جددت سلطة الأسد مطالبتها لـ تركيا بالانسحاب من شمال غربي سوريا، كجزء أساسي من ضمن عملية التطبيع المفترضة، لكن دون اعتباره شرطا لبدء المحادثات.
هذه المرة جاءت التصريحات على لسان المستشارة الإعلامية لبشار الأسد، حيث قالت إن مسار التقارب مع تركيا لن ينطلق قبل إقرارها بنيتها الانسحاب من سوريا.
ورغم ما تتضمنه تلك التصريحات من لهجة تبدو حازمة، لكنها تمثل عمليا تراجعا في الموقف المعلن، فضلا عن المواقف الحقيقية خلف الأبواب المغلقة، حيث كانت سلطة الأسد تشترط الانسحاب قبل البدء بأية محادثات، فيما تطالب اليوم بالإقرار بنية سحب القوات فقط.
وحول ذلك يقول الكاتب والمحلل السياسي السوري، أحمد مظهر سعدو، لموقع حلب اليوم، إن “ما تتحدث به بثينة شعبان لا يخرج عن كونه بروبغندا إعلامية ليس إلا ..حيث نعلم جميعا أن الأسد أرسل خلال كلمته أمام ما يسمى مجلس الشعب السوري رسائل لينة جدا نحو تركيا”.
وقالت شعبان خلال محاضرة ألقتها أمس الأربعاء في العاصمة البحرينية مسقط، بدعوة من الأكاديمية الدبلوماسية بوزارة الخارجية: “لم نقل إن على الأتراك الانسحاب فورًا لكن عليهم الإقرار بمبدأ الانسحاب، وعندما لا يريدون الإقرار بمبدأ الانسحاب فإننا لن نجلس على الطاولة معهم”.
ويرى سعدو أن مسار التطبيع يتحرك ببطء نتيجة المعوقات الإيرانية، فطهران “تريد حصتها ومصالحها من هكذا تطبيع حتى لا تكون الكعكة بيد موسكو فقط وهو ما تدركه روسيا وتركيا أيضا”.
وبحسب ما نقلته صحيفة “الوطن” الموالية لسلطة الأسد، فإن شعبان اتهمت أردوغان بأنه يستخدم مسألة التقارب كطرح إعلامي فقط لتحقيق مصلحته، معتبرة أن “ما يطرح من قبل الإعلام التركي حول إعادة العلاقات، هو تضليل إعلامي يستخدمه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لكي يحقق مكاسب داخلية أو مكاسب في المنطقة أو مع (الناتو)”.
من جانبه قال حسام نجار الصحفي والمحلل السياسي السوري المختص بالشأن الدولي، إن أنقرة تعمل على “تصفير مشاكلها العامة و الإبقاء على مشكلة قسد و توابعها و تحاول بنفس الوقت تخفيف أو منع دعم بعض دول المنطقة لقسد حسب الرغبة الأمريكية”.
هل ما يزال اللقاء ممكنا؟
قالت مستشارة الأسد، إنه “لا يوجد أي شيء يريد الأتراك تقديمه، هم يريدون أن يحافظوا على ما يقومون به على الأرض وأن يحتلوا أرضنا ويعيثوا فيها فسادًا”.
وجاء ذلك بعد أيام قليلة من تأكيد أردوغان على جديته في الرغبة بالتطبيع، موضحا أنه ينتظر الرد من جانب سلطة الأسد، حيث قال السبت الفائت: “نحن مستعدون لهذا، باعتبارنا دولتين ذات سكان مسلمين، نريد أن نحقق هذه الوحدة والتضامن في أقرب وقت ممكن”.
ويرى الكاتب السوري سعدو، أن “احتمالات اللقاء ما برحت ممكنة حسب مصالح الدول المتدخلة”، منوها بأن “صحيفة الوطن أعلنت سابقا أن اللقاءات مع تركيا يمكن أن تكون قبل نهاية أيلول الحالي.. وعموما فحتى لو جرى بعض التأخير نتيجة أن المنطقة بكليتها باتت على صفيح ساخن وتداخلت فيها الصراعات الدراماتيكية إلا أن توقعات استمرار مسار التطبيع ما زالت على سكة القطار وليس خارجها”.
وبغض النظر عن التصريحات التي تصدر عن سلطة الأسد فإنه “ليس هناك سيادة للقرار السياسي في دمشق بل يتلاعب بهذا القرار الروس والإيرانيون على حد سواء”.
بدوره قال نجار إن أردوغان ربما يسعى لتسريع عملية التطبيع مع الأسد بالتزامن مع الدخول بقوة من البوابة العربية، حيث شاركت أنقرة في اجتماعات وزراء خارجية دول الجامعة العربية في الحادي عشر من الشهر الجاري، “خاصة بعد افتتاح السفارة السعودية في دمشق على نحو رسميي”.
وقال رئيس الائتلاف الوطني السوري “هادي البحرة”، إن دعوات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لإجراء محادثات مع بشار الأسد بعيدة المنال لكن الهدف منها نقل رسالة مصالحة في منطقة يتزايد تشتّت الانتباه فيها بسبب الحرب.
وأضاف في حديث لوكالة “رويترز” أن لقاء أردوغان والأسد “ممكن” على الرغم من أن أنقرة تدرك تمامًا أن سلطة الأسد لا تستطيع حاليا تلبية مطالبها، معتبرا أن تركيا حريصة جدًا على هذا الأمر؛ لأنها تدرك بوضوح ما يتعين عليها تحقيقه “لكنهم يعرفون جيدًا حدود حكومة الأسد”.
ونوّه مظهر سعدو بأن شعبان لم تقل إن على تركيا أن تقبل بشرط الانسحاب، بل أكدت أنه لا بد من الاعتراف بمبدأ الانسحاب وهو ما سبق وأكدته قيادات تركية مرارا، عندما ذكرت أنها غير متمسكة بالبقاء في الجغرافيا السورية.
لكن الانسحاب – يضيف سعدو – سيكون وفق شروط ومصالح تريد أنقرة تحقيقها أولا، متسائلا: “هل يمكن لسلطة الأسد تحقيقها؟”، ومؤكدا أن هذا السؤال يتضمن “لب الموضوع وعقدته في ظل وجود دولة فاشلة في سوريا”.
وكان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أعلن نهاية آب الماضي، التحضير لاجتماع جديد لتطبيع العلاقات بين تركيا وسلطة الأسد، مؤكدًا أنه سيعقد في “وقت قريب جدًا”.
المصدر: حلب اليوم