عبد الرحمن خضر
خلّفت سنوات الحرب الطويلة في سورية أكثر من ثلاثة ملايين مصاب غادر بعضهم البلاد لتلقي العلاج، لكن معظمهم لا يزالون في مناطق خارج سيطرة قوات النظام، ويحتاجون إلى متابعة علاج أو خطوات لاستكمال الاستشفاء، خصوصاً بعدما حصرت تركيا من تسمح بدخولهم أراضيها لتلقي للعلاج بالمصابين بأمراض نادرة، وذوي الإصابات التي تحتاج إلى علاج طارئ.
انطلاقاً من هذه الحاجة، افتتحت جمعية “سنابل الأمل” مركزاً لتدريب ومعالجة مصابي الحرب في الشمال السوري. ويقول رئيس إدارتها رامي الأحمد لـ”العربي الجديد”: “افتتحت الجمعية المركز لاستكمال الخطوات الموجّهة نحو ذوي الاحتياجات الخاصة التي بدأتها عام 2019، وذلك بالتعاون مع مدربين حاصلين على جوائز في سورية والمنطقة العربية وآسيا، ومعالجين فيزيائيين محترفين.”
ويحدد هدف المركز “باستكمال علاج المصابين وصقل مهارات الراغبين في ممارسة الرياضات الخاصة بهم وتنميتها، ودعمهم تقنياً وطبياً، وبناء قدراتهم وإعادة تأهيلهم. وهو يحتوي على صالات عدة للألعاب يسمح بقضاء الراغبين في التسجيل ساعات طويلة في العلاج والترفيه، ومياه وشاشات تلفزيون وإنترنت، ويقدّم مواصلات مجانية للمصابين غير القادرين على الوصول بأنفسهم أو بمساعدة أقاربهم، والتي تشمل خدماتها مناطق ريف حلب الغربي وريف إدلب الشمالي الخارجة عن سيطرة النظام.
ويشير إلى أن مجلس إدارة المركز يضم سبعة أشخاص، بينهما خمسة من ذوي الاحتياجات الخاصة، في حين يعمل شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة في الجهاز التدريبي. ويوضح أن “المركز يستقبل المصابين من كل الأعمار ومن الجنسين، إذ تخصص أوقات للنساء تشرف عليها سيدات، أما عدد المنتسبين فـ 95 يتوزعون على 50 رجلاً و45 امرأة، بينهم حوالى 20 من ذوي الاحتياجات الخاصة. وقد نظمنا مسابقات داخلية في رياضات عدة، بينها الشطرنج”.
يقول علي فيصل الذي أصيب بشظية برميل متفجر ألقته مروحية تابعة للنظام السوري على حي سيف الدولة في حلب عام 2013، ما أفقده يده اليمنى الحركة بنسبة 80 في المائة لـ”العربي الجديد”: “أفادني جداً التزام متابعة العلاج في المركز، إذ استعدت نحو 50 في المائة من الحركة في يدي، بعد نحو خمسة أشهر من العلاج”.
يضيف: “أستغل وقتي في المركز بالقيام بتمارين على الأجهزة الرياضية الموجودة، ما جعلني أستعيد الثقة بنفسي بعد المعاناة والوهن النفسي الذي أصابني نتيجة الإصابة التي تعرضت لها، وأثّرت على جسمي بالكامل بعدما امتلأ بشظايا صغيرة، وكذلك رأسي وأذنيّ اللتين ثقب غشاء الطبل في إحداهما بتأثير الانفجار الكبير الذي أحدثه ارتطام البرميل بالأرض”.
من جهته، يقول المعالج الفيزيائي في المركز أحمد الشيخ لـ”العربي الجديد”: “نعالج جميع المراجعين ضمن الوسائل المتاحة لدينا، ونستخدم في الأساس تمارين علاجية تستعين بأجهزة رياضية وميكانيكية، وأخرى مخصصة للعلاج الفيزيائي. وحصص التدريب والمعالجة مخصصة للمصابين بإصابات حربية، أو لمن يعانون من إصابات في الأطراف”.
ويشرح أن “المركز يحدد عدد الجلسات اللازمة لكل مصاب، استناداً إلى تقييم طبيعة الإصابة وحالها، علماً أن الإصابات التي يستقبلها مختلفة، بينها عصبية وأخرى في الدماغ إضافة إلى كسور وأخرى مرتبطة بنشاطات رياضية عادية. ويتابع مدرب خاص المنتسبين الذين يرغبون في التدرّب على الأجهزة الرياضية الخاصة باللياقة، وبناء الأجسام ومزاولة رياضات أخرى داخل الصالات”.
ويعدّ مركز جمعية “سنابل الأمل”، أحد المراكز القليلة في الشمال السوري التي تهتم بالمصابين وذوي الاحتياجات الخاصة الذين يبلغ عددهم أكثر من ثلاثة ملايين، وفق تقرير أصدرته منظمة الصحة العالمية ومنظمة “هانديكاب إنترناشيونال” في ديسمبر/ كانون الأول 2017.
ويشير التقرير إلى أن مليون ونصف المليون سوري تعرضوا لإعاقات دائمة بتأثير إصابات حربية، ومثلهم يعانون من إصابات متنوعة، بينما يصل عدد الذين بترت أحد أطرافهم إلى 86 ألفاً.
وأفاد بيان أصدرته منظمة الصحة العالمية في مارس/ آذار 2019 بأن “نسب الإعاقة في بعض المناطق السورية بلغت 30 في المائة من إجمالي عدد السكان، وأن حوالى 45 في المائة من مصابي الحرب يعانون من إعاقات دائمة تتطلب عناية متخصصة لمدة طويلة بعد انتهاء الأعمال الحربية”.
المصدر: العربي الجديد