إبراهيم درويش
ناقشت رولا خلف في صحيفة “فايننشال تايمز” أثر عقوبات دونالد ترامب على إيران، قائلة إنها تعمل على تقوية وضع الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، وتمهد له الطريق لكي يكون الرئيس الإيراني المقبل. ورغم حذر الكاتبة من إطلاق التكهنات المتعلقة بالشرق الأوسط، لكنها تغامر وتتكهن قائلة: الرئيس الإيراني المقبل هو قاسم سليماني، قائد القوات الخارجية للحرس الثوري ومهندس التأثير الإيراني في المنطقة.
وتستدرك قائلة “لو لم يصبح رئيسا في العامين المقبلين فسيكون أكثر قوة وصانع الملك، ومن يقرر المرشد الأعلى للجمهورية القادم، وهو أعلى منصب في الدولة”. وتقول “لو كنت مخطئة فسألوم صندوق النقد الدولي”. لأنها اكتشفت اثناء قراءتها لأخر توقعات الصندوق حول مستقبل إيران الإقتصادي أن البلد يتجه نحو مزيد من العسكرة. وهو وضع سيفيد الجنرال الإيراني الجذاب سليماني البالغ من العمر 62 عاما والذي ينعم بالمجد، على الطريقة الإيرانية. وتردف قائلة أن العالم الذي يتطلع لإعادة تأهيل إيران وتخليصها من برنامجها النووي سيحمل مصيبا الرئيس دونالد ترامب المسؤولية، ولا شك في كون إيران دولة مثيرة للمتاعب إلا أن موقف الولايات المتحدة الراديكالي الذي يغذي التطرف الإيراني. وهو ما يعطي قاسم سليماني فرصة، ولكن قبل ذلك علينا النظر في سياسات الرئيس دونالد ترامب الذي قال إنه سيلغي الإعفاءات على تصدير النفط الإيراني مما يعني تعرض الدول الأكثر استهلاكا للنفط الإيراني مثل الصين والهند لعقوبات لو استمرت بشرائه. فمنذ خروج الولايات المتحدة من الاتفاقية النووية عام 2015 انخفض انتاج النفط الإيراني للنصف أي 1.3 مليون برميل في اليوم. وتهدف الإدارة لتخفيضه إلى “صفر”. ولهذا السبب يتوقع صندوق النقد الدولي تقلص الإقتصاد الإيراني بنسبة 6% هذا العام ويرتفع التضخم إلى نسبة 40%. وربما أصبحت التوقعات سيئة جدا، وهذا يعتمد حجم النفط الذي تبيعه إيران. وجاء القرار الأمريكي بإلغاء الإعفاءات بعد خطوة أخرى غير مسبوقة وهي تصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية. وهذه هي أول مرة تقوم فيها الولايات المتحدة بتصنيف جزء من الحكومة كمنظمة إرهابية.
وترى الكاتبة أن الحملة المستمرة التي يشنها البيت الأبيض اتسمت بدعم أعمى لمنافسي إيران بالمنطقة، خاصة السعودية وإسرائيل. ورغم نفي الولايات المتحدة أن سياسياتها تهدف تغيير النظام لكن الهدف واضح: وهو إشعال اضطرابات داخلية تؤدي للإطاحة بقيادة الجمهورية الإسلامية. هذا إذا كانت أمريكا تفكر بالخيار العسكري الاحمق. وتقول إن معظم الضغط استهدف الجنرال سليماني. ولكن الضغوط هذه تعزز من صورته كبطل قومي. فهو يقود فيلق القدس الذي يدير العمليات في المنطقة وتحاول الولايات المتحدة وحلفاؤها الحد من نشاطاته. وتضم نشاطاته دعم النظام الإجرامي لبشار الأسد في سوريا ونقل السلاح والخبرة العسكرية للاعبين غير الدول في لبنان واليمن. وتقول خلف إن القادة العسكريين الإسرائيليين مهووسين بسليماني لدرجة قيام القوات العسكرية الإسرائيلية بنشر تغريدة في عيد ميلاده وحملت صورة كعكة ببطاقات مباركة من كل الجماعات الوكيلة لإيران، وتنفجر الكعكعة مع نهاية التهاني. ورغم الشكاوى من المواطنين الإيرانيين حول دور فيلق القدس والجهود المالية التي تنفق على عملياته الخارجية إلا أنهم مدينون له لأنه أبعد تنظيم “الدولة” عنهم ويتوقعون أن يكون على خط الدفاع الأول حالة تعرضت البلاد لهجوم امريكي. ويحمل الإيرانيون مواقف محببة منه، بنسبة 2 من كل 3 إيرانيين حسب استطلاع أجراه مركز الدراسات الدولية والأمنية بجامعة ميريلاند. ولم يظهر الجنرال وبذكاء أية طموحات سياسية وأقام علاقات مع معسكر المتشددين والمعتدلين. ولا يعرف للجنرال أنه صاحب مصالح اقتصادية، رغم ما يعرف عن دور الحرس الثوري في الاقتصاد والفساد. ويبدو سليماني في القضايا الاجتماعية أقل تشددا حيث تحدث مدافعا عن المرأة التي لا تريد ارتداء الحجاب وشجب المضايقات ضدها. صحيح أن هناك قيود أمام رجل عسكري ليصبح رئيسا في بلد يحكمه الملالي. ولكن الحرس الثوري لديه سلطة واسعة في إيران. وفي حالة شعر الإيرانيون أنهم في حرب كما هو الأن فربما لجأوا إلى رجل عسكري وطني لحمايتهم. وكلما زادت الضغوط كلما صعد نجم الجنرال سليماني.
المصدر: القدس العربي