حسن خليل
بكياني عطش صحراوي وبقلبي عشق غزاوي
ومرارة حب قاتلة ومرارة حب مأساوي
في غزةَ نزفٌ وجراحْ وضحايا قتلٌ وبلاوي
وحكاية موتٍ وجنونٍ وحكايا يرويها الراوي
في غزةَ يقتتلُ الإخوهْ وبغزةَ تُغتالُ النخوهْ
والكلُ يحاصرهمْ جيشٌ لا يعرف ما معنى الرحمهْ
في غزة رايات جهادْ وأسودٌ أخفاها سوادْ
وبطولة طفلٍ خارقةٍ ما يخشى سيفَ الجلادْ
وبغزةَ أشلاءٌ تُشوى وقلوبٌ في نارٍ تُكوى
ومناظرُ أطفالٍ ذُعِروا ومشاهدُ أطفالٍ قُتلوا
وشراهةُ قتلٍ لا يروى
لو تقبلُ غزة أن آتي
أمسحُ في منديلٍ أبيضْ دمعاً قد كحلَ مقلتها
وأُطهرُ في دمعةِ عيني ما دنسَ طهرَ كرامتها
ولأدفنَ في قلبي طفلاً مزقهُ قصفُ الأعداءْ
ولأجعل من روحي قبراً وألملمُ تلك الأشلاءْ
ولأرفعَ في كفي نعشاً وأقبلُ أغطيةَ الشهداءْ
وسأعلنُ للدنيا باسمي أنْ هذا عهرٌ وبغاءْ
وأعري صمتاً من حولي قد حاصرَ صوتَ الشرفاءْ
وأُعري لغةً في لغتي وأعري عهرَ الخطباءْ
وأعري أنظمةً خرستْ من تونس حتى البتراءْ
وأعري مَن يزعم حرباً ويحاورُ بالليلِ الأعداء
وأعري مَن يرهن سيفاً ويتاجرُ باسم الشهداءْ
يا غزةُ لا صوتٌ دوى قد ذابت كل الأسماءْ
فلننعَ الأحياءَ الموتى ولنبكِ موتَ الأحياءْ
يا غزةُ لم يبق قرشيٌ وقريشٌ أخذتها الخيلاءْ
وأُميةُ تاهتْ في تيهٍ وتناستْ أنفَ الصحراءْ
وخيولُ أُمية واجمةٌ لطمتها ريحٌ صفراءْ
فدماءُ جراحي راعقة ودماءُ جراحي هوجاءْ
قد جئتُ لأكشف أحقاداً ولأفضحَ تلك البغضاءْ
ولأعلنَ يكفينا زيفٌ ونقرُ بأنّا جبناءْ
وأبينُ عياً في لغتي وأدينُ اللغةَ الجوفاءْ
وأبجلُ من مات شهيداً ولأعلي رايته الخضراءْ
يا غزةُ لن يُهزمَ شعبٌ يتسامى نحو العلياءْ
يستشهدُ منهُ الآلافُ يستلهمُ قيمَ العظماءْ
لن أنسى شيخاً أدبهُ لن أنسى تلكَ الأشلاءْ
كم سبحَ لله وصلى فجراً في عِزِ الظلماءْ
مَن دلَ عليهِ وربي -؟ غيرَ الأزلام العملاءْ
مَن يقتلُ شيخاً في هرمٍ إلا الأنذال الجبناءْ
وسأكتبُ في صفحةِ عقلي قائمةً باسمِ الشهداءْ
وسأحفظُ عشقاً أرقني وسأحفظُ تلكَ الأسماءْ
يا غزةُ أحكي منقفلي وأخاطب أُذناً صماءْ
والعالمُ صمتٌ مِن حولي خطقته [ ليزا ] السمراءْ
ذبحوا في ليلكِ أحلامي وحمامةَ شعري البيضاءْ
واغتالوا غرسةَ زيتونٍ واغتالوا شجرَ الحناءْ
يا غزةُ جفتْ أوردتي وحقولي محلٌ وهباءْ
والخوفُ يحاصرُ أزمنتي وبأرضي حلَّ الغرباءْ
لن يقبلَ في هذا طفلٌ أو حتى شاةٌ بلهاءْ
فالطفلُ يواصلُ ثورتهُ
والأرضُ ستبقى غاضبة وستنجبُ أبطالاً نجباءْ
حزني يتفجرُ في قلبي وتفجرُ مأساتي الأنباءْ
ودموعي لن تغسلَ حزني ودموعي جمرٌ لألاءْ
لا مهربَ مِن موتٍ آتٍ لا مهربَ مِن [ هذي ] البلواءْ
إلّا بدماءٍ طاهرةٍ تجري من أجلكِ حمراءْ