هبة محمد
وسط صمت دولي تتواصل محرقة إدلب التي ترتكبها قوات النظامين السوري والروسي شمال غربي سوريا، والتي أسفرت عن تهجير نحو ربع مليون نسمة، وتقدم القوات المهاجمة وانتزاع السيطرة على مدن وبلدات في ريفي إدلب وحماة، الامر الذي دعا فصائل المعارضة المسلحة الجمعة إلى شن عملية عسكرية، باتجاه المنطقة منزوعة السلاح في ريف حماة الشمالي، لاستعادة السيطرة على بلدة كفرنبودة، وحسب مصادر عسكرية فإن المجموعات المقاتلة شكلت غرفة عمليات مشتركة تضم هيئة تحرير الشام والجبهة الوطنية للتحرير.
وشن مقاتلو «تحرير الشام» والجيش الحر هجوماً عنيفاً على جبهة كفرنبودة من جهة قرية القصابية جنوب مدينة إدلب وناحية خان شيخون في منطقة معرة النعمان بريف إدلب لوقف تقدم قوات النظام، في ريف حماة الشمالي والشمالي الغربي.
وأعلن النقيب ناجي مصطفى المتحدث العسكري باسم الجبهة الوطنية للتحرير استهداف مواقع قوات النظام في كفرنبودة بصواريخ مضادة للدروع حيث نتج عن الهجوم تدمير وحرق مجموعة من الآليات وعطب قاعدة عسكرية ومقتل مجموعة من عناصر النظام في الموقع العسكري.
وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان ارتفاع حدة المواجهات على محور كفرنبودة في القطاع الشمالي من ريف حماة، بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وهيئة تحرير الشام من جهة أخرى، إثر هجوم معاكس نفذته تحرير الشام بغية استعادة السيطرة على بلدة كفرنبودة، حيث ترافقت الاشتباكات مع عمليات قصف مكثفة براً وجواً بالإضافة لاستهدافات متبادلة، وسط معلومات عن تمكن تحرير الشام من التقدم في المنطقة.
في حين نفذت مقاتلات النظام الحربية عشرات الغارات على مدن وبلدات حماة وإدلب في خان شيخون والهبيط والقصابية، ومحيطها، وهو ما أكده مدير الخوذ البيضاء مصطفى الحاج يوسف حيث قال الجمعة «لدينا شهداء واصابات والكثير من الجرحى، بعد ان استهدف الطيران الحربي والمروحي مدينة خان شيخون بعشرات القذائف». معبراً لـ «القدس العربي» عن عجز فرق الدفاع المدني عن توثيق إحصائية لعدد القذائف والصواريخ حيث تتولى المهمة أسراب من الطائرات ومقاتلات السوخوي 24 وسوخوي 22 وإضافة إلى قصف المنطقة بالمدفعية الثقيلة، «الى الآن لدينا 4 قتلى ومجموعة كبيرة من الجرحى لا سيما كفرنبل التي استهدفتها قوات النظام بصواريخ أرض أرض من معسكراتها في بلدة حلفايا، إضافة إلى راجمة الصواريخ والصواريخ العنقودية».
ووثق المرصد السوري منذ الثلاثين من شهر نيسان/أبريل الفائت، وحتى العاشر من أيار، مقتل 237 شخص وذلك منذ بدء التصعيد الأعنف على الإطلاق ضمن منطقة «خفض التصعيد»، بينهم 96 مدنياً و13 طفلاً و26 سيدة، ممن قتلتهم طائرات النظامين السوري والروسي، بالإضافة للقصف والاستهدافات البرية.
قرار حرق إدلب لم يأت من فراغ، حسب ما عقب المعارض السوري عمر كوجري، إزاء الأوضاع المأساوية في شمال غربي سوريا، حيث قال إن روسيا والنظام، ومعهما إيران لكن «بهمة أقل» ليس لديهما الوقت لتجريب ومعرفة أمزجة المجتمع الدولي، ادلب بملايينها الأربعة ستتعرض لمحرقة كبيرة حقيقة رغم تصريح بوتين أن الاجتياح سيحصل ولكن ليس الآن.. وإذا ظل الخفوت الدولي بهذا المستوى.. فالنظام وروسيا اقنعا العالم بأن ما يوجد في ادلب عبارة عن قتلة وارهابيين وجماعة «الباصات الخضر» وإذا تمت استمالة تركيا فستغلق الحدود في وجوه هذا البحر من البشر… وبالتالي لا خوف «أوروبياً» من موجة الهجرة نحوها طالما أن تركيا ستتكفل ببقاء هؤلاء تحت رعب النار يحترقون.
على مستوى المعارضة المسلحة فهي حسب قراءة المعارض «بشقيها المسلح والسياسي غير جديرة بتمثيل الشعب السوري وتمثُّل جراحاته العميقة والغائرة منذ العام 2011 إلى الآن .. لا هيئة التفاوض.. ولا الائتلاف.. ولا غيرهما من التشكيلات التي كانت وبالاً على الشعوب السورية» مضيفاً «هؤلاء لا حول لهم ولا قوة».
وأعربت جامعة الدولة العربية عن قلقها إزاء التبعات الإنسانية للتصعيد العسكري على ريفي إدلب وحماة، رافضةً أي عملية تستهدف المدنيين والمنشآت العامة.
وقال السفير محمود عفيفي، المتحدث الرسمي باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية إن أمين الجامعة أحمد أبو الغيط، يُتابع بقلق التبعات الإنسانية للعمليات العسكرية في شمال غربي سوريا، منذ نهاية الشهر الماضي، والتي تكثفت بصورة كبيرة خلال اليومين الماضيين، وما خلّفته من ضحايا مدنيين، فضلاً عن تدمير عددٍ من المنشآت المدنية كالمستشفيات والمدارس.
ورفض عفيفي رواية النظام حول محاربته التنظيمات الإرهابية، وأكد ضرورة أن تكون متسقة مع القرارات التي أصدرتها الجامعة، مشدداً على أن «استهداف المدنيين أو خرق القانون الدولي أمرٌ مرفوضٌ ومُدانٌ، كما أنه لا يخدم هدف الاستقرار وجلب السلام إلى سوريا.
رئيس هيئة التفاوض السورية نصر الحريري أكد أن النظام يتخذ الإرهاب ذريعة لقتل المدنيين الأبرياء، مستنكراً الصمت الدولي حول ما وصفه بـ «المجزرة والمحرقة» التي تقوم بها قوات نظام الأسد وروسيا بحق المدنيين في ريفي إدلب وحماة. وأضاف في تصريحات صحافية أن وسائل الإعلام العالمية أيضاً «تغض النظر عن تغطية ما يحدث» في المنطقة التي تتعرض لعمليات قصف وحشية منذ 26 نيسان/أبريل الماضي مما أدى إلى سقوط المئات من الضحايا ونزوح نحو 300 ألف مدني.
المصدر: القدس العربي