بسرعة لافتة، وبعيداً عن الإعلام، وافق مجلس الشعب السوري بالأغلبية، الثلاثاء، على مشروع قانون يتضمن تعديلات على بعض مواد قانون الأحوال الشخصية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 59 للعام 1953.
وكالة الأنباء الرسمية “سانا” قالت إن اقرار البرلمان للمشروع جاء “بعد مناقشته خلال جلسات سابقة وإحالته للجان المختصة لإجراء التعديلات المطلوبة”. وطالت التعديلات أكثر من 70 مادة بحسب ما قاله وزير العدل هشام الشعار. ولم تُنشَر كامل التعديلات، ولا رقم مشروع القانون، ولا الاعتراضات على بنوده. ويأتي ذلك ربما، في مسعى من النظام لضبط ردود الأفعال، وعدم إثارة مكونات المجتمع السوري، الطائفية والإثنية، المحتقنة أصلاً بسبب الأزمات المعيشية الخانقة.
واكتفى الوزير الشعار، بالحديث العمومي عن “محاسن” المشروع، وذكر بعض تعديلاته، في ما يخص قضايا الزواج والطلاق والحضانة والولاية على الأولاد، وتحديد النسب، وقبول الوصية لأولاد البنت المتوفاة قبل والديها. واعترف بـ”قصور” التشريعات السابقة التي استمرت أكثر من نصف قرن وعجزها عن مواكبة المتغيرات التي حصلت في المجتمع.
ومن أهم التعديلات هي اعتبار عقد الزواج شريعة المتعاقدين، بما يعطي الحق للزوجين بتقييد عقدهما باشتراطات مسبقة لا تخالف الشريعة الإسلامية ولا القانون، مثل اشتراطات تخص الزواج الثاني والسفر والعصمة والعمل ورفض الإقامة مع زوجة ثانية. كما تراعي التعديلات الجديدة القوة الشرائية للمهور في أزمنة توثيقها، في حال حصول الطلاق. ولم يتم الإيضاح إذا كان لهذا التعديل مفعول رجعي.
وتمنع التعديلات الجديدة الأب من إكراه بناته على الزواج، مشترطة القبول الصريح للفتيات بالشريك المفترض، حتى في حال وجود الوكالة مع الأب. ورفعت التعديلات سن التزويج لدى الفتيات والشبان من 17 إلى 18 عاماً.
وفي ما يخص الحضانة، منحت التعديلات الأب حق الحضانة لأولاده بعد زوجته، بعدما كان الحق ينتقل إلى أم الأم. وأعطي أولاد البنت، حق الاستفادة من الوصية في حال وفاتها قبل والديها بعدما كان الأمر مقتصراً على أولاد الأبناء الذكور. وأتاحت التعديلات تحاليل الحمض النووي أو البصمة الوراثية كآلية معتمدة شرعياً لإثبات النسب.
ويحاول النظام استثمار التعديلات بوصفها انجازاً يدل على شكله الحضاري، وتلميع صورته، إلا أن سرعة مناقشة وإقرار المشروع الحالي تثير الشكوك. وتشير التعديلات الأخيرة إلى تبعية وانصياع التيار الديني الرسمي، للنظام بالكامل، وعدم قدرته على ممانعة أي من التشريعات. ويتوافق التيار الديني الرسمي والنظام، فقط في اللحظات التي يرغب فيها النظام بإبقاء الوضع كما هو، لتحميل المجتمع أسباب التخلف والفساد، واعتبارها ذات جذور ثقافية واجتماعية بحتة.
الوزير الشعار أكد هذا المنحى بقوله إن التعديلات جاءت لتكون “أكثر توافقاً مع الدستور، والتشريعات الوطنية والدولية”.
رئيس “اللجنة الدستورية والتشريعية في المجلس” النائب أحمد الكزبري، أوضح بحسب صحيفة “الوطن”، أن من أهم التعديلات “حصر رخصة الزواج، أي موافقة شعبة التجنيد، بالعسكريين العاملين المتطوعين فقط، وإدخال البصمة الوراثية في إثبات النسب عند التنازع”. وأشار الكزبري إلى أنه مضى 66 عاماً على صدور قانون الأحوال الشخصية وجرى عليه تعديل واحد بالقانون رقم 34 لعام 1975 وشمل 29 مادة فقط بينما التعديل الحالي تضمن تعديل 71 مادة.
وأكد الكزبري أن القانون يتوافق مع “الفقه الإسلامي، الذي هو مصدر رئيسي للتشريع” مشيراً إلى أن هذا التعديلات شملت “تثبيت اجتهادات مستقرة للغرفة الشرعية في محكمة النقض، وبذلك أضحى بعض هذه الاجتهادات مواد قانونية”.
المصدر: المدن