رائد جبر
تنطلق اليوم في عاصمة كازاخستان، نور سلطان، جولة المحادثات الجديدة في إطار «مسار آستانة» بحضور ممثلي البلدان الثلاثة الضامنة وقف النار في سوريا: روسيا وتركيا وإيران، ووفدي الحكومة والمعارضة في سوريا، ويضم الأخير ممثلين عن الفصائل المسلحة القريبة من تركيا، فضلاً عن المبعوث الدولي إلى سوريا، غير بيدرسن، الذي يحضر مع ممثلي الأردن بصفة مراقب.
وتعول موسكو التي أجرت خلال الأيام الأخيرة الماضية محادثات مع أنقرة وطهران على مستوى وزراء الخارجية، على إطلاق العمل في ملف تشكيل اللجنة الدستورية خلال الجولة الحالية، ورغم أنها وجهت انتقادات قوية إلى الأمم المتحدة، وحذرت من انجرارها «خلف أطراف تعمل على تقويض مسار آستانة» وفقاً لتعبير الوزير سيرغي لافروف، فإن مصادر الخارجية الروسية أكدت أن التنسيق يجري لإطلاق عمل اللجنة الدستورية في أسرع وقت ممكن. ولم تستبعد أن يتم خلال جولة آستانة الإعلان عن توصل الأطراف الضامنة إلى تفاهمات حول تشكيلة اللجنة، من أجل تقديمها إلى بيدرسون.
رغم ذلك، بدا أمس، أن موسكو لا تعول على تحرك سريع من قبل الأمم المتحدة في هذا الشأن، وأعلن نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي فيرشينين، أن «روسيا سوف تعمل كي تبدأ اللجنة الدستورية السورية عملها قبل فصل الصيف». وقال فيرشينين للصحافيين: «نحن نفعل كل ما بوسعنا».
وكان وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، قد أكد في وقت سابق أن طهران ستواصل المساعي لتشكيل لجنة صياغة الدستور السوري، وعلى صعيد تبادل الأسرى وعودة اللاجئين السوريين، مجدداً تأكيده على ضرورة احترام وحدة الأراضي السورية.
وترى أوساط دبلوماسية روسية أن اجتماع آستانة الذي ينعقد رغم اتضاح وجود خلافات أساسية بين الضامنين، على مستقبل العملية السياسية في سوريا وآليات دفعها، سيكون قادراً على الخروج باتفاقات على صعيدي «اللجنة الدستورية وملف الأسرى والسجناء». وتعول موسكو على إعلان تقدم في الملف الأخير الذي ظل يراوح طويلاً من دون حل خلال جولات آستانة الماضية. وتزامن وضع اللمسات النهائية على ترتيبات اجتماع آستانة، مع انعقاد مؤتمر الأمن في موسكو الذي تنظمه سنوياً وزارة الدفاع الروسية، وبدا واضحاً أن ملف سوريا يشغل حيزاً أساسياً على جدول الأعمال هذا العام. وافتتح وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أمس المؤتمر بالدعوة إلى الدفع باتجاه الحوار لتسوية الأزمة السورية، وإعادة الإعمار وعودة اللاجئين إلى ديارهم، ورفع كل المعوقات أمام جهود تهيئة الظروف الحياتية. ووجه شويغو انتقادات قوية إلى واشنطن، وتطرق إلى ملف الثروات النفطية في سوريا، وقال إن «تهريب النفط مستمر في الأراضي السورية الخارجة عن سيطرة الحكومة». وأوضح أن تنظيم «داعش» تخطى حدود العراق وسوريا إلى الشرق الأوسط، بفضل التمويل الأجنبي، مضيفاً أن «تهريب النفط مستمر في الأراضي الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية. والصور تظهر قوافل نفطية ممتدة لكيلومترات ليباع بشكل غير قانوني. وهنا السؤال: إلى أين تذهب الأموال العائدة من بيع هذا النفط؟».
وأشار شويغو إلى أنه من الضروري، أولاً وقبل كل شيء، استعادة البنية التحتية والاقتصاد، وحل المشكلات الإنسانية، التي من دونها لن يكون من الممكن ضمان عودة اللاجئين على نطاق واسع من الخارج، لتكثيف الحوار السياسي في البلاد.
من جهته، أعاد رئيس الأركان الروسي، الجنرال فاليري غيراسيموف، التذكير بأن التدخل العسكري الروسي في سوريا في أواخر سبتمبر (أيلول) 2015 «جنب الدولة السورية الانهيار تحت ضربات الإرهابيين». وقال إن القوات الروسية «بدأت عمليتها في سوريا، تلبية لطلب من دمشق، عندما كانت الحكومة الشرعية في هذه البلاد تسيطر على 10 في المائة من أراضيها، وكانت الدولة السورية مهددة بالزوال في غضون شهر ونصف أو شهرين».
وأشار رئيس هيئة الأركان إلى أن دعم الجيش الروسي المباشر لدمشق، منع ظهور كيان متطرف على أراضي سوريا والعراق، «وفي هذه الحالة كان يمكن أن يستغرق الانتصار على (داعش)، حتى بعد تكاتف جهود أبرز دول العالم، وقتاً أطول وموارد أكثر».
وذكر أن المرحلة العسكرية من الأزمة السورية قد انتهت، ولا تجري في سوريا في الوقت الحالي عمليات عسكرية واسعة النطاق.
المصدر: الشرق الأوسط
Comments 1