متعددة”.
واعتبرت الصحيفة أن الهجمات المتبادلة الأخيرة هي “جولة واحدة من أعمال انتقامية على مدى مراحل طويلة سابقة بين القوات الأميركية وفصائل مدعومة من إيران”.
وأشارت الصحيفة إلى أن بعض المشرّعين في واشنطن بدؤوا بالتشكيك في أهمية الوجود المستمر للقوات الأميركية في سوريا والعراق، وكذلك في حق الولايات المتحدة بشنّ غارات جوية على مواقع داخل هذه الدول. لكن إدارة بايدن، مثل سابقتها، تقول إن التهديد الذي تشكله هذه الفصائل على القوات الأميركية يبرّر استهدافهم.
وقالت الصحيفة إن الجولات الست التي احتضنتها العاصمة النمساوية فيينا، لإعادة كِلا البلدين إلى الامتثال لشروط الاتفاق النووي عام 2015 لم تسفر عن اتفاق بعد.
وكان وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن هدد بأن إدارة بايدن تقترب من الإنسحاب من محادثات فيينا. وقال في مقابلة مع صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية: “إذا استمرت طهران في مواصلة التقدم في البرنامج النووي وتدوير أجهزة الطرد المركزي الأكثر تطوراً، سيكون من الصعب العودة إلى معايير الاتفاق النووي الأصلي”.
وقالت “واشنطن بوست” إن تصريح المبعوث الأميركي الخاص إلى إيران روبرت مالي كان أكثر تفاؤلاً. وهو قال في حديث مع برنامج إذاعي: “ما زلنا نعتقد أنه يمكن التوصل إلى إتفاق.. لا يوجد سبب يمنعنا من ذلك”، مضيفاً “لكن الأمر يعتمد أيضاً على المواقف التي ستتخذها إيران”.
وأشارت إلى أنه حتى الآن، تتخذ إيران موقفاً “متمرداً”. فطهران تطلب من إدارة بايدن رفع جميع العقوبات التي فرضها عليها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وهو أمر لن يقبل البيت الأبيض بتنفيذه.
كما أن طهران، بحسب الصحيفة، بدأت في تقييد وصول مفتشين من الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة إلى مواقعها النووية. ولفتت إلى أن فوز المتشدد إبراهيم رئيسي برئاسة إيران، والذي يعارض المفاوضات مع الولايات المتحدة، أضاف ضغطاً متزايداً للوصول إلى إتفاق في ظل حكم الرئيس الإيراني المعتدل حسن روحاني، قبل تولي رئيسي منصبه في آب/أغسطس.
ويقول مالي ومسؤولون أميركيون آخرون، إن هوية الرئيس ليست مهمة لأن المرشد الأعلى خامنئي لديه القرار الحاسم داخل إيران.
ونقلت الصحيفة عن علي فايز ودينا اسفاندياري من مجموعة الأزمات الدولية أن فوز رئيسي قد يكون إيجابياً، مشيرين إلى أنه رغم أن المفاوضين الإيرانيين لم يُبدوا الكثير من المرونة حتى الآن، إلا أنهم حريصون على الوصول إلى إتفاق قبل مغادرة روحاني لمنصبه.
وتابعا أنه في حال تم الاتفاق فرئيسي سيكون قد جنى المكاسب الإقتصادية من جرّاء تخفيف العقوبات، فيما يقوم بإلقاء اللوم على روحاني في حال لم يتخذ مسار الاتفاق النتائج المطلوبة.
ولفتت الصحيفة إلى أنه “حتى لو تم التوصل إلى اتفاق، فهو سيكون محدوداً”، مضيفةً أن هناك مؤشرات بأن إدارة بايدن وشركاءها الأوروبيين سوف يكونون قادرين على تحقيق هدفهم الأكبر والمتمثل في توسيع نطاق الحوار الدبلوماسي مع إيران، والذي يتجاوز برنامجها النووي ليضم مجموعة من المخاوف، بما في ذلك دعم طهران لفصائل في دول كسوريا والعراق.
وقال كريم سجادبور من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، إن انتخاب رئيسي، يُوحي بأن طهران ستقاوم مساعي إدارة بايدن للتفاوض بشأن اتفاق لاحق يتناول برنامج إيران الصاروخي وطموحاتها الإقليمية.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الأمر قد يخلق معضلة أمام إدارة بايدن، فإذا حاولت الولايات المتحدة الضغط على إيران على الموافقة عبر فرض عقوبات جديدة، سترد الأخيرة من خلال استئناف أنشطتها النووية ومهاجمة القوات الأميركية عبر وكلائها.
المصدر: المدن