مصعب عيسى
تكاثفت النار واتحدت …كأنما القيامة قامت ،امتلأت الارض بالحمى واصيبت بدوار النكبة ،تهز مضاجع تضاريسها تتفقد ذاكرتها وتتلمس بقايا الحكايات على وجهها البائس ، مر على طيفها خيالات لآلاف السنين ووصية الجدّة منحوتة على جذع شجرة هي اقدم عمرا من كل الغزاة العابرين والطغاة رويدا رويدا راحت حمم النار تقترب اكثر فأكثر من وجه المدينتين أيعقل ان تكون ظاهرة كونية ناجمة عن احتراق بقايا نيازك وشهب ، لكن المشهد كحلي داكن والمنظر يوحي بشيء اكثر رعبا ..و بعدا ربما هو مذنب هرب من مسار المجموعة الشمسية وانحرف جنوبا على وشك الارتطام بسطح المنزل المجاور لكن صوت اطفال المعمورة في تلك الساعة المتأخرة ليلا كان اكثر صراخا وحدهم الاطفال من يملكون استشعارا عن بعد لفرط حساسيتهم بالحاسة السادسة ذاك انهم جميعا توائم أشقاء على اختلاف مسمياتهم وجنسياتهم و معتقداتهم الطفل واحد في كل العصور والامكنة فأينما يصرخ طفلا او يتألم ، لو انصتنا جيدا لسمعنا صدى صراخه في قعر دارنا لكن الصراخ في هذه الليلة المباركة اكثر وجعا وحرقة وأوضح مأساةً لما هذا البكاء يا طفلتي في هذه الساعة المتأخرة قبيل سطوع الهلال ؟ كانت أصوات الأجسام النارية في سماء المدينتين يزداد قربا من الجسد انها طائرات حربية بدأ الطوفان الدموي …. راحت حمم الطائرات تدك الذاكرة الجمعية بالحقد والقنابل تبعثرت أركان البيت القديم.. وتمزق وجه الارض من جديد نزف التراب دما وضحايا في إدلب.. كما في غزة تجمعت أرواح الأطفال الشهداء تزفهم دموع الأمهات ملتقية في سماء شعبان ترسم بدمائهم هلال الشهر المبارك صياما مباركا يا عرب.. في السماء حمم ..وأرواح اطفال المدينتين تتلو ما تيسر من سورة الإسراء وفاتحة الدم والحديد وآيات من سورة الشهداء ذهب الظمأ ..وابتلت عروق الطغاة بدم الأبرياء فمن شهد منكم الشهر …فليقرأ على الوطن سورة الإخلاص قل هو الله الأحد …قل هذا الدم الممتد من غزة الى إدلب ..واحد احد ولنا في الأقبية أرواح تؤدي صلاة التهجد وتقوم الليل عن أمة بأكملها ..يصلون للشمس خلف القضبان …أليس الصبح بقريب فمن شهد منكم الشهر ..فليبلغ عن اطفال غزة وأطفال إدلب رعب الملحمة صراخ الأطفال في هذه الليلة سيعلو ..ويصدح …ويطير عاليا ربما الى اخر السموات نعم سيحدثون الله عن المجزرة اللهم هل بلغت اللهم فاشهد .