تقول موسكو إن المعارضة السورية مفككة ولا داعية لمحاورتها، وهو تصريح غير مسبوق ينتقد المعارضة بشدة بعد تغيرات عميقة في المنطقة ومصالحة أعادت النظام الى الجامعة العربية واختتمت بحضور النظام السوري في القمة العربية في المملكة العربية السعودية.
وتعليقا على هذا، قال المنسق العام لحركة الإصلاح الكردية في سورية، فيصل يوسف، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن روسيا الاتحادية تؤكد في معظم بياناتها سواءً بمفردها أو عبر تحالفاتها مع دول أخرى على ضرورة تنفيذ القرار الدولي 2254 في سياق حل الوضع القائم في سورية وهذا القرار يتضمن دورا للمعارضة في التفاوض مع النظام وقد التئم إجتماع لهيئة التفاوض في جنيف في بداية الشهر السادس من العام الجاري
ولوحظ هناك إجماع بين الأطراف المعنية بالشأن السوري دوليا أن الحل في سورية هو سياسي ووجب أن يكون بمشاركة الأطراف السورية وتشكل المعارضة طرفا رئيسيا في هذه المعادلة وأي تجاهل لهذه الحقيقة يصب في إطار ادارة الظهر لمطالب الشعب السوري المعمد بالتضحيات العظيمة.
واعتبر محدثنا أن أي تراجع عن القرارات والاتفاقات الدولية من شأنه ترك الأزمة تستفحل أكثر لاشك أن المعارضة تعاني من أوجه القصور في ادائها ولابد من تجاوزها ومن واجب الدول التي أقرت القرار 2254 العمل على وحدة المعارضة وتمكينها من ممارسة دورها وهذا ما جاء في حيثيات القرار وكلفت المملكة العربية السعودية حينها للقيام باستضافة القوى السورية المعارضة وتشكيل هيئة تفاوض مع النظام.
وتابع: لأن القضية السورية باتت بأبعاد دولية وإقليمية فإن من مصلحة الجميع إشراك المعارضة في الحل حتى يكون مستداما والا فان تناولها للموضوع من منظور أحادي ستبقيها مفتوحا وتكبر المعاناة ويتحمل تبعاتها الشعب السوري بكل مكوناته ودون شك فإن روسيا تدرك ذلك وتحدثت في أكثر من مناسبة عن أهمية أن يكون الحل شاملا وتشترك فيه كل فئات الشعب السوري.
من جانبه أحمد مظهر سعدو الكاتب الصحافي المعارض السوري، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الانسان، بأن روسيا تحاول في تصريحاتها هذه الإشارة إلى عبثية الولوج بأي حل سياسي دولي أممي مطلوب وهي في ذلك تقول للجامعة العربية التي تتحرك اليوم عبر المبادرة الأردنية التي يحملها إلى كل من أنقرة ودمشق وزير الخارجية الأردني أنه لا حاجة للاستمرار في البحث عن حل سياسي قد يؤثر على وجود النظام السوري برمته التابع لموسكو وطهران، ومن ثم فإن إعادة طرح هكذا مسائل تشوه شكل ووجود المعارضة السورية التي اجتمعت لأول مرة كهيئة تفاوض في جنيف مؤخرا بعد انقطاع دام ماينوف عن 3 سنوات كانت فيها هيئة التفاوض عاجزة عن الالتقاء الفيزيائي نتيجة الخلافات الأيديولوجية والسياسية بين اللاعبين الإقليميين.
وأضاف: معروف أن موسكو اليوم التي تخوض حربا كبيرة مع الغرب في أوكرانيا تحاول عرقلة أية جهود إقليمية أو دولية قد تدور في فلك الغرب، رغم ذلك فإن واقع المعارضة السورية البائس والمتهالك يسمح للسياسة الروسية الإشتغال مماحكة ومناكفة لإظهار قوة النظام السوري الآيل للسقوط وتماسكه المفترض في مواجهة معارضة تريد موسكو إظهارها على أنها مفككة، لكن واقع الأمر يقول إن موسكو وكذلك واشنطن غير معنيتين جديا في الدفع نحو أي عملية إيجاد حل للمسألة السورية ضمن حالة الانشغال بالأهم وركن القضية السورية على الرف وإبقائها في حالة استنقاع مستدامة”.
واعتبر الحقوقي والمحامي وعضو اللجنة الدستورية، محمد علي الصايغ، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن المعارضة السورية من قبل الثورة السورية منقسمة ومشتتة ، وتشتتها ليس لأنها بالطبيعة عصية على إنجاز وحدتها ، وإنما لأن الأنظمة الاستبداية منذ عقود طويلة مارست دوراً كبيرا- سواءً بالترهيب أو الترغيب – في تفتيتها من أجل تأبيد سلطتها.
وفي النظم الديمقراطية يفرض التنافس الديمقراطي انبثاق التجمعات ، واندماج في الأحزاب ذات التوجه الواحد، وكثيرا ما يجري اختصار القوى السياسية إلى حزبين متنافسين أو ثلاثة أحزاب رئيسية تمثل قاعدة عريضة من الشعب .
وأكد المحامي السوري أن الثورة السورية جاءت وكان من المأمول أن تتوحد المعارضة مع توحد الحراك الشعبي حول مطالب التغيير ، ولكن تحول الحراك عن سلميته ، وأدخلوه في العسكرة واتسعت دائرة العنف ، ثم تسربت الدول على خط الصراع السوري وتم تدويله ، وتنافست الدول في إلحاق المعارضة السياسية والعسكرية بأجنداتها ، واستخدامها ورقة في تنفيذ مخططاتها ، كل ذلك أدى إلى إزدياد توالد المعارضة واتساع تشرذمها ، بل في أغلب الحالات اقتتال مع بعضها وخاصة ما يخص القوى والفصائل العسكرية.
وأردف: ما تقوله روسيا عن المعارضة حق يراد منه أن تستمر في تشرذمها ، وهي بالتأكيد يمكن أن تعمل ما بوسعها لضرب أي اتجاه للمعارضة نحو وحدتها، ماتقوله روسيا عن تشتت المعارضة ، وهذا لا يخص الموقف الروسي ، بل أمريكا والغرب والعديد من الدول الدولية والإقليمية يكررون بأن لا رأس للمعارضة السورية ، وأن إنقسامها وتشرذمها هو الذي يغلق الباب أمام حل المسألة السورية ، في حين أن الحقيقة اصبحت واضحة خلال التجربة السورية لمدة تجاوزت 12 عاما ، بأن لا مصلحة للدول النافذة بالملف السوري في وحدة المعارضة ، وهي تعمل على إدخالها في صراعات متعددة ، وجرها للتنافس فيما بينها على طلب التمويل من تلك الدول ، من أجل إبقائها خارج اللعبة السياسية الفعلية بما يحول دون تحولها – بوحدتها – إلى قوة حقيقية في فرض التغيير الذي ينشده شعبنا والذي من المؤكد يتصادم مع مصالح الدول المتدخلة بالملف السوري.
وخلص إلى القول: على هذا الاساس أو التصور فإن روسيا – كدولة استبدادية غير ديمقراطية – وهي تفرض حصارا على شعبها وعلى أي معارضة داخلها ، وتواجه أي مطلب من مطالب معارضتها بالملاحقة والاعتقال وكم الأفواه ، من الطبيعي أن هذا النظام الروسي سيكون أكثر إصرارا من النظم الغربية على ضرب أو إعاقة أي توحيد للمعارضة السورية ، فتوحيد المعارضة في مواجهة النظام الذي تدعمه يعني ضرب مصالحها ومشاريعها ووجودها على الأرض السورية .. وكل ما يقال عن تشتت المعارضة هو عبارة عن ذر الرماد في العيون ، للتهرب من إيجاد حل سياسي وفق القرارات الدولية وعلى رأسها خريطة الطريق الذي يرسمها القرار 2254/2015 بما يخدم مصالح الشعب السوري وطموحه في التغيير من نظام الاستبداد الى النظام الديمقراطي المدني التداولي الذي تترسخ فيه معايير المواطنة المتساوية بين جميع السوريين.
المصدر: المرصد السوري لحقوق الانسان