بعيداً عن الكتلوك العام الذي تُلحن به إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة وهو أنّ نقل السفارة الامريكية من تل أبيب إلى القدس المحتلة هو أمر رمزي ويُسهل بسرعة عملية السلام بين الجانبين (الفلسطيني والإسرائيلي) ! وعلى ضوء القرار إنّ نقل السفارة ليس جديداً بل (مخيفاً)! حيث ظلت الولايات المتحدة مؤجلة لهذا القرار الذي تقدم به الكونغرس الأمريكي إبان حكم الرئيس – بل كلينتون – سنة 1995 حتى ولاية الرئيس الحالي دونالد ترامب ! فتحرى لتنفيذه بمجيء ذكرى النكبة الفلسطينية 15 أيار 1948 – فحمل هذا التاريخ مُوثقاً لِانتصار(أمريكا – إسرائيل) ! وعاراً أيضاً على العرب والمسلمين! وبالتزامن مع حدث نقل السفارة أعلنت وزارة الصحة في غزة عن استشهاد أكثر من 50 فلسطينيا وجرح أكثر من ألف برصاص الجيش الإسرائيلي خلال مواجهات اندلعت في خمس نقاط على الحدود بين إسرائيل والقطاع ، حيث يتظاهر آلاف الفلسطينيين احتجاجاً على نقل السفارة الامريكية إلى القدس المحتلة / ومازالت مسيرات العودة مستمرة في ذكرى النكبة ، وبالرجوع للقول إنّه حدثاً ليس جديداً بل مخيفاً ! وليس مخيفاً لمن أخذ سباتاً عميقاً – فضمير العرب صار مرضاً معدِياً كالجرب ! ويجب التدواي منه – حال الشعور به – !
نعم إنّه بنقل السفارة إلى القدس ستبدأ مرحلة جديّدة وهي تدويل القضية الفلسطينية ، وهذا من شأنه يجبر الفلسطينيين إلى الخضوع في سلسلة تفاوضية باسم العملية السياسية تُملي فيها إسرائيل مطالبها لا بل شروطها! والوصول بنهاية الأمر لصيغة نهائية تلغي (حق) عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم، وتصبح إسرائيل الوصي القانوني على ممتلكات القدس ، بما يخولها تدمير معالم تلك المدينة العريقة ! وفيما ذُكر هو استدلال عن شكل تلك المفاوضات (الأمريكية – الإسرائيلية) مع الجانب الفلسطيني ؟! وينمِقون الحديث عن عملية السلام وأيّ سلامٍ يزعمون ! إنما هو تدميرٌ للأثر وتطبيع للبشر وسحقٌ للهوية دون النظر ! والسؤال يأخُذنا، ما هو سبب تجرأ الولايات المتحدة على الاعتداء على حقّ من الحقوق الدولية وهو الحفاظ على القدس أن تبقى (عربية مستقلة ) دون المساس بقدسيتها ؟! الفراغ الكبير بين الدول العربية والاسلامية الذي أحدثته الانقسامات والحروب وخصوصاً بعد (ثورات الربيع العربي) وحال الفتن والتنافر والعدائية (أزمة الخليج) وتسويفٍ في حل الخلافات السياسية الداخلية ! فترهلت النفوس وطمست المبادئ وطُبِعت الحقوق لتصبح اعترافٍ بالوجود الإسرائيلي ! والمحصلة ماتت الضمائر الحيّة ! وضمن دائرة الحدث نمرّ على ما حدث في سوريا ونفس السياسة الممنهجة (الأمريكية – الإسرائيلية) كان مخيم اليرموك آخر رصاصة في صدر الحرية والعدالة والكرامة ، حيث دُمر فوق رؤوس ساكنيه ، وتَبِعهُ التهجير القسري الكامل على أيدي بعض الفصائل الفلسطينية التي (أيدتْ ) النظام السوري المجرم ! الطائرات والقذائف المحملة بالمادة الكيميائية (الخانقة – القاتلة )من فوقهم وأسلحة الفصائل الفلسطينية (فصائل العار) من على أيمانهم وشمائلهم !
هل نستغرب بعد هذا لِمَ نفذتْ الإدارة الأمريكية قرارها في نقل سفارتها إلى القدس ؟! كان هذا بما كسبت أيدينا.