لا يمكن أن ننفي عن النظام قيامه بمثل هذه الأعمال الإجرامية القذرة، عبر تصفية منير درويش فقد صفى قتلًا واغتيالًا واعتقالًا العديد من معارضيه، وحتى من مؤيدي النظام، ممن يخالفوه الرأي، وهذا الاحتمال وارد، والمطلوب إجراء تحقيق قضائي نزيه بإشراف محققين مختصين من خارج سورية للتأكد من سبب الوفاة.
الإعلان عن موت المعارض السوري منير درويش عضو منصة القاهرة، وعضو هيئة التفاوض من خلال حادث سيارة بدمشق، ومن ثم ما قيل في هذه المسألة، حيث أحاله الكثير من المعارضين، إلى كونه يأتي في سياق الاغتيالات السياسية التي عودنا النظام السوري عليها على مدى عهوده، سواء مع الأب أو الابن. خارج الوطن السوري أو داخله، فماتزال ماثلة في الأذهان كل الاغتيالات التي جرت في لبنان، والتي كان وراءها النظام السوري، وكان أضخمها ما جرى لرفيق الحريري، ومن بعده ومن قبله، علاوة على اغتيال وقتل الكثير من المعارضين السوريين لنظام الأسد الأب ومن ثم الابن، وأهل دير الزور مازالوا يذكرون كيف تم قتل شكور التبان وابنه، وأهل حماة يذكرون، بالإضافة الى الجريمة الكبرى في حماة، كيف قتل النظام طبيب العيون عمر الشيشكلي، وكيف تم التمثيل به عبر قلع عينيه الاثنتين، واغتيال السيدة بنان العطار زوجة عصام العطار، والتي أرسل النظام الأسدي مجرميه إلى ألمانيا لاغتيال زوجها، لكنهم لم يجدوه فقتلوها بالنيابة عنه. وتصفية رجل الدين في السويداء وحيد البلعوس كانت حلقة في مسلسل اغتيالات النظام، ويأتي اليوم مقتل منير درويش ليفتح الباب على مصراعيه، حيث طالبت هيئة التفاوض بتحقيق دولي في مقتله باعتباره أحد أعضائها، ووصف بيان الهيئة “درويش” بالشهيد، محمّلاً النظام السوري مسؤولية مقتله، ومؤكدًا أنه تعرض لعملية دهس أمام منزله، ثم تلتها عملية تصفية متعمدة، كما طالب الجهات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان، بإجراء تحقيق جنائي شفاف بالحادثة. وكان رئيس الدائرة الإعلامية في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، أحمد رمضان، قال: إن ”مخابرات الأسد اغتالت عضو هيئة التفاوض السورية.”
أنس العبدة رئيس الائتلاف الوطني السابق أكد لجيرون قائلًا ” ليس غريبًا على النظام أبدًا أن يقوم باغتيالات لأعضاء في المعارضة السياسية، بل هي منهجية لدى نظام استبدادي احترف اضطهاد وقتل الشعب السوري بكافة شرائحه ومكوناته. وهنالك معطيات ذات مصداقية تدل على أن ما حدث هو ضلوع باغتيال لعضو بارز في الهيئة التفاوضية والوفد المفاوض أيضًا.” ثم قال ” ستقوم المعارضة بتوثيق جميع الأدلة في هذا الاعتداء الآثم لتقديمها بشكل رسمي للأمم المتحدة وكل الجهات ذات الصِّلة. كما سنطلب مناقشة هذا الموضوع في الجولة القادمة في جنيف مع فريق الأمم المتحدة”.
قاسم الخطيب عضو منصة القاهرة ورفيق درويش قال لجيرون ” منير درويش هو عضو منصة القاهرة حضر معنا في القاهرة1، والقاهرة 2، في 22 كانون ثاني/ يناير2015 كما شارك معنا في مؤتمر القاهرة، وعندما تشكلت منصة القاهرة ضمن القرار الدولي 2254 اختير الاستاذ منير كاستشاري، ومن ثم عضو مفاوضات، وعندما دعينا إلى وحدة المنصات في الرياض، أيضًا اختير الأستاذ منير درويش كعضو وفد مفاوض في هيئة الرياض، وفي آخر جولة في جنيف، أي جنيف 8، كنا موجودين في جنيف ومن المقرر أن نسافر إلى الرياض من أجل متابعة اجتماعات هيئة الرياض، ومع الأسف الشديد كانت لدى منير هواجس كثيرة، نحو هذه السفرية، وأراد أن يكون بدمشق في هذه الفترة، حتى يتحسس ردة فعل النظام السوري بعد الرياض، وبعد جولة جنيف 8″ ثم أكد لنا كيف فقد الاتصال به في دمشق بقوله ” مع الأسف الشديد منذ ما يقارب أسبوع فقدنا الاتصال مع منير، عبر وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة به، ومن ثم وصل إلينا الخبر أنه قامت سيارة بدهسه أمام منزله، وهذا كل ما وصلنا، حاولنا أيضًا التواصل معه، ومع الأسف الشديد لم نستطيع أن نتواصل معه مطلقًا، ثم فوجئنا مساء الجمعة بالخبر المؤلم، مع العلم أن أحد الأصدقاء داخل مدينة دمشق، قام بزيارته قبل ذلك في المشفى وطمأننا عنه، وقال إن صحته جيدة جدًا، وتكلم معه ومع زوجته في أميركا(ام مازن) وأكد لنا أن أموره جيدة، وعلى أساس أنه سيخرج من المشفى صباح السبت، وبكل الأسف وصلنا الخبر الساعة العاشرة مساء الجمعة أن منير قد توفي.” ولفت الخطيب إلى عدة إشارات منها ” أن منير دُهس بسيارة أمام منزله، والاصابة بسيطة وتأكدنا أنه شفي منها، وكانت صحته جيدة، والمسؤول عن الذي جرى له أجهزة المخابرات السورية المتهمة بكل السوريين، وليست المرة الأولى إنما أجهزت على الكثير من الناشطين والمعارضين السوريين الجرحى في المشافي كمشفى المجتهد ومشفى ،601 ونحن نطالب المجتمع الدولي بإجراء تحقيق في جريمة قتل منير درويش رحمه الله، وهو مناضل وقامة وطنية بالنسبة لنا، وهذا يعطينا مؤشر كمعارضة سورية خارج الأراضي السورية أنه لا يوجد ضمانات أو أمان لحياة أي مواطن سوري، يعود إلى دمشق، هذا النظام نظام مجرم لا يمكن لنا أن نثق به مهما أعطى من وعود، ومهما أعطى من ضمانات، إنها جريمة نكراء التي قام بها النظام السوري ضد معارض مدني سياسي مؤمن بالحل السياسي، ومؤمن بالعملية التفاوضية”.
منصور أتاسي رئيس حزب اليسار أكد لجيرون أنه” فقدت الحركة الوطنية بوفاة المناضل منير درويش واحدًا من كوادرها المميزين في سلوكه ومواقفه، ولا يمكن أن ننفي عن النظام قيامه بمثل هذه الأعمال الإجرامية القذرة، فقد صفى قتلًا واغتيالًا واعتقالًا العديد من معارضيه، وحتى من مؤيدي النظام، ممن يخالفوه الرأي، وهذا الاحتمال وارد، والمطلوب إجراء تحقيق قضائي نزيه بإشراف محققين مختصين من خارج سورية للتأكد من سبب الوفاة ، حتى يتم إدانة النظام وكشف جرائمه المسكوت عنها دوليًا والتي شجعته لتنفيذ الأعمال القذرة، وكان آخرها قيامه بقصف الغوطة بالكيماوي، وسقوط عشرات الضحايا الأبرياء”.
جبر الشوفي الكاتب والمعارض قال لجيرون ” أنا لا أتهم على الشبهة، وإن كنت أؤكد أن عصابات النظام المتسلط في دمشق لا تتورع عن فعل ما هو أكبر بكثير، فمن رمى آلاف البراميل، وضرب الكيمياوي ليس بريئًا، حتى حين لا يكون فاعلًا بيديه، أو عبر أعوانه، فهو الذي هيأ كل الظروف للقتل، ولشتى أنواع الجرائم”. وناشد المعارضة بأن عليها ” إذا ثبت تورطه في ذلك فبالإضافة إلى فضح جريمته على الملأ يجب إضافتها إلى سجله الإجرامي والمتابعة في طلب محاكمته، حيث لا نستطيع الآن أن نقوم بذلك لفقدان الوسيلة والقوى الداعمة”.
الدكتور تغلب الرحبي تحدث قائلًا أنا شخصيًا أعتبر نفسي جزءً من الثورة وليس المعارضة، كلمة معارضة تعطي الشرعية للنظام لأن المعارضة هي جزء من أي نظام سياسي في العالم، أما عن ظروف وفاة المعارض السوري منير درويش فإن كثير من الدلائل تشير إلى أنه اغتيال. حسب ما قرأت وسمعت أنه تم صدمه بسيارة أمام بيته، ثم تم نقله إلى مستشفى المواساة لإجراء عملية كسر في الساق، وتوفي في المستشفى أثر العملية، ما أعلمه أنه منذ الثمانينات يوجد عملاء في أجهزة المخابرات السورية محترفين في القتل بواسطة الدهس بالسيارات. النظام هو المستفيد الأول من تصفية معارض معتدل من الطائفة المسيحية، خصوصًا بعد موقف منصة القاهرة في مؤتمر الرياض2 والمرحوم منير درويش عضو في هذه المنصة “، وأضاف الرحبي أن ” النظام الأسدي اختطف العديد من المعارضين داخل وخارج سورية عد الثورة و اغتال العديد منهم في الخارج. وله سجل طويل في الاغتيالات السياسية في لبنان وألمانيا وفرنسا. طبعًا من المستحيل إثبات أن حادث السير الذي أودى بحياة منير درويش كان مدبرًا لعدم إمكانية وجود فريق تحقيق مستقل ولكنه غير مستبعد وأنا أميل إلى أن يكون الحادث مدبرًا من قبل مخابرات النظام، ليضاف إلى سلسلة الاغتيالات التي قام بها النظام المجرم في عهدي الأب والابن ” ثم أضاف ” لم أسمع برد فعل من المعارضة أما الثورة فما زالت على موقفها من النظام والاحتلال الأجنبي ومحاسبة هؤلاء المجرمين على كل جرائمهم بقتل مليون سوري والتسبب بإعاقة مئات الآلاف واعتقال مئات الآلاف و تهجير 7 ملايين خارج سورية و 9 ملايين داخل سورية. وهي جريمة العصر جريمة التغيير الديمغرافي في سورية”.
المصدر: جيرون