ذكرت مجلة “لوبوان” الفرنسية في تقرير بعنوان “المطاردة الكبرى للمجرمين السوريين”، أن مكتباً في برلين يعمل على توثيق جرائم الحرب في سوريا.
ويشمل عملُ المكتب بملاحقة مجرمي الحرب في سوريا الذين ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية وتعذيب بحق المدنيين السوريين أمام المحاكم الأوروبية، أرشفة وتخزين أكثر من مليون ونصف مليون مقطع مصور من 5 آلاف مصدر مختلف على خوادم منظمة “الأرشيف السوري” التي أسسها نشطاء.
ويقول مؤسس المنظمة هادي الخطيب، الذي وصل إلى برلين سنة 2014: “الهدف الرئيسي هو الحفاظ على الأدلة لتوثيق جرائم الحرب وتشكيل ذاكرة رقمية للأحداث”.
وأضاف “بدأتُ مهمة أرشفة البيانات بنفسي حتى لا أفقد بعض المعلومات المهمة. بعد ذلك، التقيت هنا بخبراء من الأمم المتحدة ومنظمة هيومن رايتس ووتش، والمحكمة الجنائية الدولية. حالياً، يوظف هذا الهيكل الذي يهدف إلى توثيق الجرائم، 20 شخصاً، وهو يعمل أيضاً على توثيق النزاعات في مناطق أخرى مثل السودان واليمن وبورما”.
ووثقت المنظمة عشرة آلاف مقطع فيديو تظهر الجرائم في الحرب السورية. وأشارت المجلة إلى أن الهجمات الكيماوية ضد المدنيين تعد القضية الأبرز التي تتشبث بها المعارضة السورية لملاحقة نظام بشار الأسد قضائياً على الصعيد الدولي.
ولفتت إلى أن منظمات حقوقية سورية قدمت سنة 2021 شكاوى في ثلاث دول، هي ألمانيا والسويد وفرنسا. ونقلت عن مؤسس الأرشيف السوري، أن هجمات 2013 على الغوطة جنوب دمشق، وهجمات 2017 على خان شيخون قرب إدلب قيد التحقيق.
ويقول مدير المركز السوري للإعلام وحرية التعبير مازن درويش: “لقد عملنا على هذا الملف لمدة أربع سنوات. تمكنا من تحديد 491 دليلاً بالصور والمقاطع المصورة والشهادات، وقد حددنا القيادات المسؤولة عن هذه الجرائم”.
وفي فرنسا، لا يوجد ما يسمى بالحكم الغيابي، ووجود المشتبه به أو الضحية على الأراضي الفرنسية شرط ضروري لبدء المحاكمة. ويوضح درويش قائلاً: “وجدنا ضحية فرنسية، عائلة سورية من دوما تحمل الجنسية الفرنسية، تعرضت لهجوم كيماوي سنة 2013. وفي الوقت الحالي، تعد القضية سارية وقد عقدت الجلسات الأولى”.
ويضيف “لا نتوقع منهم أن يرسلوا بشار أو شقيقه ماهر الأسد (قائد الفرقة الرابعة المدرعة في الجيش السوري المشتبه في مسؤوليته عن هجمات غاز السارين في الغوطة سنة 2013)، وراء القضبان، لكننا نأمل بصدور حكم يدين النظام ودحض روايته”.
وتطرقت المجلة إلى محاكمة العقيد أنور رسلان ومساعده إياد الغريب في الأشهر الأخيرة في كوبلنتس غرب ألمانيا، حيث تعد أول محاكمة علنية في أوروبا ضد شخصيات تابعة للنظام السوري. ووجهت أصابع الاتهام إلى رسلان، الرئيس السابق للفرع 251 لأمن الدولة بين سنتي 2011 و2012، بالإشراف على تعذيب أكثر من أربعة آلاف معتقل، بينهم 58 على الأقل لقوا حتفهم بسبب التعذيب وسوء المعاملة.
وذكرت المجلة أن ثلثي التحقيقات المفتوحة في القارة الأوروبية تتعلق بمسؤولين مرتبطين بالنظام، أما بقية المتهمين، فهم من تنظيم “داعش” ومقاتلون أكراد.
وأشارت إلى أن الدول الأوروبية تشهد بشكل مستمر إجراءات جديدة لملاحقة مرتكبي الجرائم في سوريا منذ عام 2011، بفضل جهود عدد من المحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وتم فتح أكثر من 80 تحقيقاً في جميع أنحاء أوروبا، وهناك 11 محاكمة جارية حالياً، أربعة منها في فرنسا، وثلاثة في ألمانيا، وواحدة في هولندا وأخرى في النمسا واثنتان في السويد.
وتؤكد رينا ديفغون، المدعية السويدية المسؤولة عن الجرائم ضد الإنسانية أنه “منذ تعديل القانون سنة 2014، لم يعد من الضروري أن يكون المشتبه به موجوداً على الأراضي السويدية”.
وأكدت المجلة أنه بفضل التنسيق بين دول عديدة، فقد رفعت دعاوى ضد كبار المسؤولين في الجيش والشرطة ومخابرات النظام في ألمانيا وفرنسا وبلجيكا والسويد خلال الأشهر الأخيرة، ويتصدر رئيس المخابرات السورية، علي مملوك، قائمة المطلوبين للعدالة، لكن الكثير من العراقيل ما زالت موجودة في أوروبا.
وأضافت أن الاشتباه في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية استخدمت مبرراً لرفض طلبات اللجوء، لكن لا يتم اتخاذ الإجراءات الضرورية ضد المشتبه بهم. وقد عززت عودة رفعت الأسد إلى سوريا بعد غياب دام سنوات طويلة، هذا الانطباع، حيث يلقب ب”جزار حماة” نظراً لدوره المحوري في قمع انتفاضة الإخوان المسلمين ضدّ الحكومة سنة 1981، ومذبحة سجن تدمر.
المصدر: المدن